سنوات عديدة قضاها اللواء على حفظى في خدمة مصر ضابطاً في القوات المسلحة. إيمانه لا يتزعزع بالإنسان المصرى. يثق في قدرات المصريين وإمكانياتهم، خاصة جيل الشباب الذي يرى أنه «فتح باب الثورة، ودخل منه بقية الشعب». مصر هي معشوقته الكبرى.. يقول إن الله منحها أفضل مناخ، وبحرين: أحمر ومتوسط، وسواحل تصل إلي 300 كيلو متر، وأعظم نهر في الدنيا، وجميع أنواع التربة، ومختلف الثروات المعدنية، وكل أنواع الطاقة، وثلث آثار العالم، والأهم من ذلك كله أن الله وهبها «خير أجناد الأرض»، ومع هذا ينقصنا الرؤية التي تمنع وقوعنا فريسة سهلة بين مخالب أطراف خارجية تريد تركيع «أم الدنيا». أين موقع مصر بعد مرور عامين علي ثورة 25 يناير؟ - مصر هي مصر مهما طال الزمان وتغير العصر، لأن الإنسان المصرى أساس تطور البشرية، وخلال الثورة رأينا انبهار العالم، مما حدث من الشعب المصرى، ولقد اعترف العالم بأنه يتعلم من الإنسان المصري طوال عمره، ولهذا من يريد أن يعرف حقيقة المصرى فليعرفها بعيداً عن التدخلات الخارجية، لأنه دائماً ما يقلقنى هذه التدخلات التي تصاحبها الأهداف والمصالح. وللأسف، فإن هذه المخططات الخارجية تستغل بعض الأطراف من الداخل ليس لديها قدر من الوعى. هل هذه التدخلات لها تأثير علي هوية مصر؟ - لا.. لن تؤثر لأن مصر ظلت 2500 سنة حتي 1952 يحكمها ويدير شئونها أناس ليسوا مصريين، الفرس حكموا مصر 200 سنة، ثم البطالمة 300، والرومان 700 سنة، ثم الفتح العربي 700 سنة، والعثمانيون حوالي 300 سنة، والعلويون 200 سنة، ومعهم الحملة الفرنسية 4 سنوات والاحتلال البريطاني 70 سنة، ومع ذلك لم تستطع هذه النوعيات المختلفة من الاستعمار والطامعين في خيرات مصر أن يغيروا هوية الإنسان المصرى. كرجل عسكرى.. مصر مرت بظروف سيئة بعد هزيمة يونيه.. كيف استطاع المصريون التغلب على هذه الظروف؟ - الكثيرون لم يعاصروا عدوان 1967 والظروف الصعبة في كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، والعالم الخارجى لم يساعدنا أو يحل مشاكلنا، ولكن الإنسان المصري أصر علي تحرير أرضه من خلال الملحمة العظيمة التي تمت في حرب أكتوبر، ولهذا لا تقلقني الأحداث والتطورات التي تحدث بعد ثورة 25 يناير التي أبهرت العالم وكانت نموذجاً لم يتكرر في تاريخ الثورات الشعبية. كل الثورات تمر بمراحل فأي المراحل تمر بها ثورتنا حالياً؟ - نحن في مرحلة العبور وهذه هي أهم مراحل الثورات، وأتمني أن يركز الإعلام المرئى والمسموع علي كلمة العبور وليس النهضة لأن إطلاق ما يسمي بالنهضة هو تقييم غير سليم للأمور والأحداث، والعبور هو الذي سينقلنا إلي مرحلة النهضة. كيف تمر مرحلة العبور بنجاح؟ - العبور مرحلة حرجة وتحتاج إلي الخبرات الموجودة في هذا البلد وليس اختيار أهل الثقة فقط، حتي يثق شباب المستقبل في قياداته لأن هذا الشاب هو الذي فتح بوابة الثورة فدخل منها باقي الشعب، ولكننا فوجئنا بعراقيل رهيبة تشبه حقوق الألغام التي لابد من العبور عليها، وهذا يحتاج إلى توظيف الخبرات حتي ننجح في مرحلة العبور، ولتعلم جيداً بوجود بعض الأطراف الخارجية التي تريد أن تتورط في حقول الألغام التي تعترض وصولنا إلي مرحلة النهضة. ما رؤيتك للأوضاع المضطربة في سيناء؟ - سيناء جزء غال علي مصر ولهذا ناضلت مصر 22 عاماً حتي تسترد آخر شبر فيها منذ يونيه 1976 وحتي مارس 1989 بعودة طابا، هذا النضال شمل معارك عسكرية وسياسية ومعارك قضائية في التحكيم الدولي، وأذكر ما قاله لي اللواء محسن حمدي عضو اللجنة العسكرية التي شاركت في مفاوضات «طابا» أن «شارون» سأله بعد عودة طابا ماذا سيفعل المصريون في سيناء؟ فأجاب: يوجد تخطيط للتعمير وسيتواجد من 2 إلى 3 ملايين نسمة في سيناء فرد عليه «شارون»: ما تقوله ليس في مصلحة إسرائيل ولهذا ستعمل جاهدة لعرقلة هذا المخطط(!!). هذا يثبت أن إسرائيل لها عدة أبعاد استراتيجية في سيناء. وما هذه الأبعاد.. وهل مازالت مستمرة؟ - بالطبع.. لأن هذه الأبعاد الاستراتيجية هي أهداف ثابتة لدي الإسرائيليين تجاه سيناء، فهناك البعد السياسي، ولهذا تري أن سيناء من الممكن أن تحل جزءاً من المشكلة الفلسطينية حيث يتمدد قطاع «غزة» داخل سيناء وتتحمل مصر تبعية مسئولياته، وما يدور حالياً علي أرض سيناء يرتبط بجزء من هذا التصور، ومن حيث البعد الاقتصادى إسرائيل تعلم جيداً الخبرات المتواجدة في سيناء، وبالتالى نريد أن تشارك بالاستفادة من هذه الثروات بأن يكون لها نصيب منها. كيف يحدث ذلك، والشعب المصرى يرفض المستثمرين الإسرائيليين؟ - هي تعلم ذلك جيداً وإذا تمت مشاركتها ستكون بطريق غير مباشر عن طريق شركات عالمية أو مسميات أخرى. ماذا عن البعد العسكرى؟ - يوجد بعد عسكرى.. ومصلحة إسرائيل في هذا أن يكون هناك فراغ سكانى في سيناء، وهذا الفراغ يساعد في تحقيق أهداف العمليات العسكرية في أقل وقت ممكن وبأقل الخسائر الممكنة، وبالتالى كلما تواجد الفراغ ساعد في نجاح العمليات العسكرية في وجهة نظرهم، كما يوجد بعد عقائدى مازالوا يغرسونه في الأجيال الجديدة بأن سيناء جزء من أرض الميعاد وهذا يرتبط بالديانة اليهودية، وبالطبع إسرائيل لها أطماع في سيناء، وليس في مصلحتهم وجود تنمية مكتملة بالتصور المصرى، وبالتالى يضعون من العراقيل ما يحد من التنمية. هل تدرك الدولة هذه الأطماع وهل تري أن الحكومات تهتم بسيناء؟ - أرى أن الاهتمام المصرى بسيناء انتهى في نهاية التسعينيات بنهاية حكومة د. «الجنزورى» وكنت محافظاً لسيناء حوالى عامين ونصف العام منذ منتصف 1997 وحتي نهاية 1999، وكان يوجد تنمية فى البنية التحتية من حيث شبكات الطرق والكهرباء وخط السكة الحديد الذي تم افتتاحه وأيضاً مشروع ترعة السلام ودخول المياه العذبة، إضافة إلي المصانع التي تم إنشاؤها، والتنمية العمرانية ولكن مع تغير حكومة «الجنزورى» وتولى حكومة عاطف عبيد وظهور التوجهات الجديدة بدأ الاهتمام بسيناء يقل إلي درجة الانعدام. إهمال سيناء تم بضغوط خارجية؟ - أكيد كان هناك نوع من الضغوط الخارجية بشكل ما أدت إلي هذا التوجه لإهمال سيناء، ونتج عنه أن العقد الماضى بالكامل لم يكن لسيناء نصيب من التنمية، وطالما أهملت التنمية الاقتصادية علي أرض سيناء، فبالتالى أهملت التنمية البشرية لأهلها وينتج عنها الاضطرابات التي تحدث هناك. هل هذا ما ينتج عنه تغلغل الفكر التكفيرى؟ - الدولة تركت فراغاً في سيناء وأصبح هناك أجيال جديدة تتواجد علي أرض سيناء لها نصيب من التعليم ولا تجد فرصة عمل، ونتيجة لعدم الاهتمام السياسي بالمنطقة توارت الاهتمامات الأخرى مثل الجانب الأمني، وبدأت هذه العناصر تتوجه نحو سيناء حتي تتفادى الضغوط الأمنية في بقاع مصر، وأيضاً الأطراف الخارجية بدأت في تدعيمها، إضافة إلي أن انسحاب الجانب الإسرائيلى من غزة عام 2005 مع وجود الاتفاق وعدم الاهتمام بخطورتها، أدت إلى تأثير أكيد ومباشر في تغلغل هذا الفكر في سيناء. حماس لها دور فيما يحدث في سيناء؟ - في داخل قطاع غزة ليست كل الأطراف تتبع حماس، بل يوجد تنوع وعناصر ضد توجه حماس والبعض يعمل لصالح الجانب الإسرائيلى، وهذا النوع به تنظيمات جهادية، وتكفيرية، والقاعدة وكثير من التوجهات المختلفة وكل هذه العوامل، بالإضافة إلى زيادة عمليات تهريب السلاح، خاصة من ليبيا وجنوب السودان.. وكل هذه العوامل أدت إلى الكوارث التي تحدث في سيناء. هل أصبحت سيناء فزاعة للأمن القومي المصرى؟ - بنظرة سريعة علي البعد الاستراتيجي الأمني في مصر نجد أن حدودنا مهددة سواء في الشرق أو الجنوب أو الغرب، لأن تأمين الحدود لابد أن يتم من الدولتين المتجاورتين، كل يقوم بإجراء تأمين داخل حدوده، وأيضاً لابد من وجود تنسيق في تأمين الحدود، ولكن حالياً دول الجوار في الجنوب والغرب قدرتها في تأمين حدودها غير موجودة خاصة علي حدود ليبيا لأن مخازن السلاح التي كان يكدسها «القذافى» منذ عشرات السنين تم نهبها، وأيضاً معظم حدودنا مع السودان غير مؤمنة، وكل هذه العوامل أوجدت حالة من عدم استقرار في سيناء.. وبالتالى أسهمت في سيناريو عدم الاستقرار في مصر. هل «شماعة الخارج» أصبحت جاهزة لكل الأخطاء والتقصير في الداخل؟ - ليست شماعة، بل حقيقة لأن بعض الأطراف الخارجية تضع هدفاً لابد أن نكون متنبهين له وهو وجود «حالة من عدم الاستقرار في مصر» وأن تستمر هذه الحالة فترات طويلة وعبر عنها «هنري كيسنجر» وزير الخارجية الأمريكى ومستشار الأمن الأمريكي الأسبق عندما قال إنه من وجهة النظر الاستراتيجية الأمريكية، يريدون مصر غرقانة في المياه ولا تستطيع أن تسبح وتصل إلي شط الأمان ولا أن تغرق وتذهب إلي المشرحة. ما آلياتهم في تحقيق هذه الاستراتيجية؟ - هم درسوا المنطقة العربية جيداً ولكي يحافظوا علي مصالحهم ومصالح إسرائيل وحتي لا يتم تهديدها لعشرات السنين، وجدوا أن عدم وجود كيانات قوية مؤثرة في المنطقة هي أحد العوامل الرئيسية لتحقيق استراتيجيتهم، وبالتالى أصبحوا يؤثرون علي الدول التي تمثل كيانات رئيسية فاعلة حيث يجعلونها في أوضاع غير فاعلة أو مؤثرة، ثانياً شعوب المنطقة بالكامل لا تعطي الأولوية للديمقراطية بقدر ما تعطيها للجزء العقائدي ولهذا نجد البعد الديني أهم من أي أولوية أخرى، وبالتالى الخارج أصبح يلعب علي هذه الجزئية فتقاربوا مع ما يسمى «الإسلام السياسي» في المنطقة العربية حيث يوجد نوع من عدم الاستقرار بانشغال الشعوب بالأوضاع الداخلية، وبالتالى لا ينظرون في السياسات الخارجية. معنى هذا أن الأزمات الداخلية يتم تصديرها من الخارج؟ - نعم.. هم يتعاملون بأسلوب «الإدارة بالأزمات» بحيث يتم تصدير الأزمات المتنوعة إلي دول المنطقة حتي لا يوجد كيانات رئيسية فاعلة بسبب الضغوط الداخلية التى تفتتها، ويصبح حل المشكلات يغلب علي الفكر والطاقات والإمكانيات والتصور وخلافه، وبهذا يبتعدون عن التوحد والتعاون والتكامل وكل قطر يبحث عن كيف يصحح أوضاعه. هل ترى خطورة في إقامة منطقة حرة في رفح؟ - منذ زمن بعيد وتتم طرح هذه الفكرة وكانت مرفوضة تماماً لأن لها أبعاداً خطيرة جداً سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية، وهذه المنطقة الحرة لن تكون في صالح مصر، بل ستكون في صالح أطراف أخرى تبحث عن حل مشاكلها عن طريق مصر وعلي حسابها، وهذه المنطقة التي تم تحديدها هي ذاتها التي وضعوا عينها لتكون الامتداد الطبيعي ل «غزة». ولماذا يرفض البعض مشروع تطوير قناة السويس الذي أعلن مؤخراً؟ - بالطبع لابد من تطوير قناة السويس وربط محافظات القناة: السويس والإسماعيلية وبورسعيد بالبحر الأحمر، وهذا القطاع هو الإقليم الشرقي لمصر، لأنه يوجد تكامل بينها، ويمكن أن ينقل مصر نقلة اقتصادية موفقة، ولهذا لابد من تطوير القناة ولكن هل الأسبقية أن يتم التطوير بمنظور خارجي أم بنوع من الاقتراض من الأطراف الخارجية بشكل غير مباشر؟ وهنا الخطورة، لأن «البكوات» في أمريكا عندما أرادوا التدخل في الشئون الداخلية دخلوا عن طريق جمعيات حقوق الإنسان وبعض منظمات المجتمع المدنى تحت مسميات مختلفة!، والتدخل الخارجي لا يتم الآن بالدبابات والصواريخ والطائرات، ولهذا لابد من تقييم استراتيجية الأطراف الخارجية، ماذا تريد وما هو شكل اقترابها من الداخل حتي نستطيع تربية مناعتنا وتحقيق مصالحنا دون التأثر باستراتيجيتهم. كيف نحافظ علي هذه المناعة؟ - الحفاظ على المناعة المصرية يتركز في قوة وحدتنا لأنهم لا يستطيعون تنفيذ أهدافهم إلا بحدوث الانقسام الدائر حالياً ويسعون إلي العمل ب «فرق تسد» ليصبح المجتمع ضعيفاً، وعلينا أن نعرف أن قوتنا في وحدتنا وليس من تشرذمنا. كيف تري تسليم المجلس العسكري للسلطة دون وجود دستور؟ - لاتزال هناك تفاصيل كثيرة في هذا الشأن لم تظهر بعد، وهذا يستدعى مقولة داهية السياسة «تشرشل»: «إن الحقيقة في السياسة غالية جداً حتي إنها تحتاج إلى جيش من الكذب لحمايتها»، أي أن الظاهر فوق السطح هو جزء من الحقيقة يخفيها جيش من الأكاذيب. ألا توجد مؤشرات؟ - المؤشرات تقول: إنه لم يكن يوجد أحد في مصر مستعداً للتعامل مع هذه الثورة في أي مستوي من المستويات، وحدثت هزة عنيفة جداً أوجدت حالة من الخلل الأمني أرعبت الكل وحاول الجميع الإنقاذ وعدم الغرق في مرحلة ما بعد الثورة ولم تكن توجد خارطة طريق وفجأة وجد المجلس العسكرى أنه أصبح مسئولاً عن إدارة الدولة، بدون أدوات لتحريك الموقف مثل النواحي الأمنية، ولكن وجدت ضغوطاً خارجية وللأسف الشديد كانت تتم من «تحت الترابيزة» حتي نصل إلي ما وصلنا إليه، إذن الأطراف الخارجية نجحت في تحقيق الحالة التي وصلت إليها مصر لأنها الأنسب من وجهة نظرهم لتحقيق مصالحهم. إذن تري أن المجلس العسكرى سلم السلطة بضغوط خارجية؟ - المجلس العسكري واجه أزمات، بحيث إنه لم يوجد مخرج إلا من خلال ما تم عمله، وقد تم ما تم بالأزمات وليس بالرغبات والدليل علي هذا أن «هيكل» قال في حوار تليفزيوني أنه التقي بالمشير «طنطاوي» وتحدثا عن الموقف والأزمات، فقال المشير: «هل تريدني أن أسلم السلطة للإخوان»! وهذا أحد المؤشرات التي تتوافق مع تقييم ما تم مع هذه الرؤية. البعض تحدث عن الصفقات بين المجلس العسكرى والإخوان؟ - كلمة صفقات غير موجودة في قاموس العسكر الذي تعود علي الأبيض أو الأسود وليس لديه منطقة رمادية مثل اللاعبين في السياسة، ثم إن الأطراف الخارجية لعبت دوراً خطيراً مع الجانب المنظم والقوي والتي لها كيان مؤثر. هل حدثت ضغوط خارجية؟ - ثورة 25 يناير هزت الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل ورأينا كم المسئولين الأمريكيين الذين أتوا إلي القاهرة ولم يمر يوم إلا ويأتي زوار علي أعلي مستوى، بدءاً من الذي يرشح نفسه رئيسًا لأمريكا إلي المتخصصين في الدستور وتعاملوا مع جميع أطياف المجتمع المصرى، وكان لهم تعاون مع الإخوان المسلمين بالرغم من تصريحاتهم بأنهم جماعات متطرفة، والإخوان أيضاً كانوا يرونهم رأس الشيطان ولكن مع المصالح يوجد شكل آخر للتعامل بقاموس السياسة البعيد عن الأخلاق والمبادئ والصدق والشفافية، أي أن الغاية تبرر الوسيلة. بعد إقالة المشير ورئيس الأركان.. هل ابتعد الجيش عن السياسة؟ - الجيش بعيد عن السياسة ويجب أن يظل بعيداً عنها حتي يكون متفرغاً لمهمته الرئيسية حماية هذا الوطن داخلياً وخارجياً، وإذا تدخل في السياسة سيحدث نوع من الصدام مع الشعب وهذا هدف خارجي لأنه لم يعد في المنطقة إلا الجيش المصري وعلينا الحذر لأن استمرار الانقسام سيصل بنا إلي الفوضي ثم التصارع وهذا يعود بالسلب علي الجيش المصري، وأنا سعيد بالقيادة الجديدة للقوات المسلحة لأنها تعي هذه الأمور جيداً. لكن البعض يطالب بنزول الجيش إلي الشارع مع حدوث الأزمات؟ - المفترض ألا ينزل الجيش إلي الشارع إلا في حالة عجز باقي أجهزة الدولة عن السيطرة على الموقف، ولهذا علي الدولة أن تقوي أجهزة الأمن حتي لا يضطر أن ينزل الجيش إلي الشارع. ماذا عن تجاوز المرشد العام للإخوان المسلمين في حق المؤسسة العسكرية؟ - أصبحنا في زمن لا يستطيع أحد أن يمنع غيره من إبداء رأيه، وعندما يعبر الإنسان عن رأيه فتستطيع أن تحكم علي هذا الإنسان، والتصريحات الخاصة بالمرشد وضحت ما هو تفكيره وما هي رؤيته وأعتقد أن من يمس القوات المسلحة خاصة الجيل الحالى لما قدمه من تضحيات شيء غير طيب، وعلي كل حال المرشد اعتذر وانتهى الأمر. هل ترى خطورة في محاولات تشويه مؤسسات الدولة؟ - هذا المسلسل يصل بنا إلي عدم وجود دولة لأن قوة الدولة تقوم علي أركانها المتمثلة في القوات المسلحة، والشرطة، والقضاء.. والهجوم علي هذه المؤسسات يهدم كيان الدولة، والبعض يتخيل أن ما يتم عشوائياً بدون خطة جاهزة ومخططة، لا بل أن نبحث عن الأطراف الخارجية ومن له مصلحة في تقويض أركان الدولة المصرية. هل من الممكن أن يتكرر سيناريو يوليو 1952 بالصدام بين العسكر والإخوان؟ - لا.. لا أتوقع هذا ولا نتمناه، وعلينا أن نحاول جاهدين عدم وقوع صدام في المجتمع المصرى بين أي أطراف أو بين أي فئات، وهذه مسئولية الجميع ويوجد في المجتمع ثلاثة خطوط حمراء وهي البعد عن أي شكل من أشكال الفتنة الطائفية بين كل أطياف المجتمع، ثانياً البعد عن أي شكل من أشكال المواجهة بين الجيش والشعب، ثالثاً عدم الوصول إلي مرحلة الانهيار الاقتصادى، لأن هذه الخطوط تؤثر تأثيراً مباشراً داخل كيان الدولة ويهدمها. لك تصريح تقول فيه إنك توقعت أن تتخلص أمريكا من الرئيس السادات.. كيف ولماذا؟ - الحقيقة جاءتني فرصة أن أخدم في السفارة المصرية في واشنطن ومن خلال الاحتكاك المباشر مع بعض المسئولين وأيضاً مع عامة الشعب الأمريكى وبالحوار عن مجريات الأوضاع في المنطقة العربية وجدت الأمور وصلت إلي أن الرئيس «السادات» أصبح له رأي في تقييم الأمور وتسييرها، خاصة التي لها مصالح بالجانبين الأمريكي والإسرائيلى، ومعلوم في البعد السياسي عندما يصل أي فرد إلي مرحلة التأثير علي المصالح في السياسة يتم التخلص منه، والرئيس «السادات» وصل إلي هذه الدرجة، ومثال ذلك «جون كيندي» عندما أصبح مؤثراً علي مصالح الأطراف الأمريكية المرتبطة بتجارة السلاح تم اغتياله، ومن هذا المدخل توقعت اغتيال «السادات» قبل حادث المنصة بحوالى ستة شهور، وللأسف حدث الاغتيال لأنه أثر علي هذه المصالح. هل تري أن أمريكا تخلصت من «مبارك»؟ - لا.. لم تتخلص من «مبارك» كما فعلت مع «السادات» لكنها أنهت دوره بعدما وصل إلي مرحلة عمرية كبيرة، وظل 30 سنة يقود السلطة في مصر وهم ينظرون إلي المستقبل، و«مبارك» أصبح بالنسبة لهم ماضياً ففكروا في مصر بعد «مبارك»، والبعض ينظر إلي هذا التخلص بشخصنة ولكنهم ينظرون إلي المصالح والأهداف، وتأكدوا أن الأمور في مصر مع «مبارك» أصبحت تؤثر علي مصالحهم، والأمريكان لا يهمهم من يأتي إلي السلطة سواء كان «س» أو «ص» وما يهمهم هو تنفيذ مصالحهم. هل ترى ثورة 25 يناير انقلاباً علي ثورة يوليو 1952؟ - لا ليست انقلاباً علي يوليو بل هي نتيجة لما وصلت إليه الأمور في الدولة من الضغوط النفسية والمجتمعية التي وصلت إلي حد الانفجار وهذا أمر طبيعي وسنة من سنن الحياة، وبالطبع هذه الضغوط كان ولابد أن تحدث نوعاً من التنفيس عن الكبت الشديد، فحدث الانفجار في 25 يناير، هذا لا ينفي وجود أطراف خارجية سوف تخدم ثورة 25 يناير أهدافها مستقبلاً، بمعني أن هذه الأطراف تريد أوضاعاً معينة في المنطقة بالكامل، ومصر تحديداً كعنصر رئيسى فاعل وهم أفصحوا عن ذلك علي لسان «كونداليزا رايس» عندما أعلنت عن ضرورة تغيير خريطة الشرق الأوسط، وبداية مولود جديد أسمته «الفوضى الخلاقة».. الفوضى يستحيل أن تكون خلاقة، ولكنها الفوضى التي تخلق لهم تحقيق المصالح، إذا ما حدث في المنطقة العربية فوضى للطرف العربى وخلاقة لمصالح الطرف الآخر. ونحن أطلقنا علي ما يحدث اسم «الربيع العربي» فأي ربيع هذا؟! ما يحدث هو تحول وبثمن ستدفعه الشعوب فترات طويلة وبعض الدول ستستقر وبعضها لن يستقر. معني هذا أنك تري أن الربيع العربي لن يأتى؟ -لا.. بل قادم لمن يستطيع أن يحافظ علي وحدته وأمنه واستقراره، وللأسف بعض الدول لن تستطيع فعل هذا إلا بعد سنوات طويلة، وبعضهم لن ينجح في ذلك، فالربيع قادم للبعض الذي يستطيع أن يتعامل مع هذه المتغيرات مع أنه لم يكن مستعداً لها، ومع هذا يستطيع أن يخطو خطوات نحو الاستقرار. بطاقة شخصية مواليد مايو 1941. رئيس جهاز الاستطلاع عام 1989. عضو هيئة التدريس بكلية القادة والأركان المصرية. مساعد الملحق العسكري المصرى بأمريكا 1981 - 1983. إدارة أعمال الاستطلاع خلف خطوط العدو في حرب أكتوبر 1973. قائد قوات حرس الحدود 1991. مدير لإدارة الشرطة العسكرية 1993. مساعد وزير الدفاع 1995. محافظ شمال سيناء 1997 - 1999. ماجستير علوم عسكرية من الاتحاد السوفيتى. ماجستير علوم عسكرية من كلية القادة والأركان المصرية. زمالة كلية الحرب العليا بأكاديمية ناصر العسكرية العليا. دورة كبار القادة. حاصل على نوط الجمهورية ونوط الخدمة الطويلة ونوط القدوة والخدمة الحسنة.