قال المحلل السياسي عادل الخطاب، إن حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا شكلت منعطفاً مهماً في المسار التفاوضي السياسي في البلاد، وجعل المواطنين يأملون في أن تكون هذه الحكومة بداية الطريق نحو إنهاء الأزمة القائمة وإرساء السلام، لكن الأمر الواقع وما يحدث على الأرض يبدد هذه الفرصة ويجعل المراقبين للشأن الليبي يحذرون من أن العقبات الرئيسية لا تزال قائمة، ومن المُستبعد أن تستطيع الحكومة تنحيتها. وأضاف أن العقبة الأهم رأس الحكومة والمساعي لإطالة فترة البقاء في السلطة على غرار فايز السراج، الذي كان يترأس حكومة الوفاق الوطني الليبية، والدليل على ذلك ما انتشر في وسائل الإعلام عقب زياراته المتكررة إلى العواصم الأوروبية، والحديث عن محاولاته تلقي الدعم من قبل نظرائه الأوروبيين، لترسيخه في السلطة. وأكد الخطاب، أن حكومة الوحدة الوطنية تواجه صعوبة في مغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية الموجودة بالبلاد، حيث دعت منظمة العفو الدولية حكومة دبيبة إلى كبح جماح المليشيات والجماعات المسلحة المسؤولة عن عمليات الخطف والتعذيب والإخفاء القسري وغيرها من الجرائم إلا أنه لم يتم إجراء أي تحرك في هذا الاتجاه ربما لأنها لا تستطيع العمل مع داعمي المرتزقة لإخراجهم أو تفكيك الميليشيات لقوتهم التي استمدوها أثناء وجود حكومة الوفاق. يذكر أن عشرات المسلحين نظموا استعراض قوة الأسبوع الماضي، عبر اقتحام فندق كارنثيا الذي يُستخدم كمقر عام للمجلس الرئاسي الليبي في طرابلس، وجاء ذلك، بحسب الصحافة المحلية، رداً على دعوة وجّهتها وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش لانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب المتمركزين في البلاد، بمن فيهم القوات التركية. وأشار إلى إن عدم قدرة المسئولين الحاليين على تهيئة الوضع ربما عن عمد لعدم إجراء الإنتخابات في نهاية العام الجاري، موضحا أن ذلك يلعب دوراً هداماً في الحوار السياسي ومستقبل البلاد فالحديث الذي تردد في الأونة الأخيرة عن إداحتمالية تأجيل الانتخابات أحبط آمال الليبيين، وجعلهم ينددون بالمسئولين على وسائل التواصل الاجتماعي، موضحا أن التأخير في إقرار الميزانية العامة للدولة من قبل مجلس النواب بسبب مماطلة حكومة الوحدة الوطنية في إجراء التعديلات اللازمة عليها وتصحيح الأخطاء الواردة فيها يشكل عائقاً أمام توزيع الموارد بشكل عادل على جميع أقاليم ليبيا، مما يؤدي الى إستمرار الخلافات وتعزيز الشرخ القائم أساساً. وقال الخطاب: إن حكومة الوحدة الوطنية تمكنت من توحيد أغلب مؤسسات البلاد ولكن لم تتمكن من دمج العسكريين في كيان موحد بسبب التحديات الأمنية الداخلية من انتشار المليشيات والمرتزقة، وعدم وجود رؤيا واضحة حول مستقبل البلاد وتخبطه في أعماله. وأوضح أن الأحداث تشير إلى أن الحكومة الحالية لن تستطيع توحيد البلاد وإجراء الانتخابات المقررة في نهاية العام، في ظل ضغوط تركية وتدخلات أوروبية في الشأن الداخلي الليبي مما يدل على أن الأزمة باقية لا محالة، وأن الخيار السياسي لا يُمكن إلا أن يتصاحب مع خيار صارم من شأنه أن يطرد المرتزقة وينهي حالة الميليشيات المتفرقة.