عندما نستعرض تاريخ السينما المصرية التى تجاوز من عمرها ال100 عام، نقف أمام نفر قليل من العمالقة استطاعوا ترك أثر عميق فى وجدان الملايين منهم على سبيل المثال: زكى رستم، محمود المليجى، كمال الشناوى، فريد شوقى، أنور وجدى، شكرى سرحان، رشدى أباظة، ولكن عندما نذكر أحمد زكى التى تمر الذكرى ال16 لرحيله بعد غد السبت، نقول إنه أحد أبرز العمالقة فى تاريخ السينما المصرية وفنان حقيقى موهوب بالفطرة. فرض موهبة رغم أنه لا يملك مقومات النجومية فهو ليس وسيمًا أو عريض المنكبين ولكن موهبة متفردة، نستعرض فى هذا التقرير تاريخ «النمر الأسود» الذى أصبح ظاهرة نادرة فى تاريخ السينما المصرية، نستعرض فى هذا التقرير مشوار إمبراطور السينما ورئيس جمهوريتها أحمد زكى. بدايته كانت فى مطلع السبعينيات من القرن الماضى عندما شارك فى دور صغير فى مسرحية «هاللو شلبى» مع عبدالمنعم مدبولى، ثم شارك فى دور أكبر فى المسرحية الشهيرة «مدرسة المشاغبين»، بداية ظهوره فى السينما كان فى دور صغير نسبيًا فى فيلم «بدور» مع الراحل محمود يس ونجلاء فتحى عام 1974، وفى عام 1975 تم ترشيحه لبطولة فيلم «الكرنك» مع سعاد حسنى ولكن لأسباب إنتاجية بحتة قام نور الشريف ببطولة الفيلم، وشعر أحمد زكى بالصدمة، ولكن واصل الكفاح محاولًا إثبات موهبته. فى العام الثانى 1976 شارك أحمد زكى مع الراحلة ماجدة الصباحى وأحمد مظهر ومحمد خيرى فيلم «العمر لحظة»، حيث جسد دور الجندى محمد الذى ينال الشهادة فى حرب الاستنزاف. فى عام 1977 شارك فى دور رئيسى فى مسرحية «العيال كبرت» التى حققت نجاحًا كبيرًا نستطيع القول إن بداية الانطلاقة الحقيقية فى مشوار أحمد زكى السينمائى كان فى فيلم «شفيقة ومتولى» مع سعاد حسنى عام 1978، ليبدأ مشوار تألق ونجومية لم ينقطع حتى وفاته. وفى عام 1980 تألق بشدة فى فيلم «الباطنية» حينما جسد دور شخص متخلف عقليًا وهو فى الحقيقة ضابط شرطة يسعى للإيقاع بعصابة المخدرات، ولا ننسى أنه فى عام 1979 برع الفنان الراحل فى تجسيد شخصية عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى مسلسل «الأيام» مع العمالقة يحيى شاهين ومحمود المليجى وأمينة رزق وحقق المسلسل نجاحًا مذهلًا ونجح النجم الأسمر فى تجسيد الشخصية ببراعة فائقة. شهدت حقبة الثمانينيات عشرات الأفلام الرائعة لأحمد زكى، حيث جسد شخصيات محتلة ومتباينة.. فى عام 1981 جسد شخصية الأخ الخائن فى فيلم «عيون لا تنام» مع فريد شوقى ومديحة كامل وفى عام 1982، قدم فيلمين عكسا بقوة معاناة الشباب «الحب فوق هضبة الهرم» و«أنا لا أكذب ولكنى أتجمل»، الفيلمان مع النجمة الشابة فى ذلك الوقت آثار الحكيم. وفى عام 1983 برع أحمد زكى فى تجسيد شخصية المدمن فى فيلم حمل هذا الاسم مع العملاق عادل أدهم ونجوى إبراهيم. كما قام ببطولة مجموعة من الأفلام فى تلك الحقبة منها: «درب الهوى» مع محمود عبدالعزيز ومديحة كامل ويسرا وفاروق الفيشاوى، وقدم أدوارًا متميزة للغاية فى أفلام «أربعة فى مهمة رسمية، البيضة والحجر» ولا ننسى «النمر الأسود» الذى برع فيه أحمد زكى فى تجسيد شخصية عامل الخراطة الذى أصبح بطل ملاكمة ورجل أعمال فى ألمانيا، ولا ننسى دوره المتميز فى فيلم «الراقصة والطبال» مع نبيلة عبيد. وفى عام 1985 شارك السندريللا سعاد حسنى فى مسلسل «هو وهى» خدم من خلاله 15 شخصية مختلفة. شهدت نهاية حقبة الثمانينيات تطور نوعى للفنان الراحل من خلال براعته فى أفلام «البرىء، الهروب، الإمبراطور، البيه البواب» بدا عملاقًا للغاية بشكل أذهب الجماهير والنقاد، الجندى الغلبان فى «البرىء» والقاتل رغم أنه فى «الهروب» وتاجر المخدرات فى «الإمبراطور» والبواب الصعيدى فى «البيه البواب»، وزوجة رجل مهم. وفى بداية التسعينيات واصل التألق الشديد من خلال فيلم «ضد الحكومة» مع لبلبة وأبوبكر عزت، المحامى النصاب الذى تحول لمحام مستقيم وتصديه للدفاع عن تلاميذ أبرياء لقوا مصرعهم فى حادث أتوبيس مدرسى. وواصل التألق والتميز فى أفلام «أرض الخوف، استاكوزا، امرأة واحدة لا تكفى» وشهد عام 1995 بداية مرحلة جديدة لأحمد زكى حينما نجح براعة فائقة فى تجسيد شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى فيلم «ناصر 56»، رغم عدم وجود أى تشابه بينه وبين الزعيم الراحل ولكن موهبته الفذة جعلته بجسد الشخصية بنجاح منقطع النظير، وكان من المدهش والمثير للإعجاب أن يجسد بعد هذا الفيلم شخصية المصور المتواضع فى فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة» مع سناء جميل ومنى زكى وعزت أبوعوف وكريم عبدالعزيز. كما برع أيضاً فى فيلم «سواق الهانم» مع سناء جميل وعادل أدهم. ولا ننسى أفلام «الباشا، الرجل الثالث». وفى مطلع الألفية الجديدة حقق أحمد زكى أحد أحلامه السينمائية، حينما جسد شخصية الزعيم الراحل بطل الحرب والسلام، محمد أنور السادات فى فيلم «أيام السادات» أداء لا يوصف وتجسيد مذهب للشخصية لدرجة أقنع من شاهد الفيلم أنه أنور السادات. شارك الفنان الراحل فى إنتاجه ليحصل بعدها على لقب رئيس جمهورية السينما، وكرمه الرئيس السابق الراحل حسنى مبارك عن دوره فى هذا الفيلم. وكان حلمه الأخير الذى تحقق جزء منه، أنه بدأ تصوير فيلم «حليم»، وصور بعض المشاهد ولم يمهله القدر ورحل يوم 27 مارس .2005