خيب الرئيس محمد مرسي الآمال عندما أعلن في خطابه أمس الأول استمرار الدكتور هشام قنديل رئيساً للوزراء، مع طلبه تعديلاً وزارياً في المجموعة الاقتصادية. كنا نتوقع أن يتم تغيير هذه الحكومة كاملة ابتداءً من رئيس الوزراء، الذي أثبت حتي الآن فشلاً ذريعاً، والأوضاع الحالية بالبلاد لم تعد تحتمل أكثر من هذا الوضع الاقتصادي المزري.. لقد كانت آمال المصريين بعد سلق وتمرير الدستور المشوه، أن يتم إقالة هذه الحكومة كاملة وإعادة تشكيلها مرة أخري، لترعي مصالح هذا الشعب المطحون الذي يواجه الأمرين.. لكن يبدو أنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. سياسة الحكومة الحالية لا تسمن ولا تغني من جوع، والتعديل الوزاري المرتقب الذي سيقوم به قنديل ليس كافياً لحل الأزمات والمشاكل الخطيرة التي يعاني منها الناس، فرئيس الوزراء الذي يناقش تغيير اسم الأثر الديني «المعبد اليهودي»، في حين أن هذا الأثر ليس مسجلاً بهذا الاسم، يشبه تماماً من يريد أن يغير من ثقافة الناس، وكأن مشاكل مصر كلها تم حلها، ولم يعد إلا المعبد اليهودي الراسخ في أذهان المصريين جميعاً بهذا الاسم رغم أنه مسجل باسم آخر.. رئيس الوزراء بهذا الشكل كأنه يناطح الهواء.. ولو كانت الأمور هذه تؤخذ بالقرارات، كان استمر اسم الرئيس الراحل أنور السادات علي ميدان التحرير، فلا أحد من المصريين يقول ميدان السادات.. إذا كان هذا هو تفكير رئيس الحكومة فهل يصلح لأن يستمر في موقعه، في بلد أوشك علي الدخول في مجاعة؟!.. هل قنديل في هذه المرحلة يصلح لهذه المرحلة ونحن علي أبواب أن نكون دولة مفلسة؟!.. هل رئيس الوزراء يصلح لأن ينتشل مصر من الوضع الاقتصادي المزري الذي نحياه الآن؟!.. هل قنديل ينوي علي قيادة البلاد في ظل المصانع التي تغلق أبوابها يومياً ويتم تسريح العمالة بها؟!.. هل يستطيع رئيس الحكومة العبور بالبلاد إلي بر الأمان، وهو يقف يتفرج علي كل المصائب التي وقعت خلال الفترة الماضية، وهناك «ميليشيات» تفرض إرادتها علي الشعب المصري، وتقوم بغزوات وحصارات علي مؤسسات الدولة؟ ولم يصدر ولو من باب ذر الرماد في العيون بياناً واحداً للرد علي كل هذه المهازل؟!.. استمرار «قنديل» رئيساً للوزراء، يعني المزيد من الفوضي والاضطراب، بل ويعني أيضاً المزيد من الكوارث التي تلاحق المصريين بشكل يدعو إلي الأسي والحسرة، والكارثة الأفدح هي تمسك الرئيس به، قد يكون السبب ان لم يكن مؤكداً هو أن الرئيس يريد مثل هذه الشخصية التي تتمتع بسياسة «السمع والطاعة» داخل جماعة الإخوان المسلمين، ورئيس الوزراء يقوم بهذه المهمة علي أكمل وجه.. فأي رئيس حكومة يرفض تماماً أن يكون طيعاً إلي هذا الحد، ولذلك فقد تم اختباره بعناية فائقة لهذا الدور.. وبما أن الرئيس في فكر الجماعة هو مسئول شئون الجماعة كما يعلنون يكون رئيس الوزراء في درجة أدني وبالتالي لا يكون للحكومة أي أثر أو وجود، إنما هي ديكور فقط.. عندما يريد الشعب إسقاط الحكومة يتمسك بها مرسي، فهو يسير عكس رغبة واتجاه الناس.. ويبدو أن سياسة العناد هي الوحيدة التي تحكم فكر جماعة الإخوان.. إنها «سياسة خالف تعرف»، وكل ذلك علي حساب الناس المطحونين الذين يعانون المُر بكل أشكاله وأنواعه.