الإخوان يمارسون السلطة بالخداع، الناس أعلنت ندمها على انتخاب مرسى رئيساً للجمهورية. الذين منحوه أصواتهم من غير أهله وعشيرته ليحرز نسبة نجاح ب«50٪» يهتفون حالياً يسقط حكم المرشد، وليس يسقط مرسى، لاقتناعهم أن المرشد هو الحاكم الفعلى للبلاد، والتعليمات تصدر من مكتب الإرشاد فى المقطم، وتنفذ من قصر الاتحادية فى مصر الجديدة! الذين يمارسون السلطة لا يدركون أن السلطة تمارس بالهيبة وليس بالقوة أو الخداع، فهيبة الدولة سقطت واختفت الجماعة عن المشهد السياسى الساخن، أين الصقور الحنجوريون وأين المناضلون على شاشات الفضائيات ليقولوا لنا رأيهم فيما يحدث حالياً، بل وأين مشروع النهضة، هل هو وهم، وخداع، وكذبة إبريل، البلد ينهار، والمنشآت تدمر، والاقتصاد ينزف والشهداء يسقطون، ووجوه الناس عابثة، الشفاه خاصمتها الابتسامة، الدموع تحجرت فى العيون، المواطنون يكلمون أنفسهم فى الشوارع، معظم البيوت خاوية من الاحتياجات الأساسية، المرضى يموتون على أبواب المستشفيات لنقص الأدوية، دخول المواطنين لا تكفى الحصول على العيش الحاف، بل إن البعض بدون أى دخل، وزير التموين يبشر بثلاثة أرغفة يومياً لكل مواطن على البطاقة! ورئيس الوزراء يقول والله عيش الفقراء حلو! والفاعل مجهول وراء كل ذلك، أو معلوم، ويتم التستر عليه، يقولون إن الإخوان ينتقمون للسنوات التى عاشوها تحت الأرض، ولا يفرقون فى سبيل الأخذ بالثأر من النظام السابق بين السجين والسجان. البلد محكوم من فصيل واحد، يفرض أسلوب لعبه، وهو الحكم، واللاعب الوحيد، والمنتصر الوحيد أيضاً. البلد كبير عليهم، الرئيس صدره ضاق بالمسئولية، ولجأ إلى أسلوب العنف، رفع أصبعه يهدد ويتوعد ويصدر التعليمات إلى جهاز الأمن بالحزم والحسم مع الشعب. وكان أول قرار أصدره الرئيس ب«صباع واحد»، هو فرض الطوارئ على مدن القناة. وكان أول سؤال تم توجيهه إليه فى المؤتمر الصحفى المشترك له مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل فى برلين هو: لماذا فرضت الطوارئ، العالم أزعجه أن تلجأ ثورات الربيع العربى إلى القوانين الاستثنائية والأحكام العرفية، لإخراس الشعب، إجابة مرسى بأن الطوارئ كانت ضرورية لحفظ الأمن، كانت غير مقنعة، لأن العالم يعرف أن «مرسى» فرض عقاباً جماعياً على مدن القناة لأنها خرجت تعترض على حكمه الفاشل الذى تحول إلى العنف بعد ستة أشهر فقط، ارتكب فيها ما ارتكبه النظام السابق فى «30 عاماً». واليوم يمر عام على مجزرة بورسعيد، وهى لاشك جريمة مروعة لم تشهد الملاعب الخضراء فى العالم مثلها، لكن من الذى ارتكبها، بالتأكيد أن شعب بورسعيد الباسل برئ من هذه الجريمة والمسئول الحقيقى عن هذه المجزرة هو من سمح بإقامة المباراة بين الأهلى والمصرى، متجاهلاً الانفلات الأمنى، وحالة الاحتقان الشديدة التى سبقت المباراة بين مشجعى الفريقين فحدث ما حدث، لكن أن يتم تحميل شعب بورسعيد مسئولية وقوع هذه المجزرة، ويتعرض للعقاب منذ العام الماضى، وتفرض عليه الطوارئ عندما يثور على حكم إحالة أوراق «21» من أبنائه للمفتى فهذا ظلم لأبناء المدينة الباسلة، وأن تعمم الطوارئ على جميع مدن القناة، فهذا عقاب جماعى للفدائيين الذين تصدوا للعدوان الثلاثى عام 56، وللعدوان الإسرائيلى فى «67» وشاركوا ببسالة لتحقيق النصر فى 73. فرض الطوارئ بهذه الطريقة انحراف بالسلطة، ومخالفة للدستور، إننا نعزى شعب بورسعيد فى ضحاياه وندعو لشهداء المذبحة فى الذكرى الأولى بالرحمة، ونحمل المسئولية للفصيل الحاكم فى أن يقدم الجناة الحقيقيين للمحاكمة فى جميع الجرائم التى ارتكبت على أرض مدن القناة، وفى جميع أنحاء البلاد. إن فصيلاً واحداً لا يستطيع أن يقود البلاد منفرداً وإنقاذ البلاد من الانهيار يحتاج إلى تضافر جهود كل القوى الوطنية، ونحيى بهذه المناسبة مبادرة جبهة الانقاذ وحزب النور للخروج من الأزمة، فحين تتفق الجبهة والسلفيون فى العديد من المطالب فإن ذلك مؤشر جيد على أن هناك مبادرة مدروسة للخروج من الأزمة وعلى الرئيس مرسى قبولها ومناقشة محتواها معهم وتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه منها لأنها تشمل نقاطاً تحفظ للبلاد استقرارها وهيبتها وتحقن دماء أبنائها، وتنفذ دستورها، وتحافظ على منشآتها، وتضمن حكومة قوية لإدارة البلاد، وبنوداً للقصاص من قتلة الشهداء، وهذا ما نحتاجه فى الوقت الحالى.