التأمل فى معاني سورة القرآن من اسباب زيادة الايمان وسميّت سورة الكوثر نسبة إلى ورود كلمة الكوثر فيها، وقد تعددت معاني مفردة: "الكوثر" على ستة عشر معنى منها ما جاء في تفسير القرطبي، فورد أنَّ الكوثر نهر في الجنة بدليل قول رسول الله عندما سُئل عنه: "ما الكَوثرُ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هو نَهرٌ أَعْطانِيه اللهُ في الجَنَّةِ، أبيضُ مِنَ اللَّبَنِ، وأحْلى مِنَ العسَلِ، فيه طُيورٌ أعناقُها كأعناقِ الجُزُر". وقيل: هو حوض النبي وقيل النبوة والكتاب والقرآن والإسلام، وما كان ذلك إلا تشريفًا لرسول الله عليه الصلاة والسلام. كما سمِّيت أيضًا باسم آخر وهو سورة النحر بسبب الأمر الذي ورد فيها بالمداومة على النحر لوجه الله. ورد في سبب نزول سورة الكوثر روايات عديدة، منها ما جاء في رواية أنس بن مالك حيث قال: "بينما ذاتَ يومٍ بينَ أظهرِنا يريدُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذ أغفى إغفاءةً ثمَّ رفعَ رأسهُ متبسِّمًا فقلنا لهُ ما أضحكَكَ يا رسولَ اللَّهِ قالَ نزلت عليَّ آنفًا سورةٌ {بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم} { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}". وجاء في سبب نزول قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. ما ورد في حديث ابن عباس حيث قال: "قدِم كعبُ بنُ الأشرفِ مكَّةَ فقالَت لهُ قريشٌ: أنت سيُّدُهم ألا ترَى إلى هذا المُصتَبرُ المُنبَتِرُ مِن قومِه؟ يزعُمُ أنَّه خيرًا منَّا ونحن أهلُ الحَجيجِ وأهلُ السَّدانةِ وأهلُ السِّقايةِ، فقال: أنتُم خيرٌ منه، فنزلتْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ". كما وردت روايات أخرى في سبب نزولها مفادها أنَّ كفار قريش كأبي جهل وأبي لهب كانوا قد عابوا النبي بعدما فقد أولاده ووصفوه: بأنّه الأبتر، أي مقطوع النسل، فنزلت: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}. وأشار آخرون إلى أنَّها نزلت في العاص بن وائل إذ كان يقول عن النبي: "دَعُوهُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَبْتَرُ لَا عَقِبَ لَهُ، فَإِذَا هَلَكَ انْقَطَعَ ذِكْرُهُ"، فأنزل الله السورة. وأشار البعض أنَّ الحكمة من نزولها هو الدفاع عن رسول الله فجاء المقصد رفعًا لشأنه وإعلاءً لذكره في الدنيا والآخرة، وأمره بالمداومة على الصلاة والنحر لله تعالى في قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، وذلك مع بيان أنْ من يبغضه ويعيّره سوف يكون هو الأبتر.