الرئيس الأمريكي يعيد إلي الأذهان مواقف فورد و ريجان في رفض التآمر علي الآخرين المؤامرة كانت جزءاً من السياسة الخارجية باعتراف رؤساء أمريكيين منظمات الإرهاب الوكيل المحلي للمؤامرة والفوضي والحروب والاغتيالات حدث ان كان مقدم برنامج تليفزيوني يناقشني علي الهواء، عن نظرية المؤامرة، بمناسبة صدور كتابي: «المؤامرة الكبري: من وثائق المخابرات الأمريكية والموساد وداعش» شرحت وجهة نظري معززة بالوثائق، ووجدت مقدم البرنامج يسارع بحماس متقد، بنفي وجود أي مؤامرة خارجية ضد مصر. بعدها حاورني مذيع آخر، وبدأ كلامه بجملة "أنا غير مقتنع بنظرية المؤامرة". كان جوابي هو اذا كانوا هم في بلادهم، وعلي أعلي مستوي في مواقع المسئولية، يعترفون بالمؤامرة كجزء لا يتجزأ من إدارة سياستهم الخارجية، فعلي أي أساس ينكر البعض هنا وجودها؟ هذا لا ينفي ان حكامًا في دول العال الثالث، وبعضهم من عالمنا العربي، ارتكبوا في حق شعوبهم جرائم، وسطوا علي الحكم لعشرات السنين ومنهم من دفع ببلاده الي تصنيف الدولة الفاشلة. هؤلاء الحكام كانوا يتذرعن بأنهم ضحايا المؤامرة من الخارج، تبريرا لحكمهم غير الرشيد، ولدوام بقائهم في السلطة. ثم إن الشعب الأمريكي وأغلبية عددية له رأي يخالف من ينكرون المؤامرة. ففي عام 2006 أجري استطلاع للرأي العام، كانت نتيجته ان 52٪ من الأمريكيين يؤمنون بوجود المؤامرة. لكن الأهم من ذلك كان اعتراف اثنين من رؤساء أمريكا علنًا روجوا المؤامرة جزءا لا يتجزأ من سياسة أمريكا الخارجية. فورد وريجان يرفضان المؤامرة في السياسة الخارجية ففي عام 1975، أعلن الرئيس جيرالد فورد رسمياً، رفضه اسلوب المؤامرة في السياسة الخارجية، والتي تشمل تدبير انقلابات، واغتيال زعماء أجانب وإشعال حروب أهلية واقليمية. وجاء قرار فورد نتيجة ما كشفته تحقيقات الكونجرس عن نشاط وكالة المخابرات المركزية، والتي أثبتت التآمر لاغتيال زعماء دول أخري. وفي عام 1981 أصدر الرئيس رونالد ريجان قراراً بمنع الحكومة الأمريكية من التخطيط أو التنفيذ لقتل زعماء دول أجنبية. وكان القرار رد فعل للتقرير الذي أعلنته لجنة كنسية لتقصي حقائق الممارسات الحكومية، والذي أورد تفاصيل عن المؤامرة ضد دول أجنبية. وفي تيار استكمال شرح قرارات ريجان نشر ضابط المخابرات المركزية السابق ايليوت أكرمان في نوفمبر 2014 مقالا بمجلة نيويورك المعرفة بدقة معلوماتها، يسترجع فيه ذكرياته مع قرار ريجان. وقال ان ريجان أعاد لنا بهذا القرار الشعور بالارتياح، لانه وضع بذلك حدا لنهج المؤامرة والاغتيال. هذا القرار بقي ساري المفعول حتي عام 2009، عندما برر جورج بوش المؤامرة، بأن اللجوء اليها هو اجراء يتفق مع كون أمريكا في زمن حرب، من بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. ومن بعده جاء أوباما ليتابع نفس النهج واصفا له بأنه إجراء قانوني. وتوالي ظهور وثائق تكشف المزيد من خفايا المؤامرة في السياسة الخارجية، منها ما نشره ضباط سابقون بالمخابرات المركزية من كتب بعد تقاعدهم، يقدمون فيها شهاداتهم عن مؤامرات للإطاحة بحكومات منتخبة، مثلما حدث في جواتيمالا عام 1954، ومحاولة قتل لوموبا بالسم، ومحاولة اغتيال عبدالناصر عام 1954 في الإسكندرية. العالم العربي الملعب الرئيسي للمؤامرة اللافت للنظر ان المؤامرة متعددة الصور والأشكال اتخذت من العالم العربي ملعبها الرئيسي بوسائل متعددة: من اثارة الفوضي الهدامة، والقلاقل، واشعال الحروب، وتفتيت الدول والمجتمعات من داخلها، وصناعة منظمات الارهاب التي رهنت إرادتها للمخابرات الأجنبية، مقابل ما تغدقه عليها من أموال، وما تزودها به من سلاح، وما توفره لها من مستشفيات لعلاج جرحاها، والتي ثبت وجودها في تركيا بعلم حكومتها. كانت حرب 1967 البداية المعاصرة في ملف المؤامرة علي مصر، ثم تواصلت حلقات السلسلة بلا توقف، وبتركيز علي هدم الدولة الوطنية في العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن، وغيرها. توجد معلومة معروفة، هي أن المخابرات الأمريكية تضع أمام الرئيس المنتخب بمجرد جلوسه في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، الوثائق السرية لكافة نشاطاتها، وعلاقاتها الخارجية الخفية. لكن يبقي السؤال: هل يعلم الرئيس كل شيء؟.. أم أن ما ذكره الكاتب الأمريكي توم أنجلها رث في كتابه «الحكومة الخفية»، هو أمر صحيح، من أن بعضًا من الرؤساء لا يعرفون كل شيء.. وان منهم من فقد سيطرته علي عالم مخابراته؟ ما يهمنا بشأن هذا العالم المخابراتي، اننا كدول نتعامل مع قوي عظمي بناء علي ماهو معلن من جانبها عن قواعد سياستها الخارجية، وعلاقاتها الدولية مع دول العالم ونحن منها. وهذا هو الوجه الظاهر لنا، لأن هناك وجهًا آخر يتواري في الخفاء، تمثله وكالة المخابرات المركزية، فهي شريك أصيل في ادارة منظومة السياسة الخارجية، والتي تعرف بالباب الخلفي للسياسة الخارجية، أو كما وصفها كتاب أمريكيون، بالباب الخلفي للعمليات القذرة.. هو مصطلح يعني كل ماهو غير مشروع وغير قانوني. خطط إعادة رسم حدود الشرق الأوسط منذ أوائل التسعينيات تتردد بقوة أفكار عن اعادة رسم الحدود بين دول الشرق الأوسط، يرافقها الترويج الواسع النطاق لنظرية تقول بأن عصر الدولة القومية قد انتهي. والذين ينشرون هذه الأفكار يعترفون بأن ذلك لن يتم دون حدوث تقلبات داخلية، تشعلها نزاعات عنصرية وطائفية، واشتباكات مسلحة. هذه الأفكار لقيت ذيوعا رسمياً عام 2006، عندما أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس أثناء زيارتها لاسرائيل، وبحضور رئيس وزرائها يهود أولمرت، دعوة لاقامة شرق أوسط جديد، وهو مشروع يطبق علي مراحل يتضمن حزام أزمات يطوق العالم العربي، ونشر الفوضي والعنف عبر دول المنطقة. ثم راحت جهات أمريكية ليست بعيدة عن الدائرة الرسمية للدولة، تكشف عن مخطط لإعادة رسم الحدود، وفق خريطة لتخطيط أوضاع الشرق الأوسط بشكل مختلف، وحسب مفهوم الشرق الأوسط الجديد. احدي هذه الجهات كانت في مناسبة رسمية لحلف الأطلنطي عام 2006، عندما وزعت في برنامج تدريبي لكبار العسكريين بالحلف، خريطة وصفت بأنها تعكس خطط الأجهزة العسكرية والمخابراتية الأمريكية، لتفكيك الشرق الأوسط، إلي كيانات صغيرة. لكن بعض الدول الأعضاء بالحلف انتقدت هذه الخطة، التي قالت عنها انها تسعي لتفكيك الشرق الأوسط. وفي نفس عام 2006 نشرت مجلة القوات المسلحة الأمريكية، خريطة ضمن مقال للكولونيل المتقاعد رالف بيترز بعنوان «حدود الدم.. نحو شرق أوسط أفضل» وشرح بيترز ان تنفيذ الخريطة ينطلق بإثارة توترات عرقية، وحروب أهلية، لتسهيل إعادة رسم الحدود. ويلاحظ أن هذه الوسائل التنفيذية تجسدت فعلا بعد ذلك، في إثارة النعرات الطائفية، والحروب الداخلية، في العراقوسوريا وليبيا، واليمن، و ظهور دعاوي التفكيك، بما يهدم مبدأ الدولة الوطنية. التدمير الخلاق.. الاسم الرسمي للفوضي الخلاقة كل ذلك كانت له بداية طرحت أولاً كنظرية، ثم وضعت لها خطط تحويلها الي واقع علي الأرض عندما تم في أواخر عام 2001 تكليف مايكل لادين، بوضع خطة تنفذ علي مدي عشر سنوات لتغيير الدول العربية من داخلها. وهو المشروع الذي نشر بمجلة Policy Review. .. ومايكل لادميه كان كبير خبراء أمريكان انتربرايز، وكان مقربا من الرئيس جورج بوش «الإبن»، ومجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، والذي كان يعتبر بالنسبة لهم مفكرا استراتيجياً يلهمهم بأفكاره، وهو أصلا إسرائيلي الجنسية. وكان قد حدث خطأ أو سوء فهم، جعل البعض ينسبون الفوضي الخلاقة الي كوندوليزا رايس، بينما صاحب فكرتها هو مايكل لادين، والذي أسماها في البداية التدمير الخلاق Creatuve Destruction. ونظرا لثقل وقع الجملة علي من يسمعها فقد أدخل لادين تعديلا عليها وأسماها الفوضي الخلاقة. لكن خطأ ارجاع هذه الخطة الي كوندوليزا رايس، سببه ترديدها لعباراتها في أكثر من مناسبة، بينما الخطة موجودة أصلا في ادارة السياسة الخارجية. لادين يشرح خطته في كتابه «خيانة الحرية والحرب علي قادة الإرهاب» ويصف التدمير الخلاق بأنه لا يهدف فقط الي انزال هزيمة عسكرية بالخصم، بل اخضاع المجتمعات لتغيير توجهاتها الفكرية والثقافية، بأسلوب نشر الفوضي، وصولا الي الحرب الشاملة Total War. وعندما نقرأ ما يقول نجده مطبقا بعد ذلك في الفوضي، التي أثارت الحروب في العراق، وسوريا، وليبيا، استكمالا لفكرة الحرب الشاملة. والفوضي كنظرية سياسية، هدفها أصلا هدم الدولة، سواء كان منشوئها فكرا سياسيا اجنبيا أو انفلاتا سلوكيا محليا بدأ ظهوره بالفكر الاخواني المناهض لمفهوم الوطن، وما تفرع عنه من تنظيمات ارهابية بدأت حديثا بالقاعدة ثم ماحدث من تطور بظهور جماعات تتبني نفس تفكيرها حتي ولو لم ترتبط بها تنظيميا وصولا الي داعش. وكان انصار ما يسمي في أمريكا بالمدرسة الواقعية فى السياسة الخارجية، قد أجروا استطلاعات للرأى أظهرت تخوفا من استعانة الولاياتالمتحدة بوكلاء يشتبه فى تبنيهم أفكارا ارهابية، ممن وصفتهم مصادر أمريكية بأنصار الاسلام المعتدل وهو الاسم الذى يعرفون به الاخوان المسلمين وان هذا التوجه الأمريكى سيساعد على انتشار المنظمات الارهابية. فى اطار خطة الفوضى الخلاقة ومساراتها جاء غزو العراق عام 2003، مستندا الى أدلة زائفة وغير حقيقية، باعتراف الأمريكيين أنفسهم بذلك فيما بعد. وطبقا لدراسة موثقة نشرتها مجلة تايم فى هذا الوقت كتبها تسعة من محرريها ونشرت على سبع صفحات، فإن خطة غزو العراق سبق أن وضعت فى عام 1992 عندما كان ديك تشينى وزيرا للدفاع فى ادارة الرئيس بوش الأب، وقدمها له تشينى لن بوش رفضها. وبقيت الخطة فى حقيبة أوراق تشينى حوالى عشر سنوات، الى أن أصبح نائبا للرئيس فى ادارة بوش الابن، فأخرجها من حقيبته، وهى التى طبقت بغزو العراق عام 2003. حرب العراق بداية لتنفيذها فى 7 دول وقبل الغزو بأيام ذهب بوش الى معهد أمريكان انتربرايز وألقى خطابا أعلن ان غزو العراق سيكون نموذجا ملهما لما سيحدث فى بقية دول المنطقة، وحسب تعبيره أن حرب العراق هى معركة لمستقبل العالم الاسلامي. من ناحيته، يقدم الجنرال ويلى كلارك القائد السابق لحلف الأطلنطى فى أوربا، والمرشح السابق للرئاسة صورة واقعية لما كانت تخطط له الادارة الأمريكية كلورك أورد هذه المعلومات فى كتابه «كسب الحروب الحديثة: العراق والارهاب والامبراطورية الأمريكية، ويقول: كنت فى البنتاجون فى شهر نوفمبر 2001 وقال لى واحد من هيئة كبار الضباط: اننا مازلنا على الطريق نحو ضرب العراق. وهو ما جرت مناقشته كجزء من خطة تنفذ على مدى خمس سنوات، وتشمل سبع دول تبدأ بالعراق، ثم سوريا، ولبنان، وليبيا، والسودان. وفى الشهر الذى سبق حرب العراق عام 2003 نشر معهد أميركان انتربرايز المقرب من البيت الأبيض تقريراً يعلن أن الشرق الأوسط سيكون ميدان اطلاق مشروع الاستراتيجية الأمريكية الجديدة. ويوضح توجهات هذه الاستراتيجية بيل كريستبوس المحلل السابق بالمخابرات المركزية الأمريكية ويقول فى دراسته المنشورة عام 2002 أن كتابات أقطاب حركة المحافظين الجدد والذين يتقلدون المناصب المؤثرة فى الادارة الأمريكية، وآراءهم المعلنة، كانت تتضمن اعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وان تكون اسرائيل هى الدولة المركزية فى الخريطة الجديدة وان يتم تغيير العالم العربي، بدءا بمشروع حرب العراق. ومن ضمن هؤلاء ريتشارد كراوثمر المرتبط بصناعة السياسة الخارجية فى تلك الفترة. وشرح أن الهدف من حرب العراق بأنه الدخول الى العالم العربى والاسلامى بكامله، للقيام بعمليات تغيير شاملة. كذلك كان الوصف الذى استخدمته جيسيكا ماتيوز رئيسة مؤسسة كارينجى للسلام فى واشنطن من أن المعنى المباشر لأى ضربة أمريكية للعراق، هو رسالة الى اى دولة أخرى فى العالم، بأنها قد تتعرض لمثل هذا العمل مستقبلا، حتى ولو لم يكن هناك استفزاز من جانبها للولايات المتحدة. معنى هذا أن ضرب العراق استكمالا للحرب ضد قواعد الارهاب فى أفغانستان، بينما العراق لم يكن ضالعا فى هجوم الحادى عشر من سبتمبر، فإن واشنطن بذلك تحتفظ لنفسها بالحق فى الاطاحة بأنظمة حكم لا ترضى عنها، بصرف النظر عما اذا كانت هذه الأنظمة لها علاقة بالمنظمات الإرهابية المعادية للولايات المتحدة أم لا. ارتبط بالتوجهات الاستراتيجية الأمريكية فى ذلك الوقت مبدأ الحرب الاستباقية ضد عدو محتمل. ومعنى ذلك ان دولا تحسب تقليديا كدول صدقة للولايات المتحدة، قد تجد نفسها وقد عوملت كعدو محتمل، وفق الحسابات التى تنفرد الولاياتالمتحدة بتحديدها للتحديات والتهديدات لأمنها القومي. وكان ذلك جزءاً من تبنى مبدأ تغيير الأنظمة والذى كان على رأس أسباب حرب العراق والذى صار مطلبا يبشر به مفكرون سياسيون فضلا عن كوادر من المخضرمين فى عالم المخابرات. ومن أكثرهم افصاحا عن مواقفه جيمس دولسلى المدير الأسبق للمخابرات المركزية، بالاضافة الى دراسات منشورة تتحدث عن أهداف التغيير الشامل للشرق الأوسط، سياسيا، واقتصادي، وتعليميا، وثقافيا، وأمنيا، وفق خريطة للعلاقات الاقليمية بصورة جديدة. كان هناك خيط دقيق يربط بين المؤامرة التى شملت خططا جاهزة لتغيير الأنظمة، والاتيات بأنظمة بديلة عملية، وبين الترويج لفكرة نهاية عصر الدولة الوطنية، مصحوب بالكشف عن سياسات لتفتيت الدول العربية ومجتمعاتها، وتجزئة الكيانات التاريخية، الجامعة لسكانها، الى كيانات صغيرة ضعيفة. ومن المعروف أن الدولة الوطنية، بتكوينها السكانى المتنوع، والذى يضم جماعات من قوميات ذات أصول متنوعة، فى بعض الأحيان، قد استقرت مع اعلان معاهدة وستقاليا عام 1648، والتى أقرت مبدأ سيادة الدولة، وبأن الدولة ذات السيادة، تمثلها حكومة مركزية واحدة، فوق منطقة جغرافية محددة، وبها سكان دائمون، وأصبح مفهوما ان اى دولة ذات سيادة لا تكون تابعة أو خاضعة لدولة أخري. وعقب انتهاء الحرب الباردة عام 1989، انتشرت موجات التقسيم الداخلى فى بعض الدول التى تضم سكانا ذوى اصول قومية متعددة. لكن تم فى اطار هذه الموجات انتشار المنظمات الارهابية، التى تتصدر مبادئها تقسيم الدول الى ولايات، والعداء المطلق لمفهوم الوطنية وهو ما أكد استخدام المخابرات الأجنبية لهذه المنظمات، التى تلاقت معها فى العداء للقومية ولمفهوم الدولة الوطنية. والمنظمات الارهابية هى تجمعات لأفراد لا تنتمى الى دولة معترف بها بل هى فى حقيقتها مناوئة للدولة القائمة، ولسيادتها ووحدة أراضيها، ولا تخفى نواياها فى هدم أركان الدولة الوطنية، وهو نفس ما استهدفته المؤامرات الخارجية التى ركزت جهودها على محاولات تقويض الدولة الوطنية، و جيشها الوطني، بممارساتها فى دول عربية. بايدن هل يهجر سياسات لم تعد تصلح لعالم تغير الواقع العملى يشهد بأنه اذا كانت المؤامرة قد حققت اهدافها بتفكيك بعض دول المنطقة، واحالتها الى ميادين صدام دموي، عن طريق تحريك المتواطئين معها من عملاء محليين، إلا أنها عجزت عن تحقيق هدفها فى دول أخري. وأبرز مثل على ذلك ما طبقته ادارة أوباما من خطط تمكين الاخوان من حكم مصر وهو ما اعترفت به لجان أمريكية مختصة بمتابعة وتقييم نتائج هذه السياسة، ووصفته بالرهان الخاسر لأوباما. لأن الجماعة التى راهن عليها تنتقد المهنية السياسية، والفهم لمعنى حكم دولة، مما كان من شأنه تبديد قدرات دولة محورية كمصر بتاريخها، وحضارتها، وسكانها، وتأثيرها فى محيطها الاقليمي، والتى يعتبر دورها فى حفظ التوازن والاستقرار الاقليمي، مصلحة استراتيجية للولايات المتحدة. والآن، فاننا نشهد من ادارة جو بايدن إدراكاً بأن العالم قد تغير، وان دول الشرق الأوسط الآن ليست مثلما كانت قبل سنوات قليلة مضت. وقوله اننا لا نستطيع ان نتعامل هذه الأيام بسياسات لم تعد تصلح للتعامل مع عالم قد تغير. ولعل هذا يعيد الى ذاكرتنا مواقف كل من الرئيسين جيرالدفورد، ورونالد ريجان برفض التدخلات فى الشئون الداخلية للدول الأخري.