"ليس كل من يترشح للرئاسة يصلح لها "، حقيقة لا ينكرها أحد، ولكنها تستمد خصوصيتها فى المشهد المصري الآن، فللمرة الأولى في تاريخ مصر القديم والحديث يتسابق كل هذا العدد الغفير من الأفراد للترشح لمقعد رئاسة الجمهورية، وتقف أغلبية المواطنين مشدوهة وهى ترى وتقرأ وتسمع عن برامج انتخابية تتشابه إلى حد كبير، و قد تصل لدرجة التطابق في بعض الاحيان ، في حين أن القدرة على التطبيق العملي ووضع هذه البرامج محل التنفيذ الفوري من المفترض أنها هى المحك الرئيسي في الاختيار. وفي هذا الصدد يؤكد د. مدحت عبد الهادي مدير المركز المصري للاستشارات والتنمية الاجتماعية ل "بوابة الوفد الإلكترونية" أنه لم يعد من الممكن التعامل السطحي من قبل المواطنين مع شخوص المرشحين للرئاسة، والحكم على الظاهر فقط دون التمعن في الباطن، مشيراً إلى أنه بصدد ترجمة برنامج عالمي لتحليل شخصية مرشحي الرئاسة وهو برنامج LIWC)) أو Linguistic Inquiry and Word Count، والذي استخدمت النسخة الأمريكية منه في انتخابات الرئاسة الأمريكية الأخيرة. ويشدد الدكتور مدحت عبد الهادي على أننا في أمس الحاجة لمثل هذا النوع من البرامج من أجل اجراء عملية تحليل نفسي وسلوكي شامل لشخصيات المرشحين للرئاسة، مؤكداً أن هذا البرنامج يتناسب ويتواءم مع العهد الجديد الذي نعيشه في أعقاب ثورة 25 يناير، والتي من المحتم أن تلقي بظلالها علينا من الداخل لتتغير نظرتنا في الحكم على الأمور بحيث يكون المعيار نابعًا عن العلم والدراية بجوهر الأشخاص، حتى يصير الحكم عن حكمة و تعقل وموضوعية. ويضيف أن هذا البرنامج يعطي نتائج علمية عن التركيبة النفسية والسلوكية للمرشحين، كما يعطي انطباعا علميا على أسس مدروسة بمدى جديتهم ورغبتهم الفعلية في العمل للصالح العام، دون أن يكون هذا الترشيح محاولة فقط لنيل هذا المنصب والفوز به لمجرد أهواء شخصية وتطلعات فردية. حيث يعتمد هذا البرنامج على تصنيف نوعية الكلمات المستخدمة من قبل الرشحين خلال المناظرات والخطب إلى فئات مختلفة من الكلمات، تشمل كل فئة على مجموعة من الكلمات ذات دلالة نفسية وسلوكية مختلفة يعطي مجموعها رؤية علمية يمكن من خلالها ترجمة شخصية المرشح نفسياً وسلوكياً. ومن ثم يمكن الحكم على العديد من النقاط الجوهرية في شخصيات المرشحين مثل قوة التركيز، أنماط التفكير، درجة التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، مدى التعاطف والتأثر والانفعال بمشكلات وهموم المواطنين، وبذلك يكون من السهل التعرف على الفروق الفردية بين المرشحين. ويهيب الدكتور مدحت عبد الهادي في ختام حديثه بجموع المواطنين أن يتريثوا في الحكم على الاشخاص، ولا ينخدعوا في البرامج الانتخابية للمرشحين، والنظر بعين الاعتبار إلى مدى قدرتهم على تطبيق هذه البرامج بضمير متيقظ وفاعلية وأمانة، مشيراً إلى أن البعض من الممكن أن تنطلي عليه العبارات الرنانة والخطب الحماسية، والتي تخاطب الوجدان وتحفز المشاعر في حين أنها ربما لا تعد كونها مجرد كلمات.