أمين اتحاد الغرف التجارية: الوفرة والمنافسة تدفعان لاستقرار الأسعار.. وتوقعات بالانخفاض    وزيرة خارجية أستراليا ترحب بإلغاء الرسوم الجمركية الأمريكية على لحوم البقر    سفير مصر بروما: نفاد أكثر من 60 ألف تذكرة لمعرض كنوز الفراعنة بالقصر الرئاسي الإيطالي    أسعار الدواجن والبيض في الأسواق اليوم الأحد 16 نوفمبر 2025    وزير الاستثمار: نستهدف مضاعفة صادرات الملابس المصرية 3 مرات بحلول 2030    فيلم شكوى 713317 معالجة درامية هادئة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية    حبس المتهم بسرقة المتاجر في النزهة    رئيس قصور الثقافة يتابع حالة طلاب أسوان المصابين في حادث طريق إسنا    رئيس هيئة قصور الثقافة يزور الطلاب المصابين في حادث طريق إسنا بمستشفى طيبة (صور)    وزير الصحة ينفي شائعات نقص الأنسولين: لدينا 3 مصانع واحتياطي استراتيجي يكفي 4 أشهر    رئيس قناة السويس: ارتفاع العائدات 20%.. وتوقعات بقفزة 50% في 2026    طقس خريفي مستقر وتحذيرات من الشبورة الكثيفة صباحًا.. الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو الأحد 16 نوفمبر 2025    غرق 4 وفقد آخرين في انقلاب قاربين يقلان مهاجرين غير شرعيين قبالة سواحل ليبيا    كمال درويش يروي قصة مؤثرة عن محمد صبري قبل رحيله بساعات    حامد حمدان يفضل الأهلي على الزمالك والراتب يحسم وجهته    "دولة التلاوة".. برنامج قرآني يتصدر الترند ويُحيي أصالة الصوت المصري    آدم صبري: "والدي قالي قبل الوفاة خلي بالك من إخواتك أنا مش هفضل عايش"    وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية تستضيف وفدًا من قيادات مجموعة ستاندرد بنك    خالد عبد الغفار: مصر تحقق نجاحات كبيرة جدًا على المستوى الدولي    وزير الصحة: متوسط عمر المصريين زاد 20 عاما منذ الستينيات.. وكل دولار ننفقه على الوقاية يوفر من 3 ل 7 دولارات    الاحتلال الإسرائيلي يحدد موعد لمحاكمة إمام الأقصى بتهمة التحريض على الإرهاب    دعاية يتبناها الأذرع: "أوبزرفر" و"بي بي سي" و"فورين بوليسي" نماذج لإعلام "إخواني" يهاجم تدخل الإمارات في السودان!    الدفاع الروسية: إسقاط 36 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    البنك الأهلي المصري يقود تحالفاً مصرفياً لتمويل «مشارق للاستثمار العقاري» بمليار جنيه    الداخلية تضبط المتهمين بسرقة أبواب حديدية بإحدى المقابر بالشرقية    القبض على أبطال فيديو الاعتداء على شاب ب"الشوم" في المنيا    أسفرت عن إصابة 4 أشخاص.. حبس طرفي مشاجرة في كرداسة    بدون إصابات.. السيطرة على حريق في برج سكني بفيصل    قائمة أكبر المتاجر المشاركة في البلاك فرايداي وأسعار لا تُفوَّت    أهلي جدة يبدأ خطوات الحفاظ على ميندي وتجديد العقد    فيران توريس بعد دخوله نادي العظماء: الطموح لا يتوقف مع الماتادور    ليفربول يحسم موقفه النهائي من بيع سوبوسلاي    آسر محمد صبري: والدي جعلني أعشق الزمالك.. وشيكابالا مثلي الأعلى    عمرو أديب بعد حادث أحمد سعد: واخد عين.. حوادثنا قاتلة رغم الطفرة غير الطبيعية في الطرق    المستشار ضياء الغمرى يحتفل بحفل زفاف نجله محمد علي الدكتورة ندى    العرض العربي الأول لفيلم "كان ياما كان في غزة" فى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    تريزيجيه: الأهلي سألني عن بنشرقي.. وهذا ما دار بيني وبين زيزو قبل مواجهة الزمالك    "ضد الإبادة".. ظهور حمدان والنبريص والدباغ في خسارة فلسطين أمام الباسك    إيران تحذر من تداعيات التحركات العسكرية الأمريكية في منطقة الكاريبي    رئيس الوزراء المجرى: على أوروبا أن تقترح نظاما أمنيا جديدا على روسيا    فوري تعلن نتائج مالية قياسية للأشهر التسعة الأولى من 2025    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إسرائيل: لا إعادة إعمار لقطاع غزة قبل نزع سلاح حماس.. قتلى وجرحى فى انزلاق أرضى فى جاوة الوسطى بإندونيسيا.. الجيش السودانى يسيطر على منطقتين فى شمال كردفان    تساقط أمطار خفيفة وانتشار السحب المنخفضة بمنطقة كرموز في الإسكندرية    اختتام المؤتمر العالمي للسكان.. وزير الصحة يعلن التوصيات ويحدد موعد النسخة الرابعة    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    مؤتمر السكان والتنمية.. وزير الصحة يشهد إطلاق الأدلة الإرشادية لمنظومة الترصد المبني على الحدث    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    دعت لضرورة تنوع مصادر التمويل، دراسة تكشف تكاليف تشغيل الجامعات التكنولوجية    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهاني الجبالي: شرعية "مرسي" سقطت بقوة الغضب الشعبي
الشعب يريد الحياة .. ولابد أن يستجيب القدر بإسقاط النظام كما حدث في 2011
نشر في الوفد يوم 14 - 02 - 2013

هي «امرأة حديدية» كما يحلو للبعض أن يطلق عليها بسبب إصرارها الذي يصل الي حد المواجهة أو «العناد». حياتها حافلة بنجاحات تثبت قدرتها علي التحدي في مناطق صعبة وغير مسبوقة وظلت عقودا عديدة حكرا علي الرجال،
تاريخها النيابي والقضائي والسياسي يمثل نموذجا فريدا من المثابرة منذ أن كانت أول قاضية في مصر تعتلي منصة القضاء، وحتي إقصائها من منصبها في المحكمة الدستورية قبل أشهر قليلة، تشعر بالقلق علي مصر وتري أننا «أمة في خطر» بعد ازدياد حالة السخط العام دون حلول سياسية حقيقية، لكنها متفائلة بالشباب وتصفهم بأنهم «أيقونة الثورة» الذين خرجوا بوطنهم من التخلف والفساد وأسقطوا الثنائية المتخلفة بين الرجل والمرأة.
في هذا الحوار رفضت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق التحدث عن أزمتها الشخصية مع النظام وجماعة الإخوان المسلمين وفضلت الحديث عن «المحنة» التي تعيشها مصر وشعبها وقضاتها.
بطاقة شخصية
من مواليد الغربية في 9 نوفمبر 1950.
حصلت علي المركز الخامس علي مستوي الجمهورية في شهادة الثانوية العامة.
تخرجت في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1973.
مديرة للشئون القانونية بجامعة طنطا، وتفرغت للعمل كمحامية حرة عام 1987.
تم انتخابها عضوا في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، أول سيدة مصرية وعربية تنتخب في هذا المنصب بالاتحاد منذ تأسيسه عام 1944.
خبير قانوني في منظمة الأمم المتحدة ومحكم تجاري دولي ومحاضر في المعهد العربي لحقوق الإنسان.
صدر قرار جمهوري عام 2003 بتعيينها ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية حتي عام 2007.
تم تعيينها بعد ذلك نائبا للمحكمة الدستورية العليا.
تم استبعادها من المحكمة الدستورية بعد إقرار الدستور المصري في 26 ديسمبر 2012 لتعود للعمل بالمحاماة.
حصلت علي العديد من الأوسمة والدروع والشهادات, منها درع الأمم المتحدة للعمل الاجتماعي ووسام المحاماة من البحرين وتونس.

وسط هذه الأحداث المتلاحقة ما رؤيتكم للمشهد السياسي في مصر الآن؟
- مشهد يعكس موجة ثورية جديدة لتصحيح المسار لأن هذه الثورة تعرضت لانحراف شديد جدا عن مسارات تحقيق أهدافها المعلنة حيث حددت أهدافها في الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ومعني أنها تسعي للحرية هو ألا يكون من حق أحد في موقع السلطة أن يصادر حريات أو يضيق عليها.
هل ترين أن الموجة الثورية الحالية هدفها الأساسي هو للبحث عن الحرية، أم أنها تحمل صراعا علي السلطة من أطياف مختلفة؟
- بكل تأكيد هدفها هو الحرية، فهناك مصادرة للحريات في الإعلام والصحافة وبالتالي يصبح من حق الشعب المصري أن يثور علي تقييد حقه في التظاهر السلمي والاعتصام السلمي.. أن يثور من أجل الدفاع عن حقه في أن يعبر عن رأيه بكل الوسائل والأساليب خاصة أن الوضع القائم في مصر الآن لا يعكس احتراما للحريات التي انتزعها الشعب المصري بدماء شهدائه والآلاف من المصابين من أبنائه وهو أحد مكاسب ثورة 25 يناير التي تتعرض الآن لمحنة.
ألم تساهم ثورة 25 يناير في أن يستعيد المصري كرامته الإنسانية التي فقدها خلال عقود طويلة؟
- أي كرامة إنسانية تلك، يكفينا أن نجد هذه المشاهد التي تحيط بنا وتهدد بعودة الدولة البوليسية المستبدة ويكفي كرامة بناتنا وسيداتنا التي تتعرض لتحرش منهجي من جماعة الإخوان وأيضا هذه الممارسات التي وصلت الي مرحلة سحل المواطنين في الشوارع مجردين من ملابسهم لنري إهدار الكرامة الإنسانية حتي في الحد الأدني من احترام آدمية الإنسان، فما بالنا بحقه في الكرامة الإنسانية المرتبطة بالعيش الكريم من حل المشكلات الخاصة بالمأكل والملبس والمأوي، وحقه في أنه حين يمرض يجد من يداويه.. فلا كرامة لإنسان لا يجد الحد الأدني من مأكل ومأوي ودواء.
هل نحن فعلا علي شفا ثورة للجياع كما يتوقع البعض؟
- نحن نشهد كارثة حقيقية.. لقد انكسرت صخرة الفقر فانتشرت في ربوع مصر وهذا يفسر نمط العشوائية التي نراها في كل مكان في الشوارع، وفي الميادين، الشعب المصري الآن يفتقد الحد الأدني الذي يساعده أن يحيا في كرامة فإذا نظرنا في حقه في العدالة الاجتماعية فعلينا أن نعيد ترتيب أوضاع الثروة والسلطة في المجتمع لإعادة التوازن بين الطبقات الاجتماعية التي تعرضت فيها الطبقة الوسطي وتحت الوسطي والفقراء لمحنة تاريخية تتنامي ولا يوجد في الأفق رؤية واضحة للنظام القائم كي يتخلي عن السياسات التي أدت لزيادة غني الأغنياء وزيادة فقر الفقراء، فهناك غياب للرؤية المتعلقة بإعادة التوازن الاجتماعي باعتباره العنوان الأكبر لهذه الثورة.
هل معني ذلك أننا فقدنا قيم العيش والتوازن الاجتماعي؟
- كلمة العيش تعكس جزءا من عبقرية الشعب المصري لأن كلمة عيش في حياتنا تساوي القدرة علي التجانس والعيش المشترك حتي تعبيره «أكلنا لقمة عيش» و«وحياة العيش والملح»، هذه المفردات المصرية تعكس معني كلمة العيش في حياة الشعب المصري، فهو الوحيد الذي يسمي الخبز «عيش» ولأنه يجد أن الخبز هو العيش والحياة وكل من الغني والفقير يقول أكلت عيش في بيته.. لحم كتافي من خيره، وهو ما يعكس احترام وتقدير الفقير للغني ورحمة وتكافل من الغني للفقير.. وهذا دليل علي أن الشعب المصري هو الوحيد الذي يملك قدرة العيش المشترك وهذا ينطبق أيضا علي المسلم والمسيحي.. كل هذه المفردات والتعبيرات تعني الكثير في فكرة العيش.
إذا كانت كل تلك المفردات موجودة.. فما الداعي لثورة ثانية إذن؟
- الشعب المصري هو حامي ذلك ولكن هذا كله يتعرض للانحراف بأهداف الثورة لثورة مضادة وتحويلها لخندق لا يخص إلا فصيلا معظم مكوناته كانت خارج الشرعية طوال الفترة السابقة، وعندما دخلت تلك الفترة دخلت بتسامح ثوري بعد 25 يناير، هذه الجماعات والتكوينات التي دخلت المشهد العام سواء كانت جماعة الإخوان أو الجماعة الإسلامية أو السلفية أو تنظيم الجهاد لم يكن لها دور سياسي إلا من خارج الشرعية وهي خارج الشرعية فعلا فالبعض منها حمل السلاح ضد الدولة الوطنية والبعض منها اغتال رؤساء جمهورية مثل «السادات» والبعض منها اغتال رجال دين مثل الشيخ الذهبي ورموز فكرية مثل فرج فودة إضافة الي محاولة اغتيال نجيب محفوظ ورجال سياسة مثل رفعت المحجوب وحاول اغتيال الآخرين وحاول ترويع الاقتصاد المصري بممارسات تخريبية مثل شركات توظيف الأموال وعمليات إرهابية مثل الأقصر وسيناء وطابا.
أليس من حق تلك الجماعات دخول المشهد السياسي طالما قامت بمراجعات وأصبحت لها أحزاب؟
- هذه المجموعات حين تدخل المشهد الوطني فلابد أن تقتنع بأن مشروعها الخاص من دولة بديلة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر صناديق الانتخاب وهو ما لم تتمكن من تحقيقه بقوة السلاح، إنها تمارس الآن تجريفا خطيرا جدا لأهداف الثورة وهذا يمثل عبئا خطيرا علي الحركة الوطنية المصرية ويسبب ضغطا علي مفاصل الدولة الوطنية لعل أبرز ما فيه هذا العدوان علي سلطة القضاء باعتباره عنوان دولة القانون والدولة القانونية والدولة الحديثة، فالذي تجرأ عليها لا يمكن أن يكون أمينا علي حماية الدولة الوطنية المصرية التي دفعت ثمن بنائها قرنين من الزمن وبأسس عمرها 7 آلاف عام.. الدولة المصرية هي الدولة العريقة وليست العميقة وفيها مكونات تتحول من مرحلة لمرحلة ولكنها في النهاية تعكس دولة فيها مقومات لا تسمح بأن يكون هناك من ينتهك حرمتها دون أن يدفع الثمن.
هل معني ذلك أن النظام الحالي ينتهك حرمة تلك الدولة العريقة؟
- أعتقد أن ضغط جماعة الإخوان المسلمين وهي جماعة غير شرعية حتي هذه اللحظة وقوي اليمين الديني بشكل عام علي رئيس الدولة ومفاصل السلطة خلال الشهور الستة الماضية، أدت الي ارتكاب أخطاء وجرائم تجعل شرعية السلطة القائمة غير قائمة.
معني ذلك أن الشرعية سقطت عن نظام الحكم الحالي؟
- نعم وإذا خسرنا لماذا سقطت الشرعية فلابد أن تتذكر 4 أسباب، والسبب الأول هو أن شرعية صندوق الانتخاب لأي رئيس هي شرعية البداية لكن استمرار الشرعية مرهون بحالة الرضا الشعبي وحين تخرج الملايين في مظاهرات تقترب من 60 يوما.. ملايين المصريين يعبرون عن رفضهم ويطالبون بسقوط الرئيس فهذا معناه أن فكرة الرضا الشعبي كأحد عناصر مشروعية السلطة قد ضربت في مقتل، السبب الثاني هو الحنث باليمين الدستورية لأن أي رئيس يأتي عبر مسار انتخابي لابد أن يلتزم بقسمه باحترام الدستور والقانون بينما الدكتور مرسي حنث باليمين 5 مرات وقام بإلغاء إعلان دستوري أقسم اليمين عليه، ثالثا: هو سمح لنفسه باغتصاب سلطة إصدار إعلانات دستورية كارثية كان آخرها هذا الإعلان الذي أدي الي هذا الاحتقان وأسفر عن حصار السلطة القضائية، رابعا: تراجعه في كل الوعود والالتزامات التي أعلنها في خطابات معلنة في بداية توليته والجمعية التأسيسية وغيرها مما يمثل شكلا من أشكال الحنث باليمين الدستورية وهو أيضا يؤدي لسقوط الشرعية.
أخيرا فإن شرعية أي سلطة وأي رئيس ترتبط بقدرته علي إدارة شئون البلاد ومصداقية قراراته لدي جماهير الشعب وحين يصدر رئيس الجمهورية قرارا بحظر التجول وهو قرار سيادي في منطقة استراتيجية هي مدن القناة الثلاث فتخرج جماهير الشعب في هذه المدن لتدوس بالأقدام قراره ويري الجميع هذا المشهد في تحد لقرار رئيس الجمهورية فهذا أيضا يسقط الشرعية عن أي سلطة لأنها حين تصدر قرارا لابد أن يحظي بالاحترام وهو ما يعكس صورة من الارتباك، فكثير من القرارات التي تم إلغاؤها بعد ذلك تصدر ثم تلغي وهذا أيضا يهدر الشرعية.
وماذا عن الدم الذي أريق في الشوارع ألا يسقط ذلك الشرعية؟
- الدم المراق هو الأخطر.. فأي شرعية لسلطة خرج رئيسها يتوعد شعبه ويرفع في مواجهته أصبع استخدام القوة من أجل اخضاعه بديلا عن محاورته وإقناعه؟! هذا المشهد الدامي أسفر عن سقوط شهداء من خيرة شبابنا إضافة الي اختطاف شباب واعد من الشوارع وتعرضه لصنوف التعذيب في معسكرات أشبه بمعسكرات النازي، ثم وصل الأمر الي حد تعرية المواطنين وسحلهم علي الأسفلت، كل هذا يمثل مسئولية سياسية علي أي رئيس.
ومن يحاكم الرئيس إذن طالما سقطت شرعيته بهذا الشكل؟
- شعبه هو الذي يحاكمه وبالتالي هذا يبرر ما يحدث في الميادين والشوارع وجنازات الشهداء وحالة السخط العام الذي يشعر به أي مراقب ولا تعكس الحد الأدني من حالة التوافق المجتمعي ومحاولة بناء ما يسمي بالاحتشاد الوطني حول أهداف وطنية تجمع ما بين الحاكم والمحكوم وهو عنوان مشروعية السلطة.. وهذا المشهد ينبئ بالكثير وطالما استمرت هذه السياسات وهذا العناد وهذا الاختطاف للدول الوطنية لمحاولة أخونتها، أو باختطاف دستور البلاد الذي هو عنوان التوافق الوطني وعدم وضوح الرؤية تجاه مستقبل السياسات التي ستطبق في هذا الوطن إلا في إطار مزيد من الاستبداد السياسي فلا أحد يمكن أن يتنبأ بما يحدث غدا.
هل هذا المشهد يقلقك علي مصر؟
- نعم بالتأكيد أي أحد لابد أن يشعر بالخطر.. نحن أمة في خطر وأخطر ما فيها هو ازدياد حالة السخط العام وبداية بذور العنف وبداية الشعور باليأس من الحلول السياسية الحقيقية أيضا هناك تهديد من بعض القوي التي لديها ميليشيات مسلحة لتحويل المجتمع الي ساحة اقتتال ونحن رأينا شواهد ذلك فيما حدث أمام قطر الاتحادية حيث خرجت هذه الميليشيات وقتلت من قتلت وعذبت من عذبت وعلي أبواب قصر الرئاسة، إذن نحن مهددون بحالة من الفوضي وحالة من العنف وهو ما يهدد مباشرة الأمن القومي المصري من الداخل ويستدعي حالة من الرشد السياسي لا نري لها شواهد حتي الآن.
وأين القضاء المصري من كل هذه الفوضي والعنف؟
- القضاء المصري في محنة وهناك حصار لسلطة القضاء وعدوان عليه خاصة بعد ما حدث من عزل للنائب العام السابق وتعيين نائب عام جديد من غير المسار المنصوص عليه في قانون السلطة القضائية وباستثنائية عكست نفسها علي أعمال النيابة العامة، وجميعا نذكر مذكرة المستشار مصطفي خاطر التي أكد فيها محاولات التدخل في سير التحقيقات التي جرت بشأن أحداث الاتحادية الأولي وحالة الاحتقان الشديدة في أوساط القضاء العادي وأوساط أعضاء النيابة العامة.. هناك أيضا عدوان علي القضاء الدستوري حيث تضمنت النصوص الموجودة بالوثيقة التي استفتي عليها الشعب المصري إنهاء لفكرة استقلال الهيئة بمنح رئيس الجمهورية أيضا حق اختيار وتعيين أعضاء المحكمة ورئيسها بدلا من جمعيتها العمومية التي كانت ترشح وتنتخب رئيس المحكمة من بين الثلاثة الأقدم وهو عدوان علي اختصاصها بحظر رقابتها علي قوانين مؤثرة في حقوق الشعب السياسية وأيضا تقليص عدد أعضائها ثم عزل 7 من أعضائها في نص انتقالي يخالف المبدأ الأساسي في استقلال القضاء وهو عدم قابلية القاضي للعزل، وأيضا لما حدث في الإعلان الكارثي الذي أصدره الدكتور مرسي محصنا لقراراته من رقابة القضاء ثم منع المحاكم علي اختلاف أنواعها من نظر طعون أمامها ومرورا بما حدث من أعضاء جماعة وأنصاره من حصار المحكمة الدستورية العليا لمنع قضاتها من الانعقاد وإصدار الأحكام لمدة شهر واعتياد فكرة العصف بحجية الأحكام القضائية حيث أصدر قراره الشهير بعودة البرلمان المنحل بموجب الحكم الصادر بعدم دستورية قانونية ومازال المشهد يعكس هذا العدوان وهذا الاحتقان في أوساط السلطة القضائية.
هل هذا يعني اختراقا للمحكمة الدستورية؟
- آليات العمل القضائي تملي آلياتها وإرادتها علي أي محكمة ولابد أن تأخذ فرصة لتكوين عقيدتها علي ضوء ما يبدو أمامها من دفوع وطلبات من الخصوم لكن بالتأكيد المحكمة الدستورية تبدو كأسد جريح في هذه المرحلة بعدما تعرضت له من هجوم ممنهج وعدوان علي المؤسسة المرجعية في الدولة القانونية ولها تاريخ عريق في حماية الحقوق والحريات العامة ومواجهة استبداد السلطة أو انحراف السلطة التشريعية.
وبما تفسرين إذن تأجيل نطقها بالحكم في الجمعية التأسيسية ومجلس الشوري؟
- جزء لا يتجزأ من تكوين عقيدة المحكمة من خلال التدقيق فيما أبدي أمامها من مرافعات.
ألا تستشعرين ضغوطا عليها؟
- تجربتي مع هذه المحكمة العريقة تؤكد أن قضاتها مستقلون ولا يخشون إلا الله ويمارسون دورهم في استقامة قانونية ودستورية دائمة.
كيف تستشرفين الفترة القادمة في حياة مصر والمصريين؟
- أنا متفائلة جدا بأننا سوف نخرج من هذه المرحلة الصعبة الي مستقبل أفضل رغم أننا ندفع ثمن الحرية غالبا لكن مراحل التحول في حياة الشعب لا تتم بين يوم وليلة ولكن عبر مسار فيه مراحل مخاض عسير.. نحن فقط نريد أن نقلل من حجم الثمن الذي يمكن أن يدفع من أجل الوصول لنقطة السلامة الوطنية، وأن ننجح في بناء وطن حر متقدم مستقل عادل بين أبنائه، ويقف علي مسافة واحدة بين كل أطيافه ويحقق المعادلة الصعبة في حماية الحقوق والحريات والدفاع عن أمنه القومي في الداخل والخارج بالإضافة الي احترام التعددية عبر تداول السلطة بآليات ديمقراطية ويعيد توزيع ثرواته من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل نظام حكم رشيد قادر علي محاسبته ومن خلال مشروع نهضوي وطني يشمل كل أبعاد التقدم سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.
هل تتوقعين نجاح الموجة الثانية من الثورة رغم تشكيك العديد في استحالة تكرار سيناريو 2011؟
- إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، والشعب المصري مازال يريد الحرية والحياة والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ولابد أن يستجيب القدر كما استجاب في يناير 2011 وفبراير أيضا عندما أسقط النظام.
ماذا تقولين للرئيس مرسي في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ مصر؟
- أقول له: قيمة أي قيادة في أن تعصم شعبها من حالة الاقتسام والامتثال وأن منصب الرئاسة لا يستحق أن تعرض الوطن للخطر وأن تآكل الشرعية يجبرك علي انتخابات رئاسية مبكرة.
وكيف ترين جماعة الإخوان المسلمين؟
- أعتبرها جماعة غير شرعية ولن أتعامل معها لأنها تنظيم سري.. نحن لا نعلم مَن أعضاء هذه الجماعة حتي الآن وأعتبرها جماعة غير شرعية لديها استراتيجيتها ولديها أهدافها التاريخية، وقراءة الأدبيات يحمل الكثير من القضايا الخلافية معها وكان الأمل أن يكون الحزب السياسي المنضبط في إطار قانوني ودستوري مقدمة لأن تأخذ هذه الجماعة بنفسها قرارها بالحل أو تقنن أوضاعها وفقا للقانون كي نعرف من هي وكيف نحاسبها.
ماذا تقولين لوزير العدل المستشار أحمد مكي؟
- يحزنني أن يحدث هذا العدوان علي سلطة القضاء وهذا الإنهاك لطاقاته بهيئاته ونيابته العامة ثم تتحدث عن مصداقية الدفاع يوما عن استقلال القضاء.
وماذا عن مجموعة القوانين التي قدمتها وزارة العدل؟
- قوانين استبدادية جميعها تحمل في طياتها استبداد وحصار للحقوق والحريات المتصلة بالمواطن وتعكس نية السلطة القائمة في البطش من خلال القوانين المستبدة بهذه الحقوق.
ما الكلمة التي توجهينها لقضاة مصر؟
- أنتم فخر هذه الأمة وقاطرة التقدم لها وتاريخ السلطة القضائية في مصر يؤكد ارتباطها العضوي بحركة النضال الوطني من أجل بناء الدولة الحديثة التي عنوانها «الدولة القانونية» أو «دولة القانون» ودفاعكم المجيد عن استقلال السلطة القضائية ورد العدوان عنها وسام شريف لا يقل عن وسام القضاء الذي ترتدونه وشاحا وأنتم تجلسون علي منصاتكم العالية.
ماذا تقولين لأمهات الشهداء؟
- قدمتم فلذات أكبادكن من أجل وطن متقدم وحر وأنتن لا تحملن وحدكن أحزان فقد الشهيد، فهؤلاء أبناء مصر وأبناء الشعب المصري كله ولن ينسي لهم أنهم فتحوا أبواب المستقبل لهذا الوطن بأرواحهم وهي أغلي ما يملكون.
وماذا تقولين لشباب مصر وشباب الثورة؟
- أنتم أيقونة هذه الثورة وعنوانها.. أنتم جيل احتشد من خلال وسائط العلم الحديث فخرجتم من أثر التخلف ومن المنظومة الفاسدة وبنيتم أدواتكم المستقلة وأنتم الجيل الذي سيبني هذا الوطن والذي لا يقبل بأنصاف الحلول والذي أسقط الثنائية المتخلفة بين الرجال والنساء، أنتم أغلي ما نملك وأغلي ما يملك هذا الوطن، لا تتنازلوا عن حلمكم الذي نزحتم من أجله كطليعة ثورية في 25 يناير 2011 وواجبنا أن نكون خلفكم وليس أمامكم نحميكم ونقدم لكم الخبرة ونفخر بكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.