اتصل بى عدد من الناشطين والقانونيين بعد مقالى السبت الماضى عن ضرورة وضع ملف قتل الثوار وتعذيبهم وآخرهم محمد الجندى، رحمه الله، أمام المحكمة الجنائية الدولية, وجاءت شهادة شريف البحيرى الإخوانى المنشق والشاهد على تعذيب وقتل محمد الجندى فى معسكر الأمن فى الجبل الأحمر, الشهادة التى أدلى بها فجرت الموقف بعد أن رأى بعينه وسمع بأذنه تورط ثمانية عشر شابا من الإخوان المسلمين فى تعذيب الجندى وسحله وقتله ثم فاجأنا الشاهد بأنه أصبح معرضا للاغتيال من قبل جماعة الإخوان، والخطير فى الأمر أنهم كانوا يريدون دفع الشباب الذين يقومون بتعذيبه بالاعتراف على قيادات جبهة الانقاذ بأنهم موَّلوهم بمبالغ مالية بهدف قلب نظام الحكم وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة وليست هذه هى المرة الوحيدة, فقد سبق أن قامت مليشيات الإخوان بهذا الأمر فى أحداث الاتحادية الأولى بأن قاموا بالقبض والتعذيب والترهيب للحصول على اعترافات مماثلة حتى يزجوا بالدكتور البرادعى وحمدين صباحى وعمرو موسى والسيد البدوى الى غياهب السجون, والغريب أن يخرج علينا قيادات الإخوان ويمارسوا الكذب السياسى علنا بقولهم إن الجندى مات فى حادثة سيارة, لكن المؤسف حقا أن يخرج علينا وزير العدل المستشار أحمد مكى ليقول إن لديه معلومات بأن الجندى قتل فى حادث سيارة.. هذا المكى الذى صدقناه يوما فى 2005 وتصورنا أنه القاضى العادل الذى يطالب باستقلال القضاء بعيدا عن السلطة التنفيذية، وبعدما تولى وزارة العدل أهدرت سيادة القضاء بعد حصار المحكمة الدستورية العليا لمنع قضاتها من الدخول للحكم فى أحكام حل مجلس الشورى وحل الجمعية التأسيسية ولم ينطق هذا المكى ببنت شفة أو حتى يعبر عن امتعاضه بل خرس وسكت تماما، ثم خرج - لا فض فوه - ليقول إن الجندى قتلته سيارة برغم وجود شاهد عيان, رضى الرجل بدور المحلل للتعذيب وإهدار القانون.. الشعب المصرى الآن لا يثق فيه ولا فى النائب العام الإخوانى ولا يهتم فهو فى نظرهم جاء بطريق غير شرعى ولا فى تحقيقاته التى لن يثق فيه أحد ولا فى تقرير الطب الشرعى التابع لوزارة العدل خاصة أن أحد كبار رجال الطب الشرعى السابقين شاهد الجندى فى المستشفى ومعه عدد من زملائه وأقر أن ما حدث له كان نتيجة للتعذيب فالطب الشرعى تابع لوزير العدل المحلل وبالتالى فإن الحل يكمن فى كشف فساد هذه الجماعة بأن تكون هناك لجنة تحقيق دولية لتحقق فيما حدث للجندى وجيكا وكريستى وما كان فى أحداث الاتحادية الاولى والثانية من قتل وتعذيب للثوار، كما حدث فى لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى, ان لجنة التحقيق الدولية ستكشف لنا كل الحقائق وتوضح لنا من هو الصادق ومن هو الكاذب, فدم الجندى لن يذهب هدرا لأجل عيون الإخوان، تلك الجماعة التى زرعت منذ الأربعينات بذور العنف السياسى بل إن هناك عشرين دولة فى العالم على رأسها أمريكا وبريطانيا ودول اسكندنافيا ودول أوروبية أخرى ترى محاكمة أي مسئول فى العالم على جرائم التعذيب أمام محاكمها وأنه فى حالة صدور حكم من هذه المحاكم يتم تطبيقه على المسئول المتهم اذا دخل الى هذه الدول وتصل العقوبة الى السجن المؤبد, أن وضع الشهادات الموثقة وشرائط الفيديو أمام لجنة حقوق الانسان بالأمم المتحدة والمجلس العالمى لحقوق الانسان فى جنيف ورفع الدعاوى أمام المحاكم الأمريكية والأوروبية هو الحل الأمثل لوقف عمليات التعذيب والقتل الممنهجة ووضع حد للفجور الذى تمارسه ميليشيات الاخوان وقياداتها ووزير الداخلية الجديد الذى يريد أن يظل فى منصبه على دماء أبناء شعبه وأرواح شباب فى عمر أبنائه وحتى يقف سيل الدماء وإزهاق الأرواح لهؤلاء الشباب فما يحدث الآن على أرض مصر جريمة انسانية بكل المقاييس فقد حرم الله تعالى قتل النفس (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا).. التدويل والتحقيق الدولى هو الحل.