تشهد مدينة الرياض غدا الأعمال التحضيرية للدورة الثالثة للقمة الاقتصادية العربية المرتقب انعقادها يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين. وتعد هذه القمة الاقتصادية الثالثة بعد قمة شرم الشيخ في يناير 2011، وقمة الكويت في يناير 2009، بعد تغييرات جوهرية حلت علي المنطقة العربية خلال العامين الأخيرين، أبرزها حركة الربيع العربي التي غيرت أنظمة سياسية قائمة وأبدلتها بأنظمة جديدة، وتأتي هذه القمة الجديدة في ظل انتهاء التغييرات السياسية في عدد من الدول العربية، واستمرار حالة الاضطراب في البعض الآخر. وتكتسب القمة أهمية خاصة عقب إعلان قمة شرم الشيخ الاقتصادية السابقة التي خلت من آليات العمل العربي المشترك الحقيقي، ولم تخرج علي كونها توصيات للنظر أو مفاهيم للدراسة أو تطلعات للارتقاء، دونما إقرار أي آليات عمل تنفيذية واضحة. أكد الأمين العام المساعد لقطاع الشئون الاقتصادية بالجامعة العربية د. محمد التويجري أن الاستعدادات لعقد القمة العربية الثالثة التنموية الاقتصادية والاجتماعية تجري علي قدم وساق، مشيراً إلي أن الاستعدادات بدأت منذ آخر يوم للقمة الاقتصادية الثانية في شرم الشيخ 2011، لافتاً إلي أن المساعدات المالية للدول العربية ستكون سيادية منفردة وليست حزمة مالية موحدة. وقال «التويجري» ان الاستعدادات لعقد قمة الرياض كانت علي مستوي اللجان الفرعية، والمجالس الوزارية، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والمؤتمرات والندوات، مؤكداً أن القمة ستدرج علي جدول أعمال قراراتها بندين رئيسيين فقط هما: تعديل الاتفاقية العربية لانتقال رؤوس الأموال العربية بين الدول العربية، والاستراتيجية العربية للطاقة. كما سيتم مراجعة القرارات السابقة للقمتين الاقتصاديتين السابقتين بالكويت ومصر. ولم يستبعد «التويجري» حض الدول العربية لدعم السلطة الفلسطينية تفعيلاً لقرار قمة بغداد بتوفير شبكة أمان مالية عربية للسلطة، مشيراً في ذات الوقت إلي أن الوضع الاقتصادي في دول الربيع العربي سيكون إحدي فقرات إعلان الرياض وليس قرارات القمة. وأوضح أن كل دولة تساعد شقيقاتها من البلدان العربية بشكل سيادي، لكن ليس هناك تجمع عربي يمنح أموالاً إلا لفلسطين. وأكد أن معظم الدول العربية وافقت علي الاتفاقية العربية لانتقال رؤوس الأموال العربية، والمرجو أن يتم إقرارها في القمة الاقتصادية، لكي يتم انتقال الأموال ورؤوس الأموال كهدف للاستثمار العقاري والزراعي والعمل علي بناء المصانع والوحدات السكنية والفندقية وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ما يساعد علي إيجاد الوظائف، ويزيد من قوة التلاحم وسرعة وتيرة البناء الاقتصادي والاجتماعي العربي. وأكد «التويجري» ضرورة عقد القمة الاقتصادية كل خمسة أعوام وليس كل عامين، حتي يلمس المواطن العربي الفائدة من القرارات الاقتصادية لصعوبة بعض المشاريع خلال عامين فقط. وبخصوص البند المتعلق بإستراتيجية الطاقة في العالم العربي، أكد «التويجري» أن هناك اتجاهاً لابتكار بدائل في إطار خليط بين الطاقة التقليدية الأحفورية، والطاقة الجديدة والمتجددة، لأن جميعها وسائل متكاملة. وأعرب رئيس الاتحاد العام للغرف العربية عدنان القصار عن أمله في أن تكون مقررات القمة علي مستوي التحديات والمتغيرات الجذرية، التي تمر بها المنطقة، وأن تلبي تطلعات وآمال الشعوب العربية، لا سيما الشباب العربي الذي يقود شعلة التغيير نحو بناء غد عربي أفضل له وللأجيال المقبلة. ويلقي «القصار» الذي يرأس وفد القطاع الخاص العربي كلمة في القمة ستتضمن التوصيات التي صدرت عن المجتمعين، في منتدي القطاع الخاص العربي التحضيري، الذي عقد بين الثاني عشر والثالث عشر من الشهر الجاري تحت عنوان: «نحو مشاركة فاعلة للقطاع الخاص في مبادرات التنمية والتكامل الاقتصادي العربي». وأكد عدد من المستثمرين ورجال الأعمال أن القمة العربية التنموية الثالثة تعد من أهم الاجتماعات، خاصة أنها الأولي بعد حدوث العديد من التغيرات في الأوضاع في عدد من الدول العربية، معربين عن آمالهم في أن تتبني القمة المقبلة قرارات فعالة لحماية الأمن الغذائي وتفعيل مشروع البورصة العربية المشتركة خاصة بعد الموافقة عليه، بالإضافة إلي الأخذ بمبادرات تنفيذية لإنشاء صندوق تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي تمت الموافقة عليه في القمة السابقة. واعتبر فهد الربيعة نائب رئيس مجلس الغرف السعودية أن القمة العربية التنموية المقبلة من أهم القمم العربية، خاصة أن قمة الكويت السابقة ناقشت موضوع إنشاء صندوق لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، معربا عن آماله في أن تتبني القمة قرارات فعالة يتم تنفيذها علي الفور وإيجاد الحلول المناسبة وإزالة العراقيل التي واجهت تنفيذ عدد من التوصيات التي صدرت من قمتي الكويت وشرم الشيخ. وأضاف «الربيعة» أن من بين أهم القضايا التي يجب أن تطرح علي طاولة المناقشات قضية الأمن الغذائي، مشيرا إلي أن الدول العربية والعالم اجمع مقبل علي أزمة غذائية عالمية ما لم يتم احتواؤها، مشيرا في حديثه إلي أن السعودية بادرت بذلك الأمر حينما قامت بإنشاء شركة غذائية كبري في عدد من دول العالم التي عرف عنها أنها اقل تكلفة في عملية زراعة عدد من المحاصيل الزراعية الهامة. واعتبر عبدالمحسن الحكير رئيس مجموعة الحكير أن منتدي القطاع الخاص العربي التحضيري للدورة الثالثة للقمة العربية التنموية نقلة نوعية، وتمني أن تخرج مثل هذه الاجتماعات العربية بتوصيات فاعلة علي أرض الواقع وألا يكون مصيرها الأدراج، مشيرا إلي أن اقتراح ملك البحرين بخصوص إنشاء البورصة العربية المشتركة يعتبر نقطة جوهرية خاصة أن هناك موافقة من المشاركين. ويري «الحكير» إعادة النظر في الأنظمة والمناهج الدراسية كل خمسة أعوام علي الأقل نظرا لحاجة الوطن والمواطنين لذلك مع وجود وزارات لتطوير الأنظمة وتجديدها بصورة دائمة لمنع الفساد وغيره لأن الفساد يأتي من عدم التطوير والتجديد. ويري علي الرفيدي عضو الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة الباحة أن الإجماع الحكومي والخاص علي توحيد الرؤي الاقتصادية مطلب مهم للرقي باقتصاديات الوطن العربي، مؤكدا أن مثل هذا التوافق سينعكس إيجابا علي كافة المستويات الأخري من سياسية واجتماعية وتنموية وغيرها من متطلبات تهم المواطن العربي.