عاشت قرية تونسبالفيوم ليلة حزينة مساء الثلاثاء بوفاة السويسرية ايفلين بوريه عن عمر يناهز 82 عاما . بعد قرابة نصف قرن قضتها فى القرية التى عشقتها فور زيارتها مع زوجها الشاعر الغنائى سيد حجاب فى اواخر الستينات من القرن الماضى. خيم الحزن على القرية الصغيرة عقب وفاة " بوريه" والتى يعتبرها ابناء القرية بمثابة ام لجميع ابناء "تونس "بعد ان حولتها من قرية فقيرة الى قرية محط انظار السياح من جميع انحاء العالم .وعندما تذهب الى قرية تونس وتسأل عن منزل مدام ايفلين تجد العشرات يقودونك الى منزل "ام انجلو" كما يحلو لاهالى القرية ان ينادونها. محمد عبد الونيس من ابناء القرية يقول : يوم صعب جدا على قرية تونس كلها بوفاة ام انجلو معلمة الاجيال صاحبة الفضل على قرية تونس وتشير اقبال سيد الى ان ايفلين ليست مصرية ولكنها صنعت فى تونس المعجزات وتركت بصمة كبيرة فى القرية. وقد رحلت مدام إيفلين بوريه الخزافة السوسرية إللي أفنت عمرها في تحويل قرية تونسبالفيوم من قرية فقيرة صغيرة إلى مزار سياحي من أهم المزارات في مصر. ويقول محمود كامل الباحث السياحى ان الحزن يعتصر قلبى على وفاة مدام ايفلين ولا اصدق اننى لن اراها مرة اخرى ..لقد كنت معها منذ عدة ايام ولم تكن تعانى من اى مرض وتحدثنا طويلا كعادتى فى كل لقاء معها ...ويضيف ما فعلته فى تونسوالفيوم لن ينسى ابدا. احمد شوقى مدير عام السياحة فى الفيوم يؤكد ان مدام ايفلين عشقت تونس لاقصى حد حتى انها اوصت ان تدفن فى منزلها الذى اقامته فى القرية والذى يشغل مساحة كبيرة واقامت فى الجزء الجنوبى منه مصنع الفخار والخزف الذى غير وجه الحياة فى تونس واصبح هناك ما يزيد على 12 مصنع للفخار والخزف فى القرية ويكفى ان العديد من ابناء تونس سافروا لمعارض الفخار والخزف فى فرنسا ودول اخرى اوروبية . غرام فى تونس مدام إيفلين خريجة فنون تطبيقية من مواليد 1939 وجاءت الى مصر من حوالي50 عاما مع ابيها الذى كان يعمل فى السفارة السويسرية فى القاهرة وزارت الاقصر ثم حضرت فى رحلة لبحيرة قارون بالفيوم مع زوجها السابق الشاعرالغنائى الراحل سيد حجاب، وقتها وقعت في غرام قرية تونس إللي كانت تلفها الخضرة والزرع من كل مكان وفيها عدد قليل من منازل الفلاحين، وقتها قررت إن تكمل حياتها وسط المنظر الخلاب . اشترت مدام إيفيلين قطعة أرض في القرية، و بنت عليه منزلها إلذى عاشت فيه سنوات عمرها حتى رحلت مساء الثلاثاء وكانت تعيش مثل أهالي القرية تستخدم "لمبة جاز"فى الانارة وتشرب مياه "الطلمبة" او" الحنفية" على حد قولها ،وتسير حافية مثل الفلاحات المصريات واستمرت حياتها هناك 10 سنين ، بدون مياه أو كهرباء، حتى قامت بتنظيم أول مهرجان للخزف في تونس مما لفت نظر المسئولين لتوصيل الكهرباء والمياة للقرية. بعد المهرجان إللي اقامته مدام إيفلين لفت إنتباهها إن الأطفال في القرية دائمًا "بيلعبوا في الطين" ففكرت فى تعليمهم فنها صناعة "الخزف" فقررت فتح مدرسة لتعليم صناعة الفخارفى منتصف التسعينات ، و كانت البداية الحقيقية في تحويل قرية تونس الصغيرة إللي قرية سياحية تشارك سنويًا في المهرجانات الدولية للخزف وتنظم مهرجان خاص بها يحضره المسئولين والفنانين من كافة الجنسيات. كما ان إنتاج الأطفال والكبار في القرية يشارك في معارض في أكتر من دولة اوروبية ، مثل فرنسا وانجلترا واصبح هناك بنات عمرهم 20 سنة وعندهم معارض كاملة وكبيرة في تونس بيعرضوا فيها إنتاجهم إللي أتعلموه فى مدرسة مدام إيفلين، ولا يمكن ان تجد احد من القرية طفل أو كبير لا يعرف مين مدام إيفلين إللي بيتها مفتوح للجميع وافضالها على كل ابناء في القرية ولا ينكروا ذلك وبيحبوها جدًا زي ماهي عاشت لأخر لحظة في حياتها تحبهم وتعلمهم ويكفى ان العديد من ابناء تونس يشاركون فى معارض فى دول اوروبية خاصة فرنسا . وقد التقيت بها فى عام 1989 واجريت معها اول حوار صحفى تم نشره فى جريدة الوفد وقتها وتحدثت لى انها ابنه احد كبار رجال السفارة السويسرية فى مصر وانها وقعت فى غرام تونس وتعيش كالفلاحة المصرية وكانت تمشى حافية وتعيش على لمبة الجاز وتتحدث اللهجة الفيومية فتقول "الشوحة والجنزورة والدحية" – عمود النور- العصفورة- البيضه- وفى اخر لقاء لى معها منذ حوالى عام ونصف قلت لها ايه اخر الكلام الفيومي اللى بتعرفيه قالت " صحف –صحف" وتعنى -افسح –وكانت تسافر الى القاهرة وبالتحديد لمعرض الخزف فى الدقى بالميكروباص وتركب المواصلات الداخلية فى الفيوم وعلى حد قولها "التيوتا" . واكدت انها لا تحب مشاهدة التلفزيون واضطرت ان تشاهده بعد ان اشتراه ولديها انجلو ومارية واخبرتنى انها تحب سماع الغناء من ام كلثوم وتحب ياسين التهامى وفاطمه عيد وانها تشجع الزمالك ومؤخرا فريق المقاصة بصفته فريق ينتسب الى الفيوم كانت مدام إيفلين كانت لا تحب المقابلات الصحفية او الاحاديث التلفزيونية وكانت بتهرب منها قائلة "مش فاضية" وبعد الحاح توافق وما ان تبدأ فى الحوار الصحفى او الحديث التلفزيونى حتى تندمج وتنسى انها مشغولة وورائها عمل . المحاسب كمال عبد التواب سلومة رئيس مجلس ومدينة يوسف الصديق بالفيوم ، قال : ان تشييع جثمان السيدة ايفلين بورية في العاشرة من صباح الأربعاء بمقابرة الأخوة الأقباط بالقرية الثانية التابعة لمنشأة قارون بمركز يوسف الصديق . واشار انه فور علمه بالوفاة استدعي طبيب الوحدة الصحية بالقرية لمعرفة سبب الوفاه والتي تبين أنها بسبب هبوط جاد في الدورة الدموية ، وأكد"رئيس المركز بأن ابنتها ماريه تم إعلامها بخبر وفاة والدتها لانها كانت فى القاهرة ، لافتا بأن جميع تلاميذها واهالي القرية في حالة حزن شديدة عقب اعلان خبر وفاتها والجميع في حالة ذهول كونها لم تعاني قبل يومين من أي امراض عضوية وكانت ترافقهم فى اليومين السابقين على الوفاة بالورشه للاشراف عليهم وتوجههم . . يذكر أن أيفيلين كانت متزوجه من الشاعر الراحل سيد حجاب وبعد طلاقها منه تزوجت من ميشيل باستورى الفرنسى وانجبت ولديها "انجلو" و"ماريه" ، وحولت القرية الفقيرة إلي اهم قرية سياحية يزورها الالاف السائحين طوال العام ، وافتتح فيها عشرات الورش لصناعة الخزف والفخار وفتح باب رزق ومشاريع جعلت من ابناء القرية محترفين في صناعة وفن الخزف والفخار ، التي تروجه لهم في اغلب دول العالم ، وزرعت الثقافه والعلم في عقول سيدات القرية اللاتي كانت واحدة منهم لما قدمته لهذه القرية وابنائها . وقد اصبحت قرية تونس احدى القرى المتميزة بيئيا وفيها العديد من الفنادق البيئية التى تجذب اليها السياح من انحاء العالم نظرا لطبيعتها الخلابة وتدرج في الوان الطبيعة كالرقعة الخضراء ومياه بحيرة قارون والرمال الذهبية خلف البحيرة . - ايفلين والجنسية المصرية بالرغم مما قدمته مدام ايفلين لقرية تونس خاصة ومحافظة الفيوم ومصر عامة الا انها لم تحصل على الجنسية المصرية وفى لقاءات عديدة معها اشتكت انها تعيش بتصريح يتم تجديده سنويا وانه كان من السهل عليها الحصول على الجنسية اثناء زواجها من الشاعر سيد حجاب ولم تهتم وقتها. وانها منذ عام 1965 تكافح للحصول علي الجنسية المصرية ولم تحصل عليها حتي ماتت مساء الثلاثاء، وكان اللواء مجدي عبدالغفار وزير الداخلية الاسبق قد اصدر لها تصريح الإقامة لفترة طويلة لحين منحها الجنسية، لكنها لم تحصل علي الجنسية حتي توفيت. "الانصارى" ينعى "ايفلين" وقد نعى الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، وفاة السيدة / إيفيلين بورية - سويسرية الجنسية، رائدة صناعة الفخار بقرية تونس السياحية، التي وافتها المنية مساء الثلاثاء. وقال محافظ الفيوم: "أن الفقيدة كانت تعشق الفيوم، واستقرت بقرية تونس التابعة لمركز يوسف الصديق منذ ستينيات القرن الماضي، وأسست جمعية ومدرسة لصناعة الخزف والفخار بالقرية، وتعليم الشباب والفتيات حرفة تصنيع الخزف والفخار، وساعدتهم في إقامة ورش خاصة بهم، وفتح مجالات لتسويق منتجاتهم محلياً ودولياً". وأضاف أن السيدة "إيفيلين" عملت جاهدة ً على تحويل قرية تونس من مجرد قرية ريفية إلى قرية سياحية ذات طابع خاص وقِبلة للزوار من مصر ومختلف دول العالم، معرباً عن خالص تعازيه ومواساته لأسرة الفقيدة.