فجأة وبدون سابق انذار وجد مبارك نفسه مطلوبًا أمام جهاز الكسب غير المشروع، نفس الجهاز الذي استخدمه مبارك فزاعة للمغضوب عليهم من نظام حكمه، وعندما أفاق مبارك من الصدمة وجد نفسه مطالبا بتقديم اقرار ذمته المالية عقب تخليه عن منصبه كرئيس للجمهورية في 11 فبراير الماضي وهو الاقرار الدوري الذي يقدمه الرئيس كل 5 سنوات وفي 20 فبراير خرج المستشار عاصم الجوهري مساعد وزير العدل للكسب غير المشروع ليؤكد أن مبارك قدم إقرار الذمة المالية له بسبب انتهاء فترة ولايته، وذكر الجوهري أن مرتب مبارك عبارة عن 13 ألف جنيها ليضاف إليها 13 ألفًا آخري متمثلة في الحوافز والبدلات، ليرتفع المرتب إلي 26 ألف جنيه، لكن مساعد الوزير لم يفضح عما ورد في إقرار الذمة المالية، ولا حتي عن مضمونه. رغم أن السرية التي يفرضها القانون المصري علي الاقرارات ألغيت بتصديق مصر علي اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد وبمقتضاها الجهاز ملزم بإعلان ما ورد في الاقرار. وعندما نشرت »الجارديان« ثروة آل مبارك تراوح ما بين 40 إلي 70 مليار دولار لم يظهر مبارك وينفي هذا الكلام وقتها، وبعد طول صمت ظهر مبارك منذ أيام في حديث مسجل لقناة العربية، أوضح فيه أنه لا يمتلك أرصدة في أي بنوك خارجية لكنه أكد امتلاكه لأرصدة وحسابات بأحد البنوك المصرية طبقًا لما ذكره في إقرار الذمة المالية النهائي، وأبدي مبارك تعاونه مع النائب العام حتي يتمكن من الكشف عن أي أرصدة بالخارج، بل هذا التعاون يخصه ويخص زوجته وعلاء وجمال. معلومات مهمة ورغم الغموض الذي يحيط إقرار مبارك المالي فإننا استطعنا الحصول علي معلومات عن إقرار الذمة المالية الذي أودعه مبارك لدي جهاز الكسب غير المشروع حيث جاء في البند الخاص بالأموال السائلة أنه يمتلك مبلغ 3 مليارات دولار في بنك مصري وحسب المصدر فإن هذا البنك هو البنك الأهلي المصري، الذي يرأسه طارق عامر ابن شقيق المشير عبدالحكيم عامر وصديق جمال مبارك نجل الرئيس الأصغر، وحسب المصدر فإن هذا المبلغ يعد صغيرًا بالنسبة لحجم الرئيس مبارك وحجم ما تناولته الصحف الغربية والعربية علي السواء، وأشار المصدر أن مبارك يحصل علي نسبة تتراوح ما بين 5٪ إلي 15٪ من أموال المعونة العسكرية لمصر وبلغت هذه المعونة حتي الآن 35 مليار دولار، بما يعني أن الرئيس مبارك حصل علي 3 مليارات ونصف المليار إذا كان حصل علي نسبة 10٪ وهي نسبة وسط بين ال 5٪ و15٪ وإذا حصل علي نسبة 5٪ فقط تكون عمولته مليارًا و750 ألف دولار وهذه أدني نسبة يحصل عليها مبارك. وحسب مصادرنا فإن إقرار الذمة المالية للرئيس اشتمل علي شرائه لقصر الاتحادية المشهور بالعروبة، وهو المقر الذي انتقل إليه مبارك مع عائلته بعد توليه منصب رئاسة الجمهورية، وتبلغ مساحة القصر (15) ألف متر مربع والكائن في 31 ش الميرغني بمصر الجديدة، وقد اشتراه مبارك بمبلغ 34 مليونا و71 ألف جنيهًا حسب إقرار الذمة المالية، وكان في عام 2003، وقد اشتراه مبارك من جهاز تصفية الحراسات التابع لوزارة المالية، بعد أن وضعت المالية عدة عقبات أمام حياة السباعي أرملة رجل الأعمال عبدالله الجواهرجي بسبب الحكم القضائي الصادر لها وأولادها باستعادة القصر حيث اشتراه مبارك بالمبلغ السالف ذكره وهو ما يمثل نسبة 60٪ من سعره المقدر من قبل الخبراء المثمنين المنتدبين من المحكمة وتم تقدير سعره ب 57 مليونا و850 ألف جنيه، ومنذ ذلك التاريخ انتقلت ملكية القصر لمبارك وعائلته. وإذا كان مبارك قد توعد الجميع باتحاذ جميع الإجراءات القانونية ضدهم ومن حقه في حال اثبات كذب الادعاءات فلماذا يخشي مبارك الاعلان عن اسم البنك الذي يحوي حساباته الشخصية، ولماذا لم يطلع الشعب المصري علي إقرار ذمته المالية. والغريب أن مبارك قام في عام 2008 بإيداع إقرار للذمة المالية في خزينة المحكمة الدستورية العليا، ولم يودعه في جهاز الكسب غير المشروع، رغم مرور 3 سنوات علي انتخابات الرئاسة وهللت الصحف الحكومية وقتها بنزاهة الرئيس وطهارة يده برغم عدم نشر هذه الصحف لإقرار ذمته المالية وتقديم الاقرار في هذا الموعد يعني أن مبارك لم يقدمه ضمن أوراق الترشيح في عام 2005. كما أن القانون يلزم تقديم الإقرار كل 5 سنوات بالنسبة لرئيس الجمهورية والقيادات العليا، ومع ذلك لم يتم الانتباه إلي موعد التقديم وأهم الأسئلة بدت واضحة في حديث مبارك »للعربية« وهو إذا كان مبارك يحصل علي 26 ألف جنيه شهريا فإن راتبه يصل في 30 سنة رئيسًا إلي 9 ملايين و360 ألف جنيه واشتري قصر العروبة ب 34 مليون و71 ألفًا فهل يصل إقرار الذمة المالية ل 3 مليارات دولار!! وعندما سألت المستشار أحمد شوقي الشلقاني مساعد وزير العدل للكسب غير المشروع السابق عن عقوبة مخالفة إقرار الذمة المالية للرئيس مع التحريات قال: إذا ثبت ذلك فإن مبارك سيواجه عقوبة الحبس 15 عامًا مع دفع غرامة مساوية لما كسبه من أموال ورد قيمتها للدولة شريطة أن تكون التحريات مبنية علي الجدية، وقال ردًا علي سؤال المانع القانوني لإظهار إقرار الذمة المالية قال: لا يوجد قانون ما يمنع الإعلان عن الذمة المالية للرئيس مبارك.