الفتوى التى صدرت من الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بتحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم ليست بجديدة، حيث كان يروج لها ولغيرها ياسر برهامى القيادى بالتيار السلفى، وقبل أكثر من عام نبهت وحذرت هنا مما بفتاوى هذا الرجل التى وصفتها بالشاذة والمتطرفة، خاصة التى تخص المسيحيين وحذرت من خطورتها على الوحدة الوطنية والأخوة فى الوطن، حيث حرم هذا الرجل تحيتهم فى الطريق أو العمل أو فى أى مكان تقابلهم فيه، السلالم بالعمارة والمواصلات، كما حرم إعادة مريضهم وتقديم العزاء فى مصيبتهم، وأفتى كذلك بتحريم تهنئتهم بالأعياد أو الأفراح أو المناسبات، ووصل به الأمر إلى أنه أفتى بعدم معالجتهم فى حالة الخطر، وعدم مشاركتهم فى التجارة، لماذا يا برهامى؟، لأنهم كفرة. وسبق وأشرت لنماذج من هذه الفتاوى، نعيد بعضها للتذكرة والإفادة، ولتكن البداية بمدى وعيه وإدراكه لمفهوم المواطنة، برهامى لا يؤمن بالمواطنة، ولا يعترف بالأخوة في الوطن، وفى رأيه الأخوة والمحبة والإنسانية فقط بين المسلمين، أما علاقة المصري المسلم بالمصري المسيحي فهي مشروطة بالنصح وتذكيره الدائم بأنه كافر، وأن يطالبه كلما تحدث معه بالدخول في الإسلام، فقد تلقى سؤالا من أحد أعضاء التيار السلفى قال فيه: أخ يتكلم مع النصارى على شبكة الإنترنت بقوله: «الإخوة المسيحيين»، ولما نصحته أنه لا توجد أخوة بيننا قال لي: «إنه توجد أخوة في الدين والوطن والنسب»، واستدل بقوله تعالى: (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا هود50)، (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا هود61».. تخيلوا رد برهامى عليه: فلابد من الانتباه إلى أن هذه الأخوة في الوطن والنسب والإنسانية لا تقتضي مودة ولا موالاة، فإذا كان يخاطبهم بذلك مع كونِه يخبرهم بكفرهم، ويدعوهم إلى التوحيد والإيمان، وتَبَرَّأ من شركهم فلا بأس، أما أن يكلمهم بالإخوة ساكتًا عما وجب عليه من الدعوة والبيان ليفهموا من ذلك المحبة والمودة فهو مبطل». أظن أن فتوى مثل هذه سوف تشعل الحرب بين المصريين، وأظن كذلك أنها تحض على الكراهية، ولا تؤسس لوطن يعيش فيه مواطنوه بسلام، تعالوا نرى غيرها: على سبيل المثال أحد السلفيين سأل الشيخ: «هل يجوز لمسلم حضور حفل زفاف لأحد النصارى بالكنيسة من باب تأليف القلوب، ولقوله تعالى:لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ الممتحنة8». الشيخ رد على الشاب بقوله: لا يجوز ذلك؛ لماذا يا شيخ برهامى؟، لأنهم يُظهرون شركهم وكفرهم من تعظيم الصلبان أمام الجالسين، والتفوه بالشرك من قولهم: «باسم الأب والابن والروح القدس، إله واحد آمين»؛ فالسكوت على مثل هذا الكفر مع إمكانية الزوال عنه لا يجوز. وليؤكد الشيخ صحة حكمه هذا استشهد بقوله تعالى:«وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا النساء140»، ويبدو أن الشيخ اختلط عليه الأمر او انه لم يفهم الآية جيدا، لأن استشهاده بها هنا ليس فى موضعه لأنه عز وجل يقصد هنا استهزاء الكفار بآيات القرآن. وماذا عن تهنئتهم بالأعياد؟، الشيخ يرى أن أعياد المشركين تتضمن تعظيمًا لعقائدهم الكفرية: كميلاد الرب وموته وصلبه والعياذ بالله، ليس هذا فقط بل أن الشيخ برهامى رضى الله عنه يرى أن تهنئتك للمسيحي بأعياده بها شر أكثر من التهنئة على الزنا وشرب الخمر. لهذا حرم الشيخ مجاملة النصارى في تعازيهم واتباع جنائزهم، لأنهم فيها مثل الأفراح والأعياد يرفعون الصلبان، لا توجد جنازة إلا ويرفعون الصليب فيها ويسير الناس وراءه؛ فلا يجوز لمسلم أن يسير وراء الصليب». إذن، ماذا عن الدعاء لهم بالنجاح، هل يجوز أن ندعو لابن الجيران المسيحى بالنجاح في دراسته أو في عمله؟. تخيل رأى الشيخ، قال بالحرف: النجاح الدنيوي ليس بنجاح، ولا ينبغي أن تطلب الدنيا للكفار، لماذا يا شيخ برهامى؟، لأنهم يستعملونها في الكفر والمعاصي، ولا يشكرون الله عليها. والشيخ أدام الله عزه ونفعنا بعلمه أجاز للسلفيين والمسلمين عامة الدعاء لآحاد الكفار بالهداية، بشرط ألا يكون: «معلوماً عنه الشر والفساد، وأن يكون الدعاء سراً لا جهراً»، والهداية هنا هي الدخول في الإسلام. أظن أن كتابات ياسر برهامى تحتاج لمراجعة دقيقة، وأظن أنه يجب مواجهة من لا يمتلك القدرة على الإفتاء بمعاقبتهم، وأعتقد أن مشيخة الأزهر مطالبة بتقديم مشروع قانون تجرم من يتجرأ على الفتوى من خارج الأزهر ودار الإفتاء بما يهدد السلام الاجتماعى او يزرع الكراهية فى نفوس الشباب وينفرهم من الدين الإسلامى، وعلى ما أظن أن هذه المواد سوف تنال من جميع المدعين دينيا وفقهيا الموجودين على الساحة.