الجريمة ضد الإنسانيّة.. لم يعد مقبولاً أن يسحل المصريون وأن يقتل الشباب ويعذّب، الأمر يتطلب تدخل المحكمة الجنائية الدولية والمجلس العالمي لحقوق الإنسان، ولجنة حقوق الإنسان بالأممالمتحدة ومجلس الأمن الدوليّ.. فما حدث لمحمد الجندي يجعل كل إنسانٍ يشعر بالخزي مما يحدث.. محمد الجندي، لم يكن بلطجياً بل كان شاباً رقيقاً، تخرج في كلية السياحة جامعة الإسكندريّة، وهو مسئول بشركة سياحيّة، جلس معي يوماً كان مملوءاً بالحماس والوطنية، كان مثقفاً، لم يكن يطلب شيئاً فكان لديه كلّ شيء، والده كان وكيلاً لوزارة الزراعة، وأمه سيّدة راقية، ويسكن أيضاً في أرقى مكان، لديه كلّ شيء ولكنّه مثل جيله كان يحلمُ بالتغيير. قال لي أصدقاؤه في التحرير إنه تركهم ليلة اختطافه الساعة الحادية عشرة ليلاً فقد كان على موعد مع وفد روسي في هيلتون رمسيس للاتفاق معهم على رحلات لدعم السياحة المصريّة، وبعد أن أنهى اتفاقَهُ معهم، ذهب إلى كوبري قصر النيل ليركب «تاكسي»، وهناك تمّ اختطافه، وذهبوا بِه إلى قسم قصر النيل، وتم ترحيله إلى معسكر الجبل الأحمر، وكان هناك ثلاثة وعشرون معتقلاً، شاهدوا محمد الجندي وهو يتمّ تعذيبُه، قاموا بسحله، وكسروا ثلاثة ضلوعٍ في صدره، وخلعوا أربعة ضلوع في ظهره، بلغت الوحشيّة بهم، أن عذبوه بالكهرباء على لسانه ثمّ ضربوه بآلة حادة على الجمجمة، التقرير المبدئي أثبت هذا كلّه، وخرجت علينا أكاذيب الإخوان في جريدتهم التي لا يقرؤها سواهم، بأنه لقى مصرعه في حادث سيارة.. قتلوا الجندي عمداً مع سبق الإصرار والترصد وكأن الداخلية تعيد سيرتها الأولى، وسقط محمد الجندي وحيد والديه شهيداً ليحفر لنفسه تاريخاً مجيداً في سجل الحركة الوطنية المصريّة، وشاهداً على قبح جماعةٍ تمارس التعذيب والقتل والإقصاء وسيذهبون حتماً إلى صندوق زبالة التاريخ.. وتخرج علينا الأكاذيب، ويا للسخرية الرئاسة كالعادة تعلن أنها ستتابع التحقيق! كيف نثق في رئاسة سقطت شرعيتها بعد أن حنثت باليمين الدستورية وهدمت دولة القانون؟، هل يمكن أن يثق الشعب المصري فيهم، لقد قال الشعب كلمته أخيراً في جنازة محمد الجندي، طنطاالمدينة الهادئة خرجت عن بكرة أبيها، وكنت شاهد عيان على جنازته التي امتدت لمسافة اثنين كيلو متر والجميع يدعوا على من قتلوه. الشعب المصري الآن، لا يثق في وعود الرئاسة ولا في تقارير نائبها العام الإخوانيّ، ولا في وزير العدل ولا في وزير داخلية قال عنه أساتذته إنه واحد من أضعف وزراء الداخلية هو وحبيب العادلي، فالأضعف في الداخلية هو الذي يلجأ إلى العنف ولا في المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي يترأسُه رئيس الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور المشبوه. إننا نطالبُ بفتح ملف الجندي أمام المحكمة الجنائيّة الدولية واتَّفق معي في هذا الرأي المناضل أبو العز الحريري وعدد كبير من القانونيين بل وأمام لجنة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة ومجلس الأمن، مثلما حدث مع رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان، وحتى تتضح حقيقة السحل والتعذيب والاغتصاب كاملةً، الشهود جميعاً أحياء، إننا نطالبُ بتدخّل المجتمع الدوليّ في قضية الجندي وعمرو سعد وكريستي وجيكا وجميع المتظاهرين السلميين بل وما حدث من اغتصاب شباب في عمر الزهور عددهم سبعة وعشرون شاباً تتراوحُ أعمارُهُم بين الاثني عشر عاماً والستة عشر عاماً، القضيةُ أخطر من ذلك، هل يعلم الرئيس مرسي، أن محمد الجندي وأسرته وأصدقائه قاموا بتأجير عشرة أتوبيسات من أجل حشد الجماهير لانتخاب الدكتور محمد مرسي، هل هذا جزاء شاب كان يحلم بالتغيير، نعم كان جزاء سنمار.