حركة المحافظين الجدد التى من المحتمل أن يعلنها اليوم الدكتور محمد مرسى، ليست فى الصالح العام للوطن فى هذا التوقيت، خاصة أن جماعة الإخوان تسعى بكل قوة لأن تفرض سيطرتها الكاملة على مفاصل الدولة وأجهزتها التنفيذية، بهدف الاستغلال الكامل لها فى انتخابات مجلس النواب، وكان من الممكن فقط أن يكتفى الرئيس بشغل منصب المحافظ، الذى خلا بعد التعديل الوزارى الأخير فى حكومة تسيير الأعمال ودخول من شغر منصبه فقط، بدلاً من إجراء تعديل فى المحافظات.. فالهدف الأول والأخير من هذه الحركة هو فرض سيطرة الأجهزة التنفيذية على الانتخابات البرلمانية التى باتت على الأبواب.. «فالجماعة» لا هم لها الآن إلا التفكير فى الانتخابات وحصد أكبر عدد ممكن من المقاعد حتى تضمن تشكيل الحكومة الجديدة. هى نفس طريقة الحزب الوطنى البائد الذى لا يشغل نفسه إلا بكل هيمنة وسيطرة على الدولة من كل نواحيها، بهدف إقصاء كل التيارات والأحزاب والقوى السياسية الأخرى. يعنى أن المصريين خرجوا من حفرة الحزب البائد، ليقعوا فى «دحديرة» الإخوان، التى لديها «شبق» زائد على الحد للسلطة، واتباع سياسة الهيمنة والاستحواذ، والإقصاء لكل معارض وطنى.. ويعنى أيضاً أن «الجماعة» الحاكمة ومن ورائها الرئيس الإخوانى لا تشغل بالها بمصلحة الوطن ولا العبور به إلى بر الأمان ولا حتى التفكير فى أن يتم تطبيق الديمقراطية الصحيحة والعبور إلى المستقبل الذى حلم به الثوار الأحياء منهم والأموات، بل إن الجماعة يشغلها فقط التكالب على السلطة وتبرير فعل أى شىء من أجل تحقيق أهدافها ومصالحها وتطبيق أجندتها الخاصة. حركة المحافظين الجديدة ستكون لها آثار سلبية على انتخابات مجلس النواب الجديد، لأن الأجهزة التنفيذية ستفرض سطوتها على لجان الاقتراع، وستخرق كل قواعد العملية الانتخابية وستؤثر على الناخبين وتوجههم للتصويت لصالح «الجماعة» من باب الاضطرار لذلك خوفاً على مصالحهم.. وأساليب التدليس والتزوير لم تعد تقليدية مثلما كان يحدث فى السابق، فهى تعتمد كلية على التأثير فى الناخبين وتوجيههم لأن هناك نسبة عالية جداً ممن لهم حق التصويت لا يجيدون القراءة ولا الكتابة وهؤلاء يتم استغلالهم أسوأ استغلال، بالإضافة إلى الدعاية الدينية التى تحشد لها «الجماعة» وأتباعها حالياً وهذه تلعب دوراً كبيراً فى العملية الانتخابية وتزيد عليها عمليات التوجيه والتأثير المباشر التى تتم أمام اللجان من الأجهزة التنفيذية التى بدأت تسيطر عليها «الجماعة» خاصة بعد تعيين وزراء من الإخوان أو ممن يدينون للجماعة بالولاء. وحركة المحافظين الجدد التى أوشكت على الإعلان تصب فى النهاية لصالح الجماعة، وسيكون تأثيرها مباشراً جداً على العملية الانتخابية، وقد نبهت جبهة الإنقاذ وعلى رأسها حزب الوفد إلى خطورة هذه الحركة الآن فى ظل الهيمنة التى تفرضها جماعة الإخوان على مفاصل الدولة، ما يعنى أن تزوير الانتخابات القادمة سيكون للركب.. ولن يمنع ذلك إلا أن يتضمن قانون الانتخابات الذي لم يصدر بعد، ضرورة تجريم أية خروقات للعملية الانتخابية، وتوسيع دائرة هذا التجريم لمنع كل محاولات الجماعة للعب فى هذه الانتخابات، كما أن رقابة منظمات المجتمع المدنى المحلية والدولية ووسائل الإعلام المختلفة فى الداخل والخارج، أصبحت مهمة جداً فى هذه الانتخابات.. وهى بدورها ستكشف كل الألاعيب والخطط التى تؤثر على سير ونزاهة الانتخابات. لذلك لا نجد ضرورة مطلقاً لإجراء حركة المحافظين فى هذا التوقيت، لأن محافظى هذه الحركة ستكون مهمتهم بالدرجة الأولى هى التأثير فى العملية الانتخابية، ومساعدة الإخوان وأتباعهم فى الحصول على أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان.. ويبقى إذن من يستطيع أن يمنع صدور هذه الحركة؟!... الشواهد كلها تقول إنها ستصدر خلال ساعات لضمان نجاح مخطط الجماعة الحاكمة فى تزوير الانتخابات.