أيام ويحل علينا الشهر الفضيل ومعه ذكريات أبدعها محمود رحمى صانع البهجة فى عالم الأطفال على مدى 17 عاماً، جزء من تاريخ الكثيرين منا المرتبط برمضان وإبداعه الرائع (بوجى وطمطم) الذى كان يتم عرضه على التلفزيون المصرى على مدار سنوات، وكان رحمى هو من قام بتصميم الشخصيات وإخراج المسلسل. زارعاً القيم الجمالية والإنسانية والأخلاقية فى قلوب وعقول صغار الوطن العربى. وبوجى وطمطم بالنسبة للكثيرين ليست عرائس يحركها رحمى بتصميمها ومشاركة العديد من الفنانين المصريين مثل هالة فاخر (طمطم)، يونس شلبى (بوجى)، إنعام سالوسة (طنط شفيقة)؛ ولكن هو عالم له مفرداته الخاصة فى دنيا الطفولة. ومسلسل بوجى وطمطم كان له تأثير كبير فى ثقافة الطفل المصرى والعربى وارتبط بوجداننا لسنوات طويلة فى ليالى شهر رمضان، حيث كان له الفضل فى ارتباطنا بعروسة مصرية خالصة من البيئة المصرية الأصيلة مما كان له أكبر الاثر فى مواجهة الثقافات الغربية. وكان أول إنتاج له عن السلوكيات فى عام 1983 وتوالت الأجزاء بعد ذلك (نحو 18 جزء)..لنعيش معه عالم بوجى وطمطم فى رمضان، والفيل الجميل، محطة فلافيلو، حكايات مع بوجى وطمطم، الفانوس السحرى، بوجى وطمطم وأسرار جحا، حبيبتى اسمها مصر، أولاد القمر، ورشيد. وارتبط بوجى بيونس شلبى، مقدماً الشخصية الطيبة لكنه متسرع، أما طمطم وصوت هالة فاخر فهى رمز للكمال الاخلاقى والانفعالى. ومعها طماطم الصغيرة التى أدتها تغريد العصفورى أما عم شكشك العجوز وصاحبها رأفت فهيم، الرجل العجوز الجالس دائماً على الشباك فى بيته فى الدور الأرضى وليس له هم سوى متابعة الناس وأخبارهم هو ووالده محب الزبادى (أو الشبادى كما ينطقها). و«عم شكشك» كان يردد جملته المشهورة «هات العصاية يا ولد»، وتعلق بها كثيرون. وهناك زيكا (ماهر سليم)، زيكو ( سيد عزمى)، طنط شفيقة ومرمر (إنعام سالوسة)، أما زيزى (سلوى محمد علي).. أما الشخصيات الحقيقية فكانت محمد الشرقاوى: زقلط، حسن مصطفى:عم حسن، معوض إسماعيل، وعلاء مرسى: موزة، ومحمد جبريل:هانى. وأعطى رحمى عند صناعته لعرائس مسلسل بوجى وطمطم اهتماماً خاصا بالوجوه، على أمل أن يجعلها فريدة وواقعية قدر الإمكان، وكأنه يريد تقديم عرائس تتم بشكل تقليدى للكبار والأطفال على حد سواء، لتكون فى أوقات الترفيه خلال شهر رمضان مستعيناً بخبرته وحبه لصناعة الماريونت التى تعد من الفنون التى لها جذور عميقة فى مصر، أراد رحمى أن تكون العرائس تتناسب مع بيئة الأطفال الاجتماعية والنفسية والأخلاقية، وكذلك التى تتلاءم مع عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم داخل مجتمعاتهم التى يعيشون فيها، وقام بإعداد قصة بوجى وطمطم وتحضيرها فنيا وجماليا من البداية حتى النهاية، وجعلها تتناسب مع أعمار طفولية مختلفة وميولاته الوجدانية والنفسية والشعورية والذهنية أيضا متباينة. وأختار بين مجموعة من المكونات كالورق والقماش والبلاستيك والخشب والبوليستر، فيرسم الوجوه والأشكال والأجساد على الورق أو يخطها فى شكل بورتريهات على الأوراق، فيلونها بشكل مسبق، ويحدد ملامحها بدقة مضبوطة. وبعد ذلك يبدأ فى صنع الدمى والعرائس اعتمادا على تقاسيمها وتفاصيلها المرسومة على الورق. وخاصة أن صنع دمى بالقماش، يتم من أجلها صناعة مجموعة من الموديلات البشرية أو الحيوانية أو النباتية، فنحشوها بالقطن أو ورق الجرائد أو بالإسفنج أو بمواد أخرى لينة ومرنة. وكما فى عالم الدمى المتحركة تختلف أصوات الممثلين وتتميز وفقا ً للدور الذى تؤديه، لذلك جعل رحمى من قام بالأدوار لايتكلمون من حناجرهم أو أنوفهم، فيبدو صوتهم رفيعاً أو عريضاً؛ بل ويستشعرون طبيعة الشخصية وذلك حتى يتم اجتذاب سمع المشاهد أكثر. ومن المعروف أن «أحمد بكر»، محرك العرائس كان يلازم بوجى وهو عروسة من نوع «مابيت» تتدلى منها طرفى سلك، يقبض عليهما «بكر» فى مرونة باليد اليمنى، فيما تقبع يسراه خلف الرأس ليتحكم فى اتجاهها، بينما يتحرك فم العروسة بفعل ضغط أصابع «بكر»، «بوجي» الذى لا يتجاوز طوله 40 سم؛ محركا اليد تماشياً مع الكلمات الصادرة عبر الأثير، محاولة هضمها وتمثيلها دون تعبيرات مفتعلة أو حراك إلا باليد. أما سلام باندا أحمد حلمى، كان من أسرة «بوجى وطمطم» 2009، حيث قام بتحريك عروسة «زيكا» و«طماطم» وعم «شكشك». كان التجمع حول التليفزيون بعد أذان المغرب، لمشاهدة مسلسل «بوجى وطمطم»، أحد طقوس رمضان لسنوات عدة لمتابعة الأحداث الجديدة وتصرفات بوجى الطائشة ورزانة وحكمة طمطم، وعم شكشك الذى يطل من شباكه على الحارة لينقد الأشياء الخاطئة، تلك الشخصية التى تعلق بها الكبار والصغار، والتى أكدت فوقية خفاجى أرملة المخرج ومصمم العرائس محمود رحمى، على نيته قبل وفاته بوقت قليل على تصميم عروس شقيقة عم شكشك، فقد كانت أحلام محمود رحمى إنشاء مدينة تشبه والت ديزنى مكونة من عرائس مصرية 100%، لإدخال السرور والسعادة فى قلوب المصريين. لذلك فكر فى تصميم عروسة جديدة وهى شكشوكة، أخت عم شكشك، وبالفعل قام برسمها على ورقة وتخيل صوتها «مسرسع»، ولكنه توفى قبل تنفيذ الشخصية. وجميعنا يتذكر أغانى مسلسل بوجى وطمطم الشهيرة مثل «حرمت يا بوجى»، و«ياجنينة الحيوانات»، وغيرها من الأغانى الشهيرة، التى كنا ندندنها. ومن المعروف أن رحمى مبتكر شخصيات المسلسل كان يحدد شكل الشخصيات ودورها الدرامى فى العمل ثم يقوم بكتابة الأغانى وقتها صلاح جاهين ويلحنها الأغانى إبراهيم رجب، وكان رحمى يضيف كل عام شخصية جديدة على العمل. وأثر المسلسل فى ثقافة الطفل المصرى والعربى، إذ حاز متابعة الصغار والكبار، وارتبط بوجدان الطفل سنوات طويلة فى ليالى شهر رمضان، وكان له أكبر الأثر فى أثراء الوظائف التربوية والاجتماعية والنفسية والتثقيفية علاوة على وظائف التسلية والترفيه والإمتاع. كما يعد قناة أخلاقية تنقل مجموعة من القيم النبيلة والأخلاق إلى الطفل من أجل تغيير سلوكه بماهو أفضل وأحسن، معتمداً على حبهم لشخصيات مسلسل بوجى وطمطم وما تقدمه لهم من متعة وتسلية وكذا تربوية وتعليمية، وبذلك لبى رحمى رغبات الطفل الشعورية واللاشعورية، وحقق له توازناً نفسياً عبر ممارسة اللعب والمشاركة فى الفرجة الدرامية التى تقدم له بطريقة كوميدية فنية وجمالية تقوم على الإضحاك والتسلية والترفيه، ولا تزال شخصيات «بوجى وطمطم» تتمتع بشعبية كبيرة وسط الكثيرين من مختلف الأعمار، وظهر ذلك من خلال الصفحة الرسمية لهما التى تم تدشينها مؤخراً على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، حيث اقترب مشتركو الصفحة من 3 ملايين شخص، وتنشر الصفحة عدداً من صور «الكوميك»، إضافة إلى عدد من الصور الخاصة بالمسلسلات القديمة وبعض ألعاب فترة الثمانينيات. ورغم ارتباط الكثيرين بالعمل لكن للأسف فى عام 2001 فوجئ رحمى بإيقاف مسلسله بدون ذكر اسباب.