للصبر أنواعٌ كثيرة، ويحتلف كل نوع باختلاف الظرف الذي جعل الإنسان يصبر فيه ويحتسب، وبصفته من الأخلاق الكريمة التي تقع قمة الهرم من حيث الأهمية، فإنّ أنواع الصبر تتدرّج بحسب أهميتها، وأهم هذه الأنواع هو الصبر على أداء الطاعات والفرائض التي امر الله تعالى بها، وتحمّل المشقة الناتجة عنها، ومن بينها الصبر على الجوع والعطش في صيام شهر رمضان، والصبر على مشقة قيام الليل والوضوء والصلاة، وغير ذلك الكثير، والإنسان الذي يُحافظ على هذا النوع من الصبر ويحتسب أجره عند الله تعالى، يُلاقي الكثير من الحسنات التي وعد الله بها وأعدّها للصابرين، وفي هذا قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}. النوع الثاني من أنواع الصبر هو الصبر عن ارتكاب المعاصي والآثام، وفي هذا النوع يُجاهد الإنسان نفسه وهواه ويجاهد الشيطان حتى لا يقع في الذنب، ويصبر على هذه المشقة العظيمة حتى يتجنب الفساد، ويكون هذا ابتغاءً لوجه الله تعالى، والأمثلة على هذا النوع كثيرة منها صبر النبي يوسف -عليه السلام- عن الوقوع في معصية الزنا بعد أن دعته امرأة العزيز إلى ذلك، وصبر المؤمنين عن شرب الخمر والوقوع في الشهوات، واستحضارهم لخشية الله تعالى، مما يجنبهم الفاحشة والوقوع في الرذائل. النوع الثالث من أنواع الصبر هو الصبر على شرّ القدر، وكل الأحداث المؤلمة التي يمرّ بها الإنسان وما يترتب عليها من مشاعر سيئة وحزن عميق، وأن يتجنب جميع الأقوال والأفعال التي تدلّ على السخط وعدم الرضى بقضاء الله تعالى، وفي هذا قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}. ومن الأمثلة على هذا النوع من الصبر، الصبر على الفقر والجوع والأمراض والأحزان التي تُصيب الإنسان عند فقد شخصٍ عزيز بالموت، وعدم الجزع من تقلبات الأقدار والمصائب المرافقة لها، ومن يصبر ويحتسب ثوابه عند الله تعالى سيعطيه الله أجر الصابرين المحتسبين. الصبر ليس بالأمر الهيّن، بل يحتاج إلى أن يكون الإنسان راضيًا رضىً تامًّا عن كلّ ما اختاره الله تعالى له، وألّا يسمح للجزع من المصيبة أن يُصيبه، وألّا يرتكب أي فعل يُنافي الصبر، خاصة إذا كان الإنسان متوكلًا على ربه، ومهما اختلفت الأحداث التي تدعو الإنسان إلى الصبر فكلّها من أقدار الله تعالى التي تتطلّب الثبات والرضى، وتحمل الآلام الناتجة عنها بصدرٍ رحب واحتساب للأجر والثواب حتى ينال الفضل الكبير الذي وعد الله به الصابرين.