في الذكرى الثانية " للمغدورة " المسماة بثورة 25 يناير.. تعالوا نتوقف قليلا، ونراجع أهم الخطايا التى ارتكبناها في حق مصرنا. .فأول تلك الخطايا كان تحويل مظاهرات خرجت لأهداف محدودة إلى ثورة بلا حدود، ثورة فجرت أحلام الجميع بوطن أفضل. لم ندرك جميعا حينها أن الثورة التي تعد بغد أفضل لا يمكن أن تقوم بفعل عشوائي.. لم نلتفت إلى طبيعة الثورات واستحالة نجاحها دون قائد ذو سمات خاصة.. دون محاكم ثورة ومجلس لقيادة الثورة وحمايتها من لصوص الثورات والأوطان.. دون حكومة ظل وخطط حقيقية لوقوف الدولة سريعا على قدميها بعد إسقاط النظام الفاسد.. تناسينا كل هذا.. منحنا مظاهراتنا لقب ثورة.. فصارت ثورة بلا رأس ثم وطن بلا رأس أو "بلد مالهاش كبير".. ووسط فرحتنا الغامرة ببطولات الثوار، وتحقيق الهدف الأسمى بإسقاط رأس النظام، تناسينا حجم مصر الحقيقي، وتناسينا أعداء الخارج الذين ما كانوا ليتركونا نعيد بناء وطننا أبداً.. تناسينا أن هناك من يرقبون ويخططون ل"ماذا بعد ذهاب الديكتاتور".. وبينما كنا نتراقص في الشوارع والميادين لحظة السقوط، كان هناك من يرسم ويخطط لنا "ماذا بعد".. كانت هناك مليارات الدولارات تحشد وتضخ للسيطرة على وادي النيل وإفشال ثورة المصريين.. كانت عشرات أجهزة المخابرات ومراكز الأبحاث تتصدى للمصيبة التي بدأها المصريون.. حقا كانت "مصيبة" عندهم أن يفيق المصريون للحظات ويقررون إعادة بناء وطنهم.. و كانت كارثة من وجهة نظرهم أن يلتفت المصريون إلى "العلم" ومخزونهم "الحضاري والإنساني"، بل ويفكرون في ترشيح عالم بحجم زويل لرئاسة وطنهم. كل هذا أزعج أعداء الأمة، وكان عليهم تقليل الخطر المصري قدر الإمكان.. خططوا لإغراق مصر في بحور من الفوضى.. دعموا ومولوا كل ما يضمن إعادتها للخلف بدلا من انطلاقها للأمام، حتى يتأدب الشعب الذي ظنوا مواته ولا يفكر في الحلم من جديد.. وقد كان لهم ما أرادوا.. أعاقونا أفشلوا ثورتنا.. وليس بخاف على أحد بأي شئ انشغلنا بعد سقوط مبارك.. كما لم ننس أو نجهل من الذي زادنا خبالاً ومن الذي دفعه ودفع له.. ولأنها كانت بلا كبير، رضي الشعب "الطيب" بوزير دفاع المخلوع أمينا على الوطن.. ودفعت مصر الثمن، و اليوم كلنا ندفع ضريبة العشوائية.. ندفع ثمن ثورة خرجت بلا قائد فصارت فوضى بلا رقيب.. وصارت بلادنا نهبا ومطمعا لكل من هب ودب.. حتى "الشراذم" و"صغار الدويلات" تجرأت على مصر وتطاولت أطماعها لأرض الكنانة.. ووجد هؤلاء من أبناء مصر "للأسف" من لا يعرف عظمة وطنه ولا يرى إلا ضاءلته هو. من أجل كل هذا.. أقول لمن يخططون اليوم للخروج في الجمعة المقبلة.. على أي شئ ستخرجون؟.. مظاهرات أم ثورة؟.. إن كانت الأولى فوفروا جهدكم لأننا ذهبنا بنظام لا يسمع وجئنا بمن لا يسمع ولا يرى.. كما أن ثورتكم لم تنجح بعد كي تتحقق مطالبكم "التي لا أعرفها" اليوم بالمظاهرات السلمية!.. أما إن كانت ثورة.. فمن قائدها أولاً، ومن في مجلسها لنقرر مساندتها أو مواجهتها؟.. هل خططتم لما ستفعلون؟.. هل حددتم على من تثورون ومن ستواجهون؟.. وهل تدركون اليوم حجم الخسائر المنتظرة للتراقص بين التظاهر والثورة.. هل أعلمكم أحد الفارق بين إسقاط دولة بمواجهة شرطتها وأجهزتها النظامية، وبين مواجهة جماعات مسلحة عاشت في الظلام بين المعتقلات والقتل والتفجير، وربت صبيانها على استحلال دماء وأموال المسلمين.. هل تدركون الفرق في المواجهة هذه المرة!.. هل تدركون الفرق بين من كان يدعي الديمقراطية ويضرب معارضيه سرا ليحافظ على مظهره أمام المجتمع الدولي، وبين من يغسل عقول أتباعه مشايخ الفتنة ليرونكم كفاراً، ولا تعرف أدبياتهم معنى الوطن .. هل تدركون الفرق بين من أطلق عليكم الرصاص وهو يدرك انتهاكه للقوانين، وبين من سيطلق عليكم الرصاص وقد ألبس عليه "بالباطل" أنه يجاهد في سبيل الله بقتل المسلمين.. هل تدركون الفرق بين فكر دولة المؤسسات، وبين فكر التنظيمات السرية والمليشيات.. أرجو أن تكون قد وصلت الرسالة، وألا تقودنا الهوجائية المدفوعة بالإحباط والشعور بقذارة المؤامرة والفخ الذي أسقطت فيه مصر إلى ما هو أسوأ..!