أسعدني إعلان فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر - أن الأزهر سينتهي قريبًا من إعداد وثيقة حقوق المرأة في الإسلام، والتي سيتم فيها الردُّ على جميع الشبهات التي يوجهها البعض تجاه حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية وتؤكد مكانة المرأة السامية ودورها البارز في نهضة وبناء المجتمعات، وأكد شيخ الأزهر أن الشريعة الإسلامية كرمت المرأة وأعطتها حقوقها كاملة، في الوقت الذي لم تحظ فيه المرأة في أي قانون شرقًا كان أو غربًا بمثل تلك المكانة, مشددًا على أن الأزهر لن يسمح بأن تُسلب منها هذه الحقوق التي منحها لها المولى «عز وجل». إنها المرأة المصرية.. وفي أوراق تاريخها الرائع، أنه فى عام 1924 حصلت منيرة ثابت على الشهادة الثانوية هكذا تقول موسوعة للتوثيق التاريخي، والتحقت بمدرسة الحقوق الفرنسية التي كانت تعمل آنذاك في القاهرة وتمنح شهاداتها من باريس وحصلت على ليسانس الحقوق، فكانت أول فتاة مصرية تحصل على هذه الشهادة، وقيدت أيامها في جدول المحامين أمام المحاكم المختلطة كأول محامية عربية. لم تكن منيرة هى أول مصرية تكتب في الصحف ولم تكن أيضا أول مصرية تصدر مجلة أو جريدة، ولكنها كانت أول صحفية نقابية وأول كاتبة سياسية وأول رئيسة تحرير لجريدة سياسية. كانت تسجل وتنتقد دستور 1923 أنه أغفل الحقوق السياسية للمرأة وكان هذا أول صوت يرتفع صراحة يطالب بمنح المرأة المصرية حق ممارسة الواجبات والحقوق الدستورية كناخبة. ونظراً لجرأة مقالاتها في الصحف ورغم صغر سنها إلا أنها أثارت قلق الحكومة، فما كان من وزير المعارف إلا أن استدعى ناظر المدرسة الفرنسية التى كانت تدرس فيها إلى مكتبه وطلب منه أن يمنعها من الكتابة في السياسة. فاعترض ناظر المدرسة حيث إن مدرسته تسير على غرار مدرسة الحقوق في باريس، وهى تمنح طلابها حق الكتابة في الصحف ومعارضة الحكومة والهجوم عليها أيضا مهما كانت العواقب. وكانت منيرة ثابت أول فتاة عربية تقف أمام النائب العام وهى دون السن القانونية، ليحقق معها – بنفسه- في جريمة سب وقذف صحفي وهكذا بدأت حياتها العملية، واعترفت الدولة رسمياً بصفتها الصحافية وعمرها 17 عاما، وقد جرى التحقيق معها بأمر صادر من دار المندوب السامي البريطاني في مصر إلى رئيس الوزراء المصري الذي حوله إلى وزير العدل «الحقانية» للتنفيذ، وكانت الجريمة هي مهاجمة «التدخل الأجنبي» في شئون البلاد ومهاجمة دار المندوب السامي البريطاني والاستعمار، وقالت منيرة بمنتهى الشجاعة إنها «تهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه». وعليه شهدت محكمة باب الخلق أول حدث تاريخي من نوعه، وهو محاكمة فتاة صحافية بأمر من الاستعمار، ولكن تم إعفاؤها من المسؤولية الجنائية لصغر سنها وكان ذلك عام 1926. وبصدور قانون 1960 الذي بمقتضاه انتقلت ملكية الصحف الى الاتحاد الاشتراكي. تم ايقاف مجلة «الأمل» رسمياً عن الصدور، وبالتالي توقفت مسيرة منيرة ثابت كصحافية وكرئيسة تحرير، وتوفيت في سبتمبر 1967 بعد حياة حافلة.. إنها المرأة المصرية.. وفي أوراق تاريخها الرائع أن تهاني الجبالي أول قاضية مصرية قد ولدت لأسرة بسيطة من طنطا وحصلت على المركز الخامس على مستوى مصر في شهادة الثانوية العامة ثم دخلت كلية الحقوق جامعة القاهرة وتخرجت منها عام 1973. بعد تخرجها, عملت لفترة قصيرة كمديرة للشئون القانونية بجامعة طنطا ثم قدمت استقالتها وتفرغت للعمل كمحامية حرة في عام 1987 وهي المهنة التي عملت بها حتى قرار تعيينها كقاضية، تم انتخابها كأول عضوة في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب لتصبح بذلك أول سيدة مصرية وعربية تنتخب في هذا المستوى بالاتحاد منذ تأسيسه في عام 1944م. وبعدها تولت لجنة المرأة في الاتحاد نفسه لتمثل المرأة العربية وأيضا رئاسة لجنة «مناهضة العنصرية والصهيونية» بالاتحاد، وخبير قانوني في منظمة الأممالمتحدة ومحكم تجاري دولي ومحاضر في المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس وعضو اللجنة التشريعية والسياسية بالمجلس القومي للمرأة. في 22 يناير 2003 صدر قرار جمهوري بتعيينها ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية، حتى عام 2007 حيث عينت الحكومة المصرية في ذلك العام 32 قاضية, ولكن لم تعين أي قاضية أخرى في المحكمة الدستورية، مما أبقى القاضية تهاني صاحبة لأعلى منصب قضائي تحتله امرأة في مصر. وقد حصلت على العديد من الأوسمة والدروع وشهادات التقدير من منظمات محلية وعربية ودولية في مجال الدفاع عن قضايا حقوق الإنسان وقضايا حقوق المرأة. وبعد ثورة 25 يناير صعد إلى سدة الحكم رموز «الإخوان المسلمين» فيبدو أن الموقف غير الموضوعي من القضاء والمرأة قد ذهب بهم إلى إجراءات انفعالية، فكان من أمثلة ضحاياهم الزاعقة المستشارة تهاني الجبالي، واتفق مع د. سنيوت شنودة وما كتب في مقاله «القانون مافيهوش زينب، لكن الدستور فيه تهانى».. قال «لقد صار الأب ابنا لأبيه كما صار القانون مرجعا للدستور، أما الأمر الأكثر خطورة فهو شخصنة الدستور واستخدامه للانتقام من المحكمة الدستورية العليا التي وقفت حائلا ضد رغبات النظام في عودة مجلس الشعب وتشكيل الجمعية الدستورية وموقفها الذي كان قد بات وشيكا أن يحل مجلس الشوري والجمعية التأسيسية فقد نص مشروع الدستور علي تشكيل المحكمة الدستورية العليا من رئيس وعشرة أعضاء في المادة 176 بدلا من تشكيلها الحالي من 19 عضواً والمتأمل لهذا النص يدرك أن المقصود به وبوضوح شديد هو شخص السيدة المستشارة الجليلة تهانى الجبالى التي تحتل المرتبة الثانية عشر في أقدميتها بهذه المحكمة ليتم التضحية بسبعة من المستشارين في هذه المحكمة ومنهم المستشار حاتم بجاتو وهكذا فمع أن القانون مافيهوش زينب لكن الدستور فيه تهاني».. من منيرة ثابت ونضالها في زمن الاستعمار ورفضها إغفال حقوق المرأة في دستور 1923 إلى تهاني الجبالي في عصر الإخوان ورفضها دستور 2012 ووصولا لابنتنا الطالبة بالمرحلة الثانوية «رنا» بنت صديقي سيد فؤاد، والتي تم التحقيق معها على خلفية مشاركتها فى مظاهرة طلابية مناهضة للإعلان الدستورى والاستفتاء على الدستور، ولكن رنا قالت كجدتها منيرة وأمها تهاني: «أنا مش هخاف أنزل فى مظاهرات، بالعكس هما زودوا حماسى إنى أنزل».. إليهن تحية وتعظيم سلام.