القومي لحقوق الإنسان يرحب بتوجيه الرئيس السيسي برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب    ارتفاع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية اليوم 22 سبتمبر 2025    الزراعة تعلن زيادة الصادرات إلى أكثر من 7.2 مليون طن حتى الآن    وزير العمل: 2 مليون و 375 ألف جنيه دعم جديد للعمالة غير المنتظمة    "الإسكان" تستعد لطرح المرحلة الثانية من 400 ألف وحدة سكنية عبر «منصة مصر العقارية»    موعد التوقيت الشتوي وفوائده: كيف يمكن أن يؤثر التغيير على حياتك اليومية؟    شعبة الورق: ارتفاع أسعار الكتب الخارجية «استغلال» رغم انخفاض التكاليف    الصين: على المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لتحمل مسؤولياتها لوقف الحرب في غزة    وزير الخارجية: أمن الخليج العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري    وزير الخارجية يلتقي رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    موعد مباراة الهلال والعدالة في كأس خادم الحرمين.. والقنوات الناقلة    "انصفوه ولو لمرة واحدة".. ميدو يطالب بمنح محمد صلاح الكرة الذهبية    شوبير: الأهلي بادر بطلب تعديل عقد إمام عاشور.. والمفاوضات توقفت بسبب المغالاة    الصحف الأوروبية صباح اليوم.. فوتبول لندن تكشف احباط ارتيتا وسخرية جوارديولا وماركا تعلق على موقف اوباميكانو من الريال    جهاز المنتخب يطمئن على إمام عاشور ويحسم موقفه من مباراة جيبوتي    اندلاع حريق في عقار وورشة تقطيع أخشاب بمنطقة المراغي في الإسكندرية    تجديد رخصة قيادة السيارة.. هل يطلب تحليل المخدرات عند تحديث الرخصة    حملات مرورية.. رفع 39 سيارة ودراجة نارية متهالكة    فك لغز اختفاء عامل بالبحيرة.. جريمة قتل بسبب علاقة غير شرعية تنتهي بضبط المتهمين    أمير كرارة يكشف أسرار تعاونه مع المخرج بيتر ميمي    مستشفيات جامعة القاهرة تجري 54 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة القضاء على قوائم الانتظار خلال 2025    بعد الظهور الأول لهما.. ماذا قال ترامب عن لقائه ب ماسك؟    كليات متاحة بجامعة القاهرة الأهلية لطلاب الثانوية العامة والأزهرية .. تعرف عليها    الدوري المصري بشكل حصري على "أبليكشن ON APP".. تعرف على طريقة تحميل التطبيق    خبير: الاعتراف بالدولة الفلسطينية تصحيح لمسار تاريخي اتخذته بريطانيا    إمام عاشور يحذف صورته بتيشيرت الأهلى من حسابه بإنستجرام.. السر فى ابنته    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    اليوم.. استئناف كروان مشاكل على حبسه بتهمة سب منتجة شهيرة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025 في بورسعيد    حظك اليوم الاثنين 22 سبتمبر وتوقعات الأبراج    بالفيديو.. الأوقاف توضح كيف تواجه مبادرة "صحح مفاهيمك" الفكر المتطرف وماهي أهدافها؟    أسعار الحديد في المنيا اليوم الإثنين 22 سبتمبر 2025 تعرف عليها    القائمة الكاملة لجوائز الموريكس دور في لبنان 2025 (فيديو)    ما حكم تعليق صور المتوفى تلمسًا للدعاء له بالرحمة؟.. دار الإفتاء توضح    «أحمديات» مازالت الكلمة حائرة بين مفهوم لم يقصد ومقصود لم يفهم فإجعل كلمتك بسيطة حتى يفهم مقصدها    جمهوريون ينتقدون اعتراف حلفاء واشنطن بدولة فلسطين    الصحة توجه طلاب المدارس للحصول على 4 تطعيمات هامة للحماية من الأمراض المعدية .. اعرف التفاصيل    الصحة: نجاح جراحة دقيقة لاستئصال ورم بالمعدة بمستشفى العجوزة النموذجي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-9-2025 في محافظة قنا    «التنظيم والإدارة» يعلن نتيجة امتحان مسابقة مياه الشرب والصرف الصحي    وفاء عامر: بنيت مسجدًا من مالي الخاص ورفضت وضع اسمي عليه    طقس اليوم: حار رطب نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 32    آمال ماهر تحصد جائزة «نجمة الغناء العربي» في حفل الموريكس دور    متعلق بالنووي.. زعيم كوريا الشمالية يضع شرطًا للتباحث مع واشنطن    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الاعترافات الدولية بالدولة لحظة تاريخية يجب البناء عليها    إنتر ميلان يستعيد توازنه بفوز صعب في الدوري الإيطالي    مسلم يكشف ل"اليوم السابع" تطورات حالته بعد تعرضه لجلطة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الاثنين 22 سبتمبر    أحمد العوضي: لو هتجوز مش هقول.. ومشغول بمسلسل «علي كلاي» لرمضان 2026    عالمة آثار: دير المدينة يكشف أسرار الحياة اليومية في مصر القديمة    عيار 21 يتراجع لأدنى مستوياته.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة بعد الانخفاض الكبير    50 ألف جنيه وعلاقته بالمعهد.. أبرز اعترافات رمضان صبحي في قضية التزوير    السيسي يرد قانون الإجراءات الجنائية: مناورة سياسية تحت الضغوط الدولية والداخلية    يومان عطلة في سبتمبر.. موعد الإجازة الرسمية المقبلة للقطاع العام والخاص (تفاصيل)    موعد صلاة الفجر ليوم الإثنين .. ومن صالح الدعاء بعد ختم الصلاة    الزبادي منخفض الدسم قنبلة سعرات حرارية.. 7 أطعمة تخدعك في رحلة «الدايت»    وزارة الصحة توجة تحذيرا هاما حول إصابات الأنفلونزا وطرق الوقاية.. التفاصيل    هل الكسوف والخسوف غضب من الله؟ الأزهر للفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي الغفلي يكتب:مقاصد الديمقراطية في مصر
نشر في الوفد يوم 25 - 12 - 2012

بعد مرور سنتين على سقوط نظام مبارك، ومن خلال متابعة الأحداث السياسية المضطربة في مصر، ينشأ التساؤل حول مدى نجاح الثورة في تحقيق أغراضها.
لقد هدفت الثورة المصرية إلى التخلص من نظام حكم مستبد، ومن ثم بناء نظام سياسي ديمقراطي . لا أحد يعلم على وجه اليقين ما إذا كان نظام مبارك قد سقط حقاً، إذ إن اجتثاث نظام حكم امتد وتغلغل في المجتمع المصري طيلة ثلاثين عاماً يبدو بالنسبة لملايين المصريين مسألة قابلة للجدل . ويتملك الشك قطاعاً كبيراً من المصريين بالنسبة للجهد المبذول من أجل تأسيس الديمقراطية الجديدة في بلادهم، ويبدو أن مناقشة مدى تحقق مقاصد الديمقراطية في مصر حتى الآن تدعم هذه الشكوك، بل وتضيف إليها الخوف على المسار الذي تتجه فيه الدولة في المستقبل المنظور .
يتحدد مقصد الديمقراطية الأول في التسوية السلمية للصراع المجتمعي . لا يوجد مجتمع متوافق بشكل كامل، وفي الحالات التي يكون فيها المجتمع متجانساً، فإن الاختلافات بين قطاعات المجتمع في الآمال والمخاوف والتوجهات والمطالب في كافة نواحي الحياة، تصنع عدم التوافق الذي ينتج الصراع المجتمعي . ليس المقصود بالصراع هنا الاقتتال، ولكن المقصود هو التصادم في التفضيلات والاحتياجات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية، الأمر الذي يحتم إيجاد آلية تضمن الانتقال بالصراع من التناحر في الشوارع إلى الإدارة السلمية في مؤسسات الدولة . هذا المقصد غير متحقق في مصر في المرحلة الراهنة، إذ لا يزال جزء كبير من الحياة السياسية يدور في الميادين العامة وليس في المؤسسات السياسية، لأن هذه الأخيرة معطلة بشكل لا يمكن تصديقه . ومن أسف، فإن الجزء اليسير من العملية السياسية الدائرة في مصر لا يناسب على الإطلاق دولة بحجم واستحقاقات مصر، وهو أيضاً لا يسهم في تسوية الصراع المجتمعي فيها، بل يرسخ الصراعات ويفاقمها، الأمر الذي يهدد بتقطيع أوصال المجتمع المصري إلى محاور تقليدية وأخرى جديدة .
ويهتم المقصد الثاني للديمقراطية باختيار النخب الحاكمة . توفر الديمقراطية الآلية اللازمة من أجل حسم التنافس على السلطة وكذلك وضع موجهات السياسة العامة في الدولة، وذلك من خلال العملية الانتخابية التي تنتج الشخصيات التي تتولى أمور السلطتين التشريعية والتنفيذية، بالشكل الذي يفترض أن يترجم الإرادة العامة لدى الشعب . يعاني هذا المقصد كثيراً في مصر، ولا يرجع السبب إلى إهمال العملية الانتقالية فيها متطلبات القيام بتنفيذه، ولكن إلى إفراط المصريين بالانشغال بالانتماءات الفكرية للشخصيات التي تتولى المناصب السياسية في القصر الجمهوري والوزارات، والمؤسسة التشريعية . تبدو المسألة بالنسبة لقطاعات كبيرة من الشعب المصري أشبه بالعمليات غير المحسومة من السطو على السلطات، والانفراد بها، وأيضا الاستبداد باستخدامها، من دون أن يثبت لهم أن المتنافسين على السلطة يمتلكون المؤهلات القيادية التي يمكن أن تجعل إيكال مهام الحكم إليهم أمراً مسوغاً .
ويتمثل المقصد الثالث من الديمقراطية في توفير فرص المشاركة السياسية أمام الشعب . لقد كان حرمان الشعب من المشاركة السياسية في إدارة شؤون الدولة واحداً من أسوأ ممارسات نظام مبارك، إذ عمد ذلك النظام إلى تشويه كل ما يتصل بالمشاركة الشعبية من النواحي النظرية والمؤسسية والتطبيقية، الأمر الذي جعل الشعب المصري يقرر إسقاط النظام الذي حرمه من الحياة في المجتمع المدني . لقد تهاوى نظام مبارك، ولكن الحدود غير الاعتيادية التي يريد أن يذهب إليها الشعب في ممارسة المشاركة السياسية في مصر بعد الثورة تشكل واحداً من أخطر التهديدات التي تواجه مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية . لقد أخطأ نظام مبارك حين ترك الشعب مجرد طرف متفرج يمكن التلاعب بإرادته، ولكن من الخطأ أيضاً أن تستمر فورة الحراك الشعبي المضطرب وغير المؤسسي بعد مضي سنتين من الثورة . لقد خرجت المشاركة السياسية في مصر عن الحدود البناءة، إذ تتسبب ظاهرة المليونيات الشعبية التي تتظاهر في الميادين العامة وتمتد في أجزاء منها إلى محاصرة المؤسسات السياسية في إضفاء طابع الفوضى العامة على المشهد السياسي في مصر، ولا تسهم أعمال العنف والتمادي في كيل التشكيكات والاتهامات المتبادلة بين التيارات السياسية المختلفة في إطار هذه الفوضى إلا في صنع القلق بشأن مفهوم المشاركة الشعبية في الثقافة السياسية المصرية الجديدة .
ويتعلق المقصد الرابع للديمقراطية بتعزيز قيم النزاهة السياسية . ترتبط ممارسة الاستبداد السياسي بشبهة الفساد السياسي، ويمتلك المصريون أسباباً حقيقية للاعتقاد بأن التخلص من نظام مبارك يجب أن يعني تخليص حياة الديمقراطية الجديدة من كل مؤسسات وممارسات الفساد التي تسببت في عرقلة التنمية الشاملة في مصر . لا بد أن صدمة المجتمع المصري إزاء مدى تحقق هذا المقصد كبيرة، خاصة وهو يرى أن مظاهر استبداد الجماعة أو الحزب أو الفرد واضحة للعيان، ناهيك عن فشل النظام السياسي الجديد في مكافحة الفساد الإداري، وتقصيره عن ممارسة الشفافية التي يتوقعها الشعب من الحكومة التي انتخبها . إن الاتهامات التي تحوم حول عمليات التزوير في الانتخابات السياسية ودورتي الاستفتاء على الدستور في مصر تعزز الاعتقاد في مصر وخارجها بأن شيئاً لم يتغير في نظرية وممارسة الحكم في مصر بعد الثورة، وهذا انطباع خطير للغاية، يتعين على العقلاء معالجة أسبابه الآن قبل أن يسحقهم الفشل في معالجة نتائجه في المستقبل .
ويتمثل المقصد الخامس للديمقراطية في ممارسة ضبط النفس واحترام نتائج الانتخابات، ويتناول الناحيتين النفسية والسلوكية لدى كل من أطياف الشعب والقيادات الحزبية والسياسية . لا شيء يبدو حاسماً في العمليات السياسية في مصر الديقراطية، إذ لا يكاد ينتهي سيل الاتهامات التي تعقب كل عملية انتخابية حتى يبدأ سيل من التشكيكات حول عمليات الانتخاب أو الاستفتاء التالية . يبدو كل إجراء سياسي في مصر ما بعد الثورة مثيراً للسخط وجديراً بالنسف بالنسبة لقطاعات كبيرة من الشعب، والنتيجة أن معظم الأمور غير محسومة في الدولة الجديدة، وأن لعبة التغيير والمراوغة لا تزال مستمرة، وتسود عقلية أن النيل من الخصوم السياسيين ممكن دون الحاجة إلى انتظار دورة الانتخابات المقبلة، وأيضا دون الحاجة إلى استخدام المؤسسات السياسية من أجل تحقيق النتائج الإيجابية التي تستحقها مصر الدولة ومصر الوطن .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.