تحفظ الجانب المصرى على سيارة جديدة يجدد خلافات المنشأ القديمة تراجع تجارة البلدين إلى 450 مليون دولار نتيجة احترازات الجائحة شهدت العلاقات التجارية المصرية المغربية أزمة حادة، هى الأشد من نوعها منذ توقيع البلدين اتفاقاً تجارياً مشتركاً سنة 2004 هو اتفاق أغادير والذى ينص على تحرير التجارة بينهما. بدأت إرهاصات الأزمة قبل بضعة أيام عندما تلقى اتحادا الصناعات والغرف التجارية شكاوى عديدة من مصدرين مصريين بإحتجاز منتجاتهم المصدرة إلى السوق المغربى دون إبداء أسباب واضحة. ووصل عدد الحاويات المحتجزة إلى نحو 150 حاوية تشتمل على منتجات وسلع هندسية، وأثاث، ومنتجات كيماوية، وسلع كهربائية ومنزلية. وتمثل السبب المعلن فى الأزمة عدم مطابقة السلع المصرية المصدرة للمواصفات الفنية، وهو ما كان محل استغراب من المصدرين نظراً لقيامهم بتصدير السلع ذاتها لعدة سنوات دون أى مشكلات. وبدا من المدهش ادعاء الجانب المغربى عدم موافقة السلع المصرية لقواعد المنشأ وأن كثيراً منها سلع صينية، يتم إعادة تصديرها على كونها سلعاً مصرية. وكشف رأفت الخناجرى، رئيس شعبة الصناعات المغذية للسيارات السبب الحقيقى لإيقاف استيراد السلع المصرية، موضحاً أن مصر تحفظت على السماح بإدخال ماركة سيارات مغربية جديدة للسوق المصرى دون رسوم جمركية والمنتجة فى طنجة. ومن المعروف أن مصر تستورد السيارة رينو المغربية المنتجة فى كازابلانكا بصورة مستمرة منذ توقيع الاتفاق. وأوضح أن تحفظ مصر على الماركة الجديدة للسيارة المغربية جاء بسبب رفض السلطات المغربية اعتماد دخول أى من السيارات أو الأوتوبيسات المصرية إلى السوق المغربى خلال السنوات الأخيرة. وأشار إلى أنه كان من الغريب أن ترفض المغرب قبول أوتوبيسات مصرية تتمتع بمكونات محلية تزيد على 80% ويتم قبولها فى الاتحاد الأوروبى بدعوى عدم اعتمادها فنياً. واشترطت لجنة التفاوض بين البلدين قبول دخول السيارة الجديدة المغربية إلى مصر مقابل السماح للأوتوبييسات المصرية لدخول السوق المغربى، وهو ما لم يتم حسمه مؤخراً، ودفع وزارة التجارة فى مصر إلى ترتيب اجتماع إلكترونى بين مولاى حفيظ العلمى وزير التجارة المغربى، ونيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة فى مصر. وشكت الوزيرة المصرية خلال اللقاء من صعوبة دخول كثير من السلع المصرية والعمالة إلى السوق المغربى، خاصة فى الآونة الأخيرة، بينما أكد الوزير المغربى أنه تلقى شكاوى عديدة من المستثمرين فى بلاده بشأن صعوبة إجراءات التصدير والتعامل التجارى مع مصر. ولم ينجح الاجتماع فى الوصول لحلول عملية للأزمة الحادة، بل زاد الأمر سوءاً بعد إذاعة اجتماع لوزير التجارة المغربى مع رجال أعمال مغاربة قال لهم فيه إنه سيصعد الأمر ضد السلع المصرية حال التعنت فى قبول السيارة الجديدة. وقال وزير التجارة المغربى بالنص فى الفيديو الذى تم بثه على تطبيق «اليوتيوب» بشكل غير لائق.. لقد قلت للوزيرة فى مصر نيفين جامع بشكل واضح وصريح: أنا إللى خلقت لك المشكلة، وأنا هخلقلك مشاكل أكثر.. إنتم قلتم حنتعامل كإخوة ولكن هذا غير صحيح، وإذا حاصرتم السلع المغربية سنحاصر السلع المصرية. وذكر أحد كبار المصدرين ل«الوفد» أن لديه منتجات محتجزة بقيمة عشرة ملايين دولار منذ بضعة أيام فى الموانئ المغربية، ما يكلفه غرامات كبيرة ويسبب خسائر فى الوقت ذاته للمستورد المغربى. فى الوقت ذاته، وكرد فعل مباشر أوقفت سلطات الجمارك المصرية بعض الشحنات المغربية المصدرة لمصر للفحص الفنى والذى يستغرق وقتاً يراه المصدرون أطول مما يجب. ويبدو أن اتصالات جديدة شهدتها علاقات البلدين مؤخراً دفعت السلطات المصرية إلى محاولة تهدئة الأمر مرة أخرى. وكشف مصدر مسئول ل«الوفد» أن الحكومة المصرية قررت الإفراج عن كافة الشحنات المحتجزة مؤخراً تأكيداً لحسن النوايا. وتبلغ تجارة البلدين نحو 450 مليون دولار، تتضمن صادرات مصرية بقيمة 350 مليون دولار، بينما تمثل صادرات السيارات أهم بند فى بنود صادرات المغرب إلى مصر. وكان حجم التبادل بين البلدين قد وصل إلى ذروته عام 2018 إذ تجاوز ال700 مليون دولار، ويبدو أن الإجراءات التى تم اتخاذها مؤخراً فى كلا البلدين تفاعلاً مع جائحة كورونا كانت لها انعكاسات سلبية على حركة السلع. ويرى عدد من رجال الصناعة أن الاتفاق الذى وقع قبل سبعة عشر عاما لم يصب فى مصلحة الصناعة الوطنية، وأن كثيراً من السلع الصناعية المصرية لم تجد فرصاً جيدة فى السوق المغربى كما كان متوقعاً. وقال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، إن نجاح أى اتفاق تجارى يتطلب وجود توازن فى التعامل خاصة فى السلع الصناعية، وأنه لا يوجد مبرر منطقى لرفض دخول الأوتوبيسات المصرية إلى السوق المغربى. وأوضح أنه من المفترض أن قبول الاتحاد الأوروبى لأى منتج مصرى يعنى بالضرورة أنه لا يمكن رفضه فنياً من جانب المغرب، وهو ما حدث مع الأوتوبيسات.