الصدقة من أعظم الأبواب التي يُنفق العبد ماله فيها، وقد حثّ الإسلام على التصدّق ورغّب فيه، وبين الأجر والثواب العظيم لمن تصدّق بماله، والصدقة عبادةٌ عظيمةٌ لها أثرٌ بالغٌ في نفس المتصدِّق، حيث قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}. ومن تلك الفضائل إنّ الصدقة تطفئ غضب الله -عزّ وجلّ- ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمُه اللهُ يومَ القيامةِ، ليس بينه وبينه تَرجمانُ، فينظرُ أيْمنَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ أشأَمَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظرُ بين يدَيه فلا يرى إلا النَّارَ تِلقاءَ وجهِه، فاتَّقوا النَّارَ ولو بشِقِّ تمرةٍ". وفي الحديث إشارةٌ إلى أنّ العبد ينبغي له اتّقاء غضب الله تعالى، ولو بعملٍ يسيرٍ؛ كأن يتصدق ولو بنصف تمرة. إنّ الصدقة دواءٌ للأمراض البدنية، كما في قوله صلّى الله عليه وسلّم: "داووا مرضاكم بالصدقة". إنّ أجر المتصدق يُضاعَف تحقيقًا لوعد الله -تعالى- في قوله: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}. إنّ العبد إنّما يصل حقيقة البر بالصدقة، كما جاء في قوله -تعالى- في سورة آل عمران: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}. إنّ في الصدقة راحةٌ للقلب وطمأنينته، فالمتصدق كلّما تصدّق بصدقةٍ؛ انشرح لها قلبه، وانفسح بها صدره، فكلمّا تصدَّق اتسع وانفسح وانشرح وقوي فرحه وعظم سروره، ولو لم يكن في الصَّدقة إلاّ تلك الفائدة وحدها؛ لكان العبدُ حقيقيًا بالاستكثار منها والمبادرة إليها، وقد قال الله تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}.