مصر تبحث تعزيز الاستثمارات السعودية في صناعات البتروكيماويات والأسمدة    مفاجأة لجميع موظفي الحكومة خلال الأسبوع الجاري    محافظة الجيزة: إزالة العوائق بمحيط مدرسة ترسا الجديدة بالطالبية    "الفاشر تحت الحصار".. هجمات دامية وتفاقم إنساني في دارفور(فيديو)    الجيش الإسرائيلي: تم إجلاء أكثر من 550 ألفا من سكان مدينة غزة    التعادل يحسم قمة آرسنال ضد مانشستر سيتي.. شاهد هدفا المباراة    السجل الذهبي.. برشلونة الأكثر تتويجًا بكأس العالم للأندية لكرة اليد وماجدبورج الثاني    العرب بلا ذهب للمرة الأولى منذ 10 سنوات في مونديال ألعاب القوى    بداية فصل الخريف رسميًا غدًا.. حالة الطقس الاثنين 22 سبتمبر 2025 في مصر    "الشؤون الدينية" تُعلن التسجيل لرخصة التطويف بالمسجد الحرام    في أحدث ظهور.. ملك أحمد زاهر تشارك صورا من حفل تخرجها    ابنة الوزير في مسلسل لن أعيش في جلباب أبي تتصدر التريند.. لهذا السبب    بفستان مثير.. مي سليم تخطف الأنظار في أحدث ظهور    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    دار الإفتاء: زواج الأخ من زوجة أخيه جائز بشرط    محافظ المنيا ورئيس هيئة الرعاية الصحية يبحثان تطبيق التأمين الصحي الشامل وتطوير الخدمات الطبية    قصر العيني 200 عام: قرنان من الريادة الطبية والإنسانية    بالمستند.. اكاديمية المعلم تقرر مد فترة التدريبات وحجز اداء الاختبارات امام اامعلمين للحصول علي شهادة الصلاحية    سفير كندا بالأمم المتحدة: الاعتراف بفلسطين لحظة ضرورية وليست قرارا اندفاعيا    دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة يناير 2026    وزير العمل: جهود مكثفة لمواجهة شركات التوظيف الوهمية وحماية الشباب    عبير صبري زوجة خالد الصاوي في زمالك بولاق.. وجلسة تصوير تضعها فى صدارة التريندات    سيد رجب ورياض الخولي يقدمان العزاء في شقيقة أحمد صيام    سفير أنقرة يشكر رئيس الوزراء لدعم الاستثمارات التركية في قناة السويس    رسميًا.. اللواء أشرف نصار رئيساً لنادى البنك الأهلي والسرسي نائبًا    عضو مركز الأزهر: ثلاثة أوقات تُكره فيها صلاة النفل بلا سبب    «فادي فريد يقود الهجوم».. الظهور الأول لتامر مصطفى لقيادة الاتحاد السكندري في مواجهة زد بالدوري (صور)    مجلس النواب يرحب باعتراض رئيس الجمهورية على بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية    موانع التطعيمات المقررة للتلاميذ داخل المدارس    ثلاثة عوامل خطرة تزيد من احتمال الإصابة بمرض الكبد الدهني القاتل    موعد صلاة العشاء ليوم الأحد .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    العراق يشغل أول محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية جنوبي بغداد    شريهان أشرف تقدّم خطوات مكياج دافئ وهادئ لخريف 2025 في «ست ستات» على DMC    في واقعة الإسورة الأثرية.. النيابة توصي بمنع دخول حقائب مرممي الآثار وتفتيشهم عند الخروج وتركيب كاميرات مراقبة    تفاصيل انفجار خط غاز بحر مويس في بنها بسبب خطأ سائق حفار.. فيديو وصور    تنفيذ قرارات إغلاق لعدد من المحلات المخالفة جنوب الغردقة    تأجيل محاكمة 11 متهما بقضية "خلية حلوان" لجلسة 2 نوفمبر المقبل    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن بالبحيرة    أدعية الصباح اليوم.. طاقة روحانية وسكينة في النفوس    السودان.. مقتل مسئول حكومي شمال دارفور ونزوح 7500 شخص بالفاشر    135 مخالفة زيادة أجرة وخطوط سير خلال حملة بمواقف الفيوم "صور"    إعلامي: كارلوس كيروش سيكون مديرا فنيا للأهلي ولكن بشرط    الرئيس السيسي يوجه برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب    محافظ المنوفية: 550 مليون جنيه استثمارات لتطوير التعليم بالمحافظة    غياب لامين يامال.. قائمة برشلونة لمباراة خيتافي في الدوري الإسباني    4 أفلام في 2025.. مصطفى غريب يحصد جائزة أفضل ممثل كوميدي من «دير جيست»    فوز السكة الحديد وبروكسي.. نتائج مباريات الأحد في الدور التمهيدي لكأس مصر    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس.. هل تظهر في مصر؟    البيت الأبيض يحدد صفقة «تيك توك» التي تمنح أمريكا السيطرة على الخوارزمية    مدينة الدواء "جيبتو فارما".. أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن| فيديو    أستراليا تعلن اعترافها رسميًا بدولة فلسطين    البورصة المصرية تخسر 11.3 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الاحد 21-9-2025 في محافظة قنا    انطلاق برنامج "بالعبرى الصريح" مع هند الضاوي على القاهرة والناس    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    تنورة وعروض فنية.. مدارس دمياط تستقبل العام الدراسي الجديد.. ولجنة وزارية تتفقد مدارس المحافظة (فيديو)    توزيع البلالين والأعلام على التلاميذ يتصدر مشهد أول يوم دراسة ببني سويف    رغم العراقيل الإسرائيلية.. قوافل "زاد العزة" تواصل طريقها من مصر إلى غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهاني الجبالي: شرعية "مرسي" سقطت بقوة الغضب الشعبي
الشعب يريد الحياة .. ولابد أن يستجيب القدر بإسقاط النظام كما حدث في 2011
نشر في الوفد يوم 14 - 02 - 2013

هي «امرأة حديدية» كما يحلو للبعض أن يطلق عليها بسبب إصرارها الذي يصل الي حد المواجهة أو «العناد». حياتها حافلة بنجاحات تثبت قدرتها علي التحدي في مناطق صعبة وغير مسبوقة وظلت عقودا عديدة حكرا علي الرجال،
تاريخها النيابي والقضائي والسياسي يمثل نموذجا فريدا من المثابرة منذ أن كانت أول قاضية في مصر تعتلي منصة القضاء، وحتي إقصائها من منصبها في المحكمة الدستورية قبل أشهر قليلة، تشعر بالقلق علي مصر وتري أننا «أمة في خطر» بعد ازدياد حالة السخط العام دون حلول سياسية حقيقية، لكنها متفائلة بالشباب وتصفهم بأنهم «أيقونة الثورة» الذين خرجوا بوطنهم من التخلف والفساد وأسقطوا الثنائية المتخلفة بين الرجل والمرأة.
في هذا الحوار رفضت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق التحدث عن أزمتها الشخصية مع النظام وجماعة الإخوان المسلمين وفضلت الحديث عن «المحنة» التي تعيشها مصر وشعبها وقضاتها.
بطاقة شخصية
من مواليد الغربية في 9 نوفمبر 1950.
حصلت علي المركز الخامس علي مستوي الجمهورية في شهادة الثانوية العامة.
تخرجت في كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1973.
مديرة للشئون القانونية بجامعة طنطا، وتفرغت للعمل كمحامية حرة عام 1987.
تم انتخابها عضوا في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب، أول سيدة مصرية وعربية تنتخب في هذا المنصب بالاتحاد منذ تأسيسه عام 1944.
خبير قانوني في منظمة الأمم المتحدة ومحكم تجاري دولي ومحاضر في المعهد العربي لحقوق الإنسان.
صدر قرار جمهوري عام 2003 بتعيينها ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية حتي عام 2007.
تم تعيينها بعد ذلك نائبا للمحكمة الدستورية العليا.
تم استبعادها من المحكمة الدستورية بعد إقرار الدستور المصري في 26 ديسمبر 2012 لتعود للعمل بالمحاماة.
حصلت علي العديد من الأوسمة والدروع والشهادات, منها درع الأمم المتحدة للعمل الاجتماعي ووسام المحاماة من البحرين وتونس.

وسط هذه الأحداث المتلاحقة ما رؤيتكم للمشهد السياسي في مصر الآن؟
- مشهد يعكس موجة ثورية جديدة لتصحيح المسار لأن هذه الثورة تعرضت لانحراف شديد جدا عن مسارات تحقيق أهدافها المعلنة حيث حددت أهدافها في الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ومعني أنها تسعي للحرية هو ألا يكون من حق أحد في موقع السلطة أن يصادر حريات أو يضيق عليها.
هل ترين أن الموجة الثورية الحالية هدفها الأساسي هو للبحث عن الحرية، أم أنها تحمل صراعا علي السلطة من أطياف مختلفة؟
- بكل تأكيد هدفها هو الحرية، فهناك مصادرة للحريات في الإعلام والصحافة وبالتالي يصبح من حق الشعب المصري أن يثور علي تقييد حقه في التظاهر السلمي والاعتصام السلمي.. أن يثور من أجل الدفاع عن حقه في أن يعبر عن رأيه بكل الوسائل والأساليب خاصة أن الوضع القائم في مصر الآن لا يعكس احتراما للحريات التي انتزعها الشعب المصري بدماء شهدائه والآلاف من المصابين من أبنائه وهو أحد مكاسب ثورة 25 يناير التي تتعرض الآن لمحنة.
ألم تساهم ثورة 25 يناير في أن يستعيد المصري كرامته الإنسانية التي فقدها خلال عقود طويلة؟
- أي كرامة إنسانية تلك، يكفينا أن نجد هذه المشاهد التي تحيط بنا وتهدد بعودة الدولة البوليسية المستبدة ويكفي كرامة بناتنا وسيداتنا التي تتعرض لتحرش منهجي من جماعة الإخوان وأيضا هذه الممارسات التي وصلت الي مرحلة سحل المواطنين في الشوارع مجردين من ملابسهم لنري إهدار الكرامة الإنسانية حتي في الحد الأدني من احترام آدمية الإنسان، فما بالنا بحقه في الكرامة الإنسانية المرتبطة بالعيش الكريم من حل المشكلات الخاصة بالمأكل والملبس والمأوي، وحقه في أنه حين يمرض يجد من يداويه.. فلا كرامة لإنسان لا يجد الحد الأدني من مأكل ومأوي ودواء.
هل نحن فعلا علي شفا ثورة للجياع كما يتوقع البعض؟
- نحن نشهد كارثة حقيقية.. لقد انكسرت صخرة الفقر فانتشرت في ربوع مصر وهذا يفسر نمط العشوائية التي نراها في كل مكان في الشوارع، وفي الميادين، الشعب المصري الآن يفتقد الحد الأدني الذي يساعده أن يحيا في كرامة فإذا نظرنا في حقه في العدالة الاجتماعية فعلينا أن نعيد ترتيب أوضاع الثروة والسلطة في المجتمع لإعادة التوازن بين الطبقات الاجتماعية التي تعرضت فيها الطبقة الوسطي وتحت الوسطي والفقراء لمحنة تاريخية تتنامي ولا يوجد في الأفق رؤية واضحة للنظام القائم كي يتخلي عن السياسات التي أدت لزيادة غني الأغنياء وزيادة فقر الفقراء، فهناك غياب للرؤية المتعلقة بإعادة التوازن الاجتماعي باعتباره العنوان الأكبر لهذه الثورة.
هل معني ذلك أننا فقدنا قيم العيش والتوازن الاجتماعي؟
- كلمة العيش تعكس جزءا من عبقرية الشعب المصري لأن كلمة عيش في حياتنا تساوي القدرة علي التجانس والعيش المشترك حتي تعبيره «أكلنا لقمة عيش» و«وحياة العيش والملح»، هذه المفردات المصرية تعكس معني كلمة العيش في حياة الشعب المصري، فهو الوحيد الذي يسمي الخبز «عيش» ولأنه يجد أن الخبز هو العيش والحياة وكل من الغني والفقير يقول أكلت عيش في بيته.. لحم كتافي من خيره، وهو ما يعكس احترام وتقدير الفقير للغني ورحمة وتكافل من الغني للفقير.. وهذا دليل علي أن الشعب المصري هو الوحيد الذي يملك قدرة العيش المشترك وهذا ينطبق أيضا علي المسلم والمسيحي.. كل هذه المفردات والتعبيرات تعني الكثير في فكرة العيش.
إذا كانت كل تلك المفردات موجودة.. فما الداعي لثورة ثانية إذن؟
- الشعب المصري هو حامي ذلك ولكن هذا كله يتعرض للانحراف بأهداف الثورة لثورة مضادة وتحويلها لخندق لا يخص إلا فصيلا معظم مكوناته كانت خارج الشرعية طوال الفترة السابقة، وعندما دخلت تلك الفترة دخلت بتسامح ثوري بعد 25 يناير، هذه الجماعات والتكوينات التي دخلت المشهد العام سواء كانت جماعة الإخوان أو الجماعة الإسلامية أو السلفية أو تنظيم الجهاد لم يكن لها دور سياسي إلا من خارج الشرعية وهي خارج الشرعية فعلا فالبعض منها حمل السلاح ضد الدولة الوطنية والبعض منها اغتال رؤساء جمهورية مثل «السادات» والبعض منها اغتال رجال دين مثل الشيخ الذهبي ورموز فكرية مثل فرج فودة إضافة الي محاولة اغتيال نجيب محفوظ ورجال سياسة مثل رفعت المحجوب وحاول اغتيال الآخرين وحاول ترويع الاقتصاد المصري بممارسات تخريبية مثل شركات توظيف الأموال وعمليات إرهابية مثل الأقصر وسيناء وطابا.
أليس من حق تلك الجماعات دخول المشهد السياسي طالما قامت بمراجعات وأصبحت لها أحزاب؟
- هذه المجموعات حين تدخل المشهد الوطني فلابد أن تقتنع بأن مشروعها الخاص من دولة بديلة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر صناديق الانتخاب وهو ما لم تتمكن من تحقيقه بقوة السلاح، إنها تمارس الآن تجريفا خطيرا جدا لأهداف الثورة وهذا يمثل عبئا خطيرا علي الحركة الوطنية المصرية ويسبب ضغطا علي مفاصل الدولة الوطنية لعل أبرز ما فيه هذا العدوان علي سلطة القضاء باعتباره عنوان دولة القانون والدولة القانونية والدولة الحديثة، فالذي تجرأ عليها لا يمكن أن يكون أمينا علي حماية الدولة الوطنية المصرية التي دفعت ثمن بنائها قرنين من الزمن وبأسس عمرها 7 آلاف عام.. الدولة المصرية هي الدولة العريقة وليست العميقة وفيها مكونات تتحول من مرحلة لمرحلة ولكنها في النهاية تعكس دولة فيها مقومات لا تسمح بأن يكون هناك من ينتهك حرمتها دون أن يدفع الثمن.
هل معني ذلك أن النظام الحالي ينتهك حرمة تلك الدولة العريقة؟
- أعتقد أن ضغط جماعة الإخوان المسلمين وهي جماعة غير شرعية حتي هذه اللحظة وقوي اليمين الديني بشكل عام علي رئيس الدولة ومفاصل السلطة خلال الشهور الستة الماضية، أدت الي ارتكاب أخطاء وجرائم تجعل شرعية السلطة القائمة غير قائمة.
معني ذلك أن الشرعية سقطت عن نظام الحكم الحالي؟
- نعم وإذا خسرنا لماذا سقطت الشرعية فلابد أن تتذكر 4 أسباب، والسبب الأول هو أن شرعية صندوق الانتخاب لأي رئيس هي شرعية البداية لكن استمرار الشرعية مرهون بحالة الرضا الشعبي وحين تخرج الملايين في مظاهرات تقترب من 60 يوما.. ملايين المصريين يعبرون عن رفضهم ويطالبون بسقوط الرئيس فهذا معناه أن فكرة الرضا الشعبي كأحد عناصر مشروعية السلطة قد ضربت في مقتل، السبب الثاني هو الحنث باليمين الدستورية لأن أي رئيس يأتي عبر مسار انتخابي لابد أن يلتزم بقسمه باحترام الدستور والقانون بينما الدكتور مرسي حنث باليمين 5 مرات وقام بإلغاء إعلان دستوري أقسم اليمين عليه، ثالثا: هو سمح لنفسه باغتصاب سلطة إصدار إعلانات دستورية كارثية كان آخرها هذا الإعلان الذي أدي الي هذا الاحتقان وأسفر عن حصار السلطة القضائية، رابعا: تراجعه في كل الوعود والالتزامات التي أعلنها في خطابات معلنة في بداية توليته والجمعية التأسيسية وغيرها مما يمثل شكلا من أشكال الحنث باليمين الدستورية وهو أيضا يؤدي لسقوط الشرعية.
أخيرا فإن شرعية أي سلطة وأي رئيس ترتبط بقدرته علي إدارة شئون البلاد ومصداقية قراراته لدي جماهير الشعب وحين يصدر رئيس الجمهورية قرارا بحظر التجول وهو قرار سيادي في منطقة استراتيجية هي مدن القناة الثلاث فتخرج جماهير الشعب في هذه المدن لتدوس بالأقدام قراره ويري الجميع هذا المشهد في تحد لقرار رئيس الجمهورية فهذا أيضا يسقط الشرعية عن أي سلطة لأنها حين تصدر قرارا لابد أن يحظي بالاحترام وهو ما يعكس صورة من الارتباك، فكثير من القرارات التي تم إلغاؤها بعد ذلك تصدر ثم تلغي وهذا أيضا يهدر الشرعية.
وماذا عن الدم الذي أريق في الشوارع ألا يسقط ذلك الشرعية؟
- الدم المراق هو الأخطر.. فأي شرعية لسلطة خرج رئيسها يتوعد شعبه ويرفع في مواجهته أصبع استخدام القوة من أجل اخضاعه بديلا عن محاورته وإقناعه؟! هذا المشهد الدامي أسفر عن سقوط شهداء من خيرة شبابنا إضافة الي اختطاف شباب واعد من الشوارع وتعرضه لصنوف التعذيب في معسكرات أشبه بمعسكرات النازي، ثم وصل الأمر الي حد تعرية المواطنين وسحلهم علي الأسفلت، كل هذا يمثل مسئولية سياسية علي أي رئيس.
ومن يحاكم الرئيس إذن طالما سقطت شرعيته بهذا الشكل؟
- شعبه هو الذي يحاكمه وبالتالي هذا يبرر ما يحدث في الميادين والشوارع وجنازات الشهداء وحالة السخط العام الذي يشعر به أي مراقب ولا تعكس الحد الأدني من حالة التوافق المجتمعي ومحاولة بناء ما يسمي بالاحتشاد الوطني حول أهداف وطنية تجمع ما بين الحاكم والمحكوم وهو عنوان مشروعية السلطة.. وهذا المشهد ينبئ بالكثير وطالما استمرت هذه السياسات وهذا العناد وهذا الاختطاف للدول الوطنية لمحاولة أخونتها، أو باختطاف دستور البلاد الذي هو عنوان التوافق الوطني وعدم وضوح الرؤية تجاه مستقبل السياسات التي ستطبق في هذا الوطن إلا في إطار مزيد من الاستبداد السياسي فلا أحد يمكن أن يتنبأ بما يحدث غدا.
هل هذا المشهد يقلقك علي مصر؟
- نعم بالتأكيد أي أحد لابد أن يشعر بالخطر.. نحن أمة في خطر وأخطر ما فيها هو ازدياد حالة السخط العام وبداية بذور العنف وبداية الشعور باليأس من الحلول السياسية الحقيقية أيضا هناك تهديد من بعض القوي التي لديها ميليشيات مسلحة لتحويل المجتمع الي ساحة اقتتال ونحن رأينا شواهد ذلك فيما حدث أمام قطر الاتحادية حيث خرجت هذه الميليشيات وقتلت من قتلت وعذبت من عذبت وعلي أبواب قصر الرئاسة، إذن نحن مهددون بحالة من الفوضي وحالة من العنف وهو ما يهدد مباشرة الأمن القومي المصري من الداخل ويستدعي حالة من الرشد السياسي لا نري لها شواهد حتي الآن.
وأين القضاء المصري من كل هذه الفوضي والعنف؟
- القضاء المصري في محنة وهناك حصار لسلطة القضاء وعدوان عليه خاصة بعد ما حدث من عزل للنائب العام السابق وتعيين نائب عام جديد من غير المسار المنصوص عليه في قانون السلطة القضائية وباستثنائية عكست نفسها علي أعمال النيابة العامة، وجميعا نذكر مذكرة المستشار مصطفي خاطر التي أكد فيها محاولات التدخل في سير التحقيقات التي جرت بشأن أحداث الاتحادية الأولي وحالة الاحتقان الشديدة في أوساط القضاء العادي وأوساط أعضاء النيابة العامة.. هناك أيضا عدوان علي القضاء الدستوري حيث تضمنت النصوص الموجودة بالوثيقة التي استفتي عليها الشعب المصري إنهاء لفكرة استقلال الهيئة بمنح رئيس الجمهورية أيضا حق اختيار وتعيين أعضاء المحكمة ورئيسها بدلا من جمعيتها العمومية التي كانت ترشح وتنتخب رئيس المحكمة من بين الثلاثة الأقدم وهو عدوان علي اختصاصها بحظر رقابتها علي قوانين مؤثرة في حقوق الشعب السياسية وأيضا تقليص عدد أعضائها ثم عزل 7 من أعضائها في نص انتقالي يخالف المبدأ الأساسي في استقلال القضاء وهو عدم قابلية القاضي للعزل، وأيضا لما حدث في الإعلان الكارثي الذي أصدره الدكتور مرسي محصنا لقراراته من رقابة القضاء ثم منع المحاكم علي اختلاف أنواعها من نظر طعون أمامها ومرورا بما حدث من أعضاء جماعة وأنصاره من حصار المحكمة الدستورية العليا لمنع قضاتها من الانعقاد وإصدار الأحكام لمدة شهر واعتياد فكرة العصف بحجية الأحكام القضائية حيث أصدر قراره الشهير بعودة البرلمان المنحل بموجب الحكم الصادر بعدم دستورية قانونية ومازال المشهد يعكس هذا العدوان وهذا الاحتقان في أوساط السلطة القضائية.
هل هذا يعني اختراقا للمحكمة الدستورية؟
- آليات العمل القضائي تملي آلياتها وإرادتها علي أي محكمة ولابد أن تأخذ فرصة لتكوين عقيدتها علي ضوء ما يبدو أمامها من دفوع وطلبات من الخصوم لكن بالتأكيد المحكمة الدستورية تبدو كأسد جريح في هذه المرحلة بعدما تعرضت له من هجوم ممنهج وعدوان علي المؤسسة المرجعية في الدولة القانونية ولها تاريخ عريق في حماية الحقوق والحريات العامة ومواجهة استبداد السلطة أو انحراف السلطة التشريعية.
وبما تفسرين إذن تأجيل نطقها بالحكم في الجمعية التأسيسية ومجلس الشوري؟
- جزء لا يتجزأ من تكوين عقيدة المحكمة من خلال التدقيق فيما أبدي أمامها من مرافعات.
ألا تستشعرين ضغوطا عليها؟
- تجربتي مع هذه المحكمة العريقة تؤكد أن قضاتها مستقلون ولا يخشون إلا الله ويمارسون دورهم في استقامة قانونية ودستورية دائمة.
كيف تستشرفين الفترة القادمة في حياة مصر والمصريين؟
- أنا متفائلة جدا بأننا سوف نخرج من هذه المرحلة الصعبة الي مستقبل أفضل رغم أننا ندفع ثمن الحرية غالبا لكن مراحل التحول في حياة الشعب لا تتم بين يوم وليلة ولكن عبر مسار فيه مراحل مخاض عسير.. نحن فقط نريد أن نقلل من حجم الثمن الذي يمكن أن يدفع من أجل الوصول لنقطة السلامة الوطنية، وأن ننجح في بناء وطن حر متقدم مستقل عادل بين أبنائه، ويقف علي مسافة واحدة بين كل أطيافه ويحقق المعادلة الصعبة في حماية الحقوق والحريات والدفاع عن أمنه القومي في الداخل والخارج بالإضافة الي احترام التعددية عبر تداول السلطة بآليات ديمقراطية ويعيد توزيع ثرواته من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل نظام حكم رشيد قادر علي محاسبته ومن خلال مشروع نهضوي وطني يشمل كل أبعاد التقدم سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.
هل تتوقعين نجاح الموجة الثانية من الثورة رغم تشكيك العديد في استحالة تكرار سيناريو 2011؟
- إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، والشعب المصري مازال يريد الحرية والحياة والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية ولابد أن يستجيب القدر كما استجاب في يناير 2011 وفبراير أيضا عندما أسقط النظام.
ماذا تقولين للرئيس مرسي في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ مصر؟
- أقول له: قيمة أي قيادة في أن تعصم شعبها من حالة الاقتسام والامتثال وأن منصب الرئاسة لا يستحق أن تعرض الوطن للخطر وأن تآكل الشرعية يجبرك علي انتخابات رئاسية مبكرة.
وكيف ترين جماعة الإخوان المسلمين؟
- أعتبرها جماعة غير شرعية ولن أتعامل معها لأنها تنظيم سري.. نحن لا نعلم مَن أعضاء هذه الجماعة حتي الآن وأعتبرها جماعة غير شرعية لديها استراتيجيتها ولديها أهدافها التاريخية، وقراءة الأدبيات يحمل الكثير من القضايا الخلافية معها وكان الأمل أن يكون الحزب السياسي المنضبط في إطار قانوني ودستوري مقدمة لأن تأخذ هذه الجماعة بنفسها قرارها بالحل أو تقنن أوضاعها وفقا للقانون كي نعرف من هي وكيف نحاسبها.
ماذا تقولين لوزير العدل المستشار أحمد مكي؟
- يحزنني أن يحدث هذا العدوان علي سلطة القضاء وهذا الإنهاك لطاقاته بهيئاته ونيابته العامة ثم تتحدث عن مصداقية الدفاع يوما عن استقلال القضاء.
وماذا عن مجموعة القوانين التي قدمتها وزارة العدل؟
- قوانين استبدادية جميعها تحمل في طياتها استبداد وحصار للحقوق والحريات المتصلة بالمواطن وتعكس نية السلطة القائمة في البطش من خلال القوانين المستبدة بهذه الحقوق.
ما الكلمة التي توجهينها لقضاة مصر؟
- أنتم فخر هذه الأمة وقاطرة التقدم لها وتاريخ السلطة القضائية في مصر يؤكد ارتباطها العضوي بحركة النضال الوطني من أجل بناء الدولة الحديثة التي عنوانها «الدولة القانونية» أو «دولة القانون» ودفاعكم المجيد عن استقلال السلطة القضائية ورد العدوان عنها وسام شريف لا يقل عن وسام القضاء الذي ترتدونه وشاحا وأنتم تجلسون علي منصاتكم العالية.
ماذا تقولين لأمهات الشهداء؟
- قدمتم فلذات أكبادكن من أجل وطن متقدم وحر وأنتن لا تحملن وحدكن أحزان فقد الشهيد، فهؤلاء أبناء مصر وأبناء الشعب المصري كله ولن ينسي لهم أنهم فتحوا أبواب المستقبل لهذا الوطن بأرواحهم وهي أغلي ما يملكون.
وماذا تقولين لشباب مصر وشباب الثورة؟
- أنتم أيقونة هذه الثورة وعنوانها.. أنتم جيل احتشد من خلال وسائط العلم الحديث فخرجتم من أثر التخلف ومن المنظومة الفاسدة وبنيتم أدواتكم المستقلة وأنتم الجيل الذي سيبني هذا الوطن والذي لا يقبل بأنصاف الحلول والذي أسقط الثنائية المتخلفة بين الرجال والنساء، أنتم أغلي ما نملك وأغلي ما يملك هذا الوطن، لا تتنازلوا عن حلمكم الذي نزحتم من أجله كطليعة ثورية في 25 يناير 2011 وواجبنا أن نكون خلفكم وليس أمامكم نحميكم ونقدم لكم الخبرة ونفخر بكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.