سويسرا الشرق في الستينيات، ومركز التحضر في العالم العربي، وعروس البحر المتوسط حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، بلد الطبيعة الساحرة، وفخر «الجمال» العربي، ومنبع الديموقراطية ومرتع الاحزاب السياسية، لبنان الشقيق، الذي كنا نسميه «لبنان الاخضر» دلالة على طبيعته الجميلة.. بجباله و«أرزه».. ماذا حدث له؟ استضاف «لبنان» مخيمات ايواء الاشقاء الفلسطينيين، ونشطوا على ارضه سياسيا وعسكريا، وتحولوا الى قوة لا يستهان بها على أرض الواقع اللبناني، وعندما جاء الرئيس سليمان فرنجية حاول الجيش اللبناني عام 1973 الهجوم على مخيمات الفلسطينيين واعتقال قادة المقاومة لكن الهجوم فشل، وانشق الضابط أحمد الخطيب وشكَّل جيش لبنان العربي، وفي 1975 وقعت الحادثة التي تعد شرارة اندلاع الحرب الاهلية التي عصفت باستقرار لبنان، ودمرت اقتصاده، وشردت ابناءه، وقياداته في عواصم الدنيا، وهي حادثة «عين الرمانة» عندما قامت وحدات من ميليشيا حزب الكتائب المسيحي الماروني التي يتزعمها «بيار الجميل» بضرب أتوبيس يقل 22 فلسطينيا من التابعين لجبهة التحرير العربية، وهي التنظيم الفلسطيني التابع لحزب البعث العربي الاشتراكي، وكانوا عائدين من مخيم تل الزعتر، وعند تقاطع «المرايه» في منطقة «عين الرمانة» انهمر الرصاص الكتائبي على الحافلة فمات كل من فيها، وكان رد جبهة التحرير العربية «فوريا» باقتحام جميع مكاتب «الكتائب» في منطقة الغربية وبدأت الحرب الأهلية التي امتدت حتى يومنا هذا وراح ضحيتها الآلاف، وتراجع بلد كان رأس حربة التحضر العربي، والمؤهل ليكون العاصمة المالية للمنطقة، ودخل في نفق اغتيالات لم تنته راح ضحيتها قادة ومسؤولون ورؤساء جمهورية، ورؤساء وزارات ولبنانيون عاديون، وقسمت طلقات المدافع وزخات الرصاص مدينة بيروت الجميلة الى «شرقية» و«غربية» وانتشر القناصة فوق أسطح البنايات يحصدون أرواح الأبرياء، وتحكمت الميليشيات بالطرق، وبدأت الاغتيالات على «الهوية» وأحيانا على «طهارة» الذكور للتفرقة بين المسلم والمسيحي!!.. وبكى العرب على لبنان، بعضهم بكاء مرا حقيقيا.. وبعضهم دموع تماسيح.. لكن «لبنان» لم يعد أبدا كما كان! واليوم تتعرض مصر لبدايات حرب أهلية، رغم الثورة التي وحدت الشعب كله لإزاحة الطاغوت، وخلعه، ثم انتشرت الأحزاب، ودخلت «الأموال القذرة» لعبة السياسة والإعلام من الداخل والخارج، وتحولت خلافات الرأي إلى «مولوتوف» وحرق مقرات، وقتل متظاهرين، ليعلن فضيلة المرشد العام للإخوان أن الجماعة «في حالة دفاع عن النفس»، وأنهم سيدافعون عن مقراتهم، وعن «مصر ودستور مصر، مهما كانت التضحيات». وهنا أخشى أن يفسر بعض شباب الإخوان تصريحات المرشد بأنها دعوة «لتحرك ما» يعلم الله وحده أين سيأخذنا، فمصر يدافع عنها جيش مصر يا فضيلة المرشد، ومقراتكم يجب أن تدافع عنها وتحرسها وتتصدى بيد من حديد لكل من يتعرض لها.. وزارة الداخلية، فمن يعتدي على مقراتكم آثم.. خائن هدفه إشعال الفتنة في مصر، وأربأ بحكمتكم أن تعطوه هذه الفرصة. وحسناً فعل الجيش بإصدار بيان «لن نسمح بالعنف» وأرجو أن تصل الرسالة إلى العنوان الصحيح. وأدعو الأخ وزير الإعلام لتطبيق القانون «بحسم» واللجوء للقضاء فوراً ضد أي وسيلة إعلام تنشر أخباراً كاذبة أو مضللة، من نوعية القبض على أفراد شرطة يحرقون مقار الإخوان، وهو ما كذبته «الداخلية».. وبالمناسبة أرجو ألا ينزلق المسؤولون الى مستنقع «التنبيط» وهو التعبير المحلي لاطلاق الاتهامات على عواهنها، والرمي بالتهم نحو اشخاص دون تسميتهم، وكل من يملك دليلاً فليقدمه فوراً واستفيقوا من غيبوبتكم فقد اصبحت هناك «دماء» مصرية تراق بأيد مصرية.. واذا انقسمت مصر فسيلعنكم الشعب كله.. وسيصفكم التاريخ بما تستحقونه.. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. twitter@hossamfathy66