أظهرت زيارة الرئيس الايرانى أحمدي نجاد الى مصر أن هناك هوة كبيرة بين الشارع المصرى والإخوان فى نظرتهم الى إيران فبينما يرفض الكثير من المصريين فكرة التوغل الايرانى فى مصر خشية المد الشيعى وما يعقبه من فتنة نجد أن الإخوان يتعاملون معها بشكل برجماتى.. ومن هذا المنطلق فإن العلاقة بين الإخوان وإيران يجب النظر اليها من منطلق أن جماعة الإخوان حركة، لها معتقداتها السياسية وإذا تعارضت مع عقيدتها الدينية، تضطر للتخلي عن المبدأ الأخلاقي لاستكمال الطبخة السياسية وهذا شيء مقبول في عالم السياسة. أما طهران فلا تمانع من استخدام العرب لتحقيق سياستها في المنطقة، فلا عجب إذاً لحالة التقارب بينهما التى قد تبدو غير منطقية وخاصة أن إيران استقبلت خطاب مرسى عندما ذهب إليها بكثير من الرفض والريبة. ولكن إذا ظهر فى الأفق مصالح مشتركة فلا مانع من التعاون الذى يصل الى حد التعامل بنظرية العاشق والمعشوق، فتجد الجماعة تستخدم فطرة الشعوب الدينية النقية لتحقيق مكاسبها السياسية، فالجماعة في السياسة كربون من الحرس الثوري الإيراني، فهذا الأخير قام بتشكيل فيلق القدس للقضاء على السنة في العراق، واليوم وجد له أكثر من مكان في العالم العربي بسبب التسهيلات المقدمة من جماعة الإخوان. وأكبر دليل على ذلك حركة حماس الإخوانية التي تضافرت مع «الحرس الثوري الإيراني» لذلك لم يكن غريبا أنها لم تعترض على قتل الفلسطينيين اللاجئين في العراق على يد أفراد الحرس الثوري الإيراني، وطرد الناجين منهم على الحدود حفاة وعراة. ولاشئ يهم طالما الأموال مستمرة وهذا ما يفسر التحالف الايراني الإخواني. فتوجهات الجماعة وسياستها لا تقوم فقط على فكرة إقامة خلافة إسلامية، فهذا الفرض يعد من السذاجة تصديقه فقط ولكن يجب وضع المصالح الخاصة فى مكانها الصحيح والرغبة فى التمكن والتوغل، هى تؤمن بمبدأ المغالبة لا المشاركة. وفى ايران هناك جماعة الدعوة والإصلاح الممثلة للإخوان المسلمين في إيران والتى تأسست في بداية انتصار الثورة في 1979 على يد مجموعة من الدعاة المتأثرين بالصحوة الإسلامية العالمية في أوساط أهل السنة والجماعة قبل ثلاثين سنة، وعلى رأسهم الشيخ ناصر سبحاني، وهي جماعة إسلامية إيرانية مستقلة ولها وجودها ورموزها في كل المحافظات التي يقطنها أهل السنة في إيران وتمارس نشاطاتها بشكل شبه رسمي ملتزمة بمنهج الوسطية، بعيدة عن التطرف وإثارة الخلافات وأن جماعة الدعوة والإصلاح مع كونها مستقلة في اتخاذ مواقفها وقراراتها، تلتزم بمبادئ حركة الإخوان المسلمين وثوابتها وتفتخر بانتمائها الفكريّ لها. وبالطبع الإخوان ترى فى إيران دعما بصورة أو أخرى لتغيير وضعيات داخلية محددة ومنها إعادة تجربة الحرس الثورى مما يجعلهم فى حالة أمان الى جانب أن الإخوان يرون الأحداث الحالية فى العالم قد تجعل هناك وضعًا إقليميا متغيرا يمكن لإيران أن تلعب فيه دورًا هامًا لذلك يسعى الإخوان من وراء هذا التقارب إلى الضغط للوصول إلى أهداف استراتيجية داخلية!.. إلى جانب أن حالة التقارب بين الإخوان وايران تصب فى إرسال رسائل خاصة الى الخليج وبالأخص الامارات. ولكننى لا أميل الى كونها رسالة الى أمريكا أو إسرائيل فالإخوان فى حالة استكانة وتبعية تجاه الامريكان ويتعاملون من منطلق أن اوراق اللعبة بأكملها مع الأمريكان. وذكرنى ذلك بمقال كتبه مسئول التنظيم الدولي للإخوان سابقًا والقيادي المنتمى للرعيل الأول في الجماعة يوسف ندا عن الشيعة وتوصيفه لطبيعة الخلاف، وكونه خلافًا فرعيًا، ومن جنس الخلافات السياسية لا العقدية، بين إيران الشيعية والدول العربية السنية، ومن ثم تصوره كذلك لطبيعة العلاقة بين الجماعة وإيران.وخاصة أن الإيرانيين يرون أن التطبيع السياسي المصري مع إسرائيل، يقابله عدم التطبيع الشعبي ورفض غالبية الشعب المصري للعلاقات مع إسرائيل، لاسيما بعد ثورة 25 يناير، وهو أحد العوامل التي تعول عليها إيران في تغيير السياسة المصرية تجاه إسرائيل وخاصة أن ايران تستغل تلاقيها مع الإخوان في عدة ملفات أهمها تجربة سوريا مع الفصائل الفلسطينية، وخاصة مع تقارب الحماسى الإخوانى، وهذا يساعد دور إيران الطامحة إلى دور إقليمى أكبر، لأن طهران تغلب دائما المصالح علي الأيديولوجيا.