* الشرطة اللبنانية : ضحياها أكثر من 144 ألف قتيل و197 ألف جريح و17 ألف مفقود كتب-إسلام أبو العز في صباح الثالث عشر من ابريل 1975، تعرضت حافلة كانت تقل أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وعمال فلسطينيين لكمين نفذه مسلحين من حزب الكتائب اللبناني أسفر عن مقتل 27 فلسطيني، وقد سميت الحادثة بحادثة البوسطة أو عين الرمانة، والتي اعتبرت رد فعل على محاولة اغتيال بيار الجميل رئيس حزب الكتائب. لتبدأ حرب أهلية طاحنة استمرت أكثر من 16 عام، وراح ضحيتها أكثر من 144 ألف قتيل و197 ألف جريح بالإضافة إلى أكثر من17 ألف مفقود وذلك حسب إحصاءات الشرطة اللبنانية. قبل حادثة الحافلة كانت قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية التي استأثرت بالقيادة والحكم بقوة بشرعية المقاومة المسلحة، قد اتخذت لبنان مسرح لعملياتها السياسية والمسلحة، ورهنت أراضي جنوب لبنان لديها، بحجة المقاومة، وكأن لبنان أصبح رهينة لدى هذه القيادة لحين تحرر فلسطين، بالإضافة إلى أن هذه القيادة استغرقت أكثر في التدخل في الواقع السياسي والاجتماعي اللبناني فحدثت مناوشات مسلحة مع الجيش اللبناني في 1969 ليبقى السلاح في أيدي الفلسطينيين فاستمرت الاحتكاكات المسلحة بين الفلسطينيين والموارنة في لبنان، مما أسفر عن أحداث مأساوية . وتخللت الفترة من1970 بعد خروج القيادة الفلسطينية من الأردن عقب مذابح سبتمبر الأسود إلى لبنان، ممارسات تبتعد عن كل البعد عن المقاومة والتحرر، فالسلاح انتشر دون نظام ومسئولية في يد الفصائل الفلسطينية، مما أتبع هذا حوادث فردية مختلفة، مثل الخطف والسرقات المسلحة، وهو ما كان عاملاً أضافياً استثمرته قوى اليمين اللبناني لضرورة إخراج الفلسطينيين من لبنان وعزل لبنان عن محيطه العربي بدعوى الوضع اللبناني المختلف، والهوية اللبنانية الغير عربية”الفينيقية”. قوى اليمين الانعزالية تمثلت في حزب الكتائب وذراعه المسلح القوات اللبنانية، والوطنيين الأحرار وذراعها المسلح النمور الأحرار، وتيار المردة، وحراس الأرز، والتي كونت الجبهة اللبنانية التي شكلت في مواجهة تحالف أحزاب الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وزعيم الدروز في لبنان، ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة أمل، بالإضافة لأطراف أخرى على رأسها إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا، وسورية والتي تنقلت بدعمها لأطراف الحرب أكثر من مره، فتارة تدعم اليمين اللبناني وتارة تدعم الحركة الوطنية.! دارت عجلة الحرب الأهلية، ليختلط ماهو سياسي بما هو مذهبي وأثني، وتصبح لبنان ارض تلعب فيها أطراف عديدة إقليمية ودولية، وتخلل ذلك اجتياح إسرائيل للأراضي اللبنانية مرتين، ففي 14 مارس1978 وبعد توقيع تفاهم كامب ديفيد بأربعين يوم تغزو القوات الإسرائيلية جنوب لبنان حتى نهر الليطاني رداً على العمليات التي كانت منظمة التحرير الفلسطينية تقوم بها ضد إسرائيل منطلقة من لبنان. الهدف من الغزو كان خلق منطقة عازلة بعرض 10 كيلومترا داخل الأراضي اللبنانية وبطول الحدود اللبنانية – الإسرائيلية. وشهد العام نفسه انقسام قوى اليمين اللبناني على اثر حملة عسكرية شنتها القوات اللبنانية بقيادة بشير الجميل لتوحيد”البندقية المارونية” وما نتج عنها من أحداث دموية قتل فيها طوني فرنجية نجل سليمان فرنجية فيما عرف بمذبحة أهدن مما أدى لخروج تيار المردة من الجبهة اللبنانية، وأتبع ذلك نفس الأمر مع الوطنيين الأحرار مما أدى للقضاء على الذراع المسلح للحركة “النمور” وبذلك أصبح بشير الجميل هو المتصدر الأوحد للعمل العسكري لليمين اللبناني. وفي عام 1982 وعلى أثر أتفاق بين آرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها، وبشير الجميل قائد القوات اللبنانية تم اجتياح الأراضي اللبنانية من جانب إسرائيل والتي حاصرت بيروت، ونفذت فيها مذبحة صبرا وشاتيلا على يد قوت الكتائب وبإشراف الاحتلال الإسرائيلي لتنضم لسلسلة مذابح الحرب الأهلية، فقد سبقها مذابح أخرى كمذبحة الكرنتينا ومذبحة تل الزعتر. وبعد سيطرة القوات الإسرائيلية على محيط بيروت، بدأت في قصف عشوائي عنيف من البر والبحر والجو لإخراج الفدائيين الفلسطينيين من لبنان، وهو ما تم الاتفاق عليه بإشراف أممي وضغط عربي وقبول فلسطيني، ليبعد الفدائيين خارج لبنان لأبعد من دول الطوق(مصر، الأردن، لبنان، سورية)، ليستقروا في تونس والجزائر والعراق. وبعد خروج الفصائل الفلسطينية من بيروت، انتقلت الأحداث لفصل جديد. فعقب انتخاب بشير الجميل رئيساً للجمهورية في لبنان تحت فوهات المدافع الإسرائيلية في23 أغسطس 1982، وما أعقبه من مقابلة بشير مع مناحم بيجين والذي بحثوا فيها إقامة علاقات لبنانية إسرائيلية عندما ينصب الجميل رئيساً للجمهورية، قام حبيب الشرتوني احد أعضاء الحزب السوري القومي الاجتماعي في لبنان، بتفجير مبنى بيت الكتائب في بيروتالشرقية أثناء إلقاء بشير الجميل خطاباً فيه في 14سبتمبر، لينتقم الكتائبيين لبشير بعد ذلك بارتكاب مذبحة صابرا وشاتيلا، والذي نفذتها مجموعة مسلحة من القوات اللبنانية بقيادة إيلي حبيقة وسمير جعجع في 16سبتمبر وذلك بمساعدة وتسهيل الجيش الإسرائيلي وراح ضحيتها ما يفوق3500 ضحية. وتم انتخاب أمين الجميل شقيق بشير على عجل ليصبح رئيساً للجمهورية، وليوقع على أتفاق سمي باتفاق “17مايو” والذي اعتبره كثير من اللبنانيون يتجاوز كونه اتفاق يقضي بانسحاب إسرائيل من لبنان، ولكنه استسلام واضح للإسرائيليين مما أدى لإشعال مرحلة جديدة من الاقتتال الداخلي سميت بحرب الجبل، والتي أسقطت من خلالها اتفاقية 17 أيار. وخلال هذه الفترة من بداية الاجتياح الإسرائيلي في1982 إلى 1985 بدأ ظهور نشوء قوى مسلحة مقاومة للإسرائيليين يبتعد قدر الإمكان عن الاقتتال الداخلي في لبنان، وظهرت أفعالها بوضوح في عمليات مسلحة حدثت ما بين عامي 1983 و 1984، تم استهداف العديد من المصالح الأمريكية. ففي أبريل1983 قتل 63 شخصاً في انفجار استهدف السفارة الأمريكية في بيروت. في أكتوبر 1983 قتل 241 جندياً أمريكاً و 58 جندياً فرنسياً في هجوم استهدف معسكر القوات الأمريكية والفرنسية في بيروت. في يناير 1984 قتل رئيس الجامعة الأمريكية في بيروت. وفي سبتمبر 1984 وقع هجوم آخر على السفارة الأمريكية في بيروت في مبناها الجديد الأكثر تحصينا. أدى التفجير إلى مقتل 7 لبنانيين وأمريكيين اثنين. وبانتهاء السبب الرئيسي الذي دارت حوله الحرب الأهلية، انتقلت القوى المتحالفة لمحاربة بعضها البعض، فيما سمي بحرب المخيمات ما بين 1985 و1986، وكانت أطرافها حركة أمل والحزب الديمقراطي التقدمي من جهة، والفلسطينيين في المخيمات من جهة أخرى، وذلك بإيعاز من النظام السوري الذي دعم حركة أمل وقتها في هذه الحرب، لتمديد فترة وجود الجيش السوري في لبنان منذ أن دخل عام 1976 تحت غطاء عربي لإنهاء الحرب الأهلية. وشهد العام1988 وقبل انتهاء فترة ولاية أمين الجميل قام بتعين قائد الجيش وقتها ميشيل عون رئيساً للوزراء بما يخالف نظام محاصصة المناصب القيادية في لبنان وأصبح لدى لبنان حكومتين واحدة بقيادة عون وواحدة بقيادة سليم الحص، مما أدى لتدمير أجزاء كبيرة من بيروت ونزوح كبير لسكانها المسحيين وبدأت محادثات بين الأطراف المتنازعة في لبنان بالطائف في السعودية، لتنتهي بانتخاب رينيه معوض رئيساً للجمهورية الذي اغتيل بعدها ب16 يوماً.! وبإقرار اتفاق الطائف الذي بمقتضاه تتقاسم المناصب السياسية في لبنان بين الطوائف، أي أن الحرب الأهلية في لبنان انتهت بتعزيز وتكريس الطائفية،حتى أصبحت احتياجات المواطن اللبناني العادي، يتم تعقيدها وردها إلى نظام المحاصصة الطائفي، وتظل حقوق اللبنانيين الأساسية رهناً للطائفية ولم تنته الحرب إلا في أكتوبر 1990 .. لكن أثارها وخلافاتها لازالت كامنة داخل الجسد اللبناني تتصاعد الأحداث لكن الجميع يتجنب العودة لعام 1975 .