هل يُدْرِكْ الدكتور محمد مرسى ويعلم ويحس أن رياح يناير 2011 تهب الآن على البلاد، وقد تكون هذه المرة ريحاً صرصراً عاتية قد تقتلعه كما اقتلعت «نسمات» يناير قبل الماضى رئيساً للبلاد، يرقد الآن مريضاً خلف القضبان، وقد يجاوره الدكتور مرسى إذا استمر على موقفه واستقوائه بجماعة الإخوان التي يراها أغلبية الشعب وهى في الواقع قلة قليلة لن تحميه إذا اشتد العناد.. وهل يُدْرِكْ الدكتور مرسى أن شياطين الإخوان والسلف يُزيّنُونَ له أعماله؟.. وهل يُدرِك أنه قد تسرع كثيراً في طرح مشروع الدستور للاستفتاء؟.. وهل يُدرِك أن «دستوره» لا يلقى توافقاً من مختلف الأطياف في المجتمع، وأنَّ مواد تضمنها هذا الدستور لا بد من إعادة النظر فيها؟.. وهل يُدْرِكْ أن مبررات إصداره إعلانه غير الدستورى قبل اسبوع هي ذاتها مبررات لعدم إصداره؟.. وهل يُدْرِكْ أن تمسكه بهذا الإعلان، واصراره على سرعة طرح الدستور للاستفتاء يُشْعِل الموقف أكثر ويؤدى إلى الاضطرابات والصدام؟.. وهل يُدْرِك ويعلم أنه بمجرد أن أصدر هذا الإعلان «الباطل» وتحديده موعداً للاستفتاء على الدستور «المسلوق» قد سقط بالفعل مئات القتلى والجرحى المصريين بيد مصريين آخرين؟.. وهل يُدْرِك أن عدد القتلى والجرحى في ظل التوتر سيزداد حتماً وقد نصل إلى حرب أهلية؟.. وهل يُدْرِكْ أنه يواجه ذات الاتهامات التي واجهها سلفه الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وحصل بمقتضاها على حكم بالسجن مدى الحياة؟.. وهل أَدْرَكَ وعَلِمَ أنَّ الملايين من جميع أنحاء البلاد من فئات الشعب ومستوياته المختلفة قد أبدوا رفضهم لإعلانه الدكتاتورى ودستوره المعيب؟.. وهل رأى الدكتور مرسى الملايين من الطلاب والعمال والفلاحين والصحفيين والمحامين والأطباء والمهندسين والتطبيقيين والقضاة ورجال النيابة والفنانين والمثقفين والكتاب والمفكرين والاعلاميين والمعلمين والرياضيين ورجال الدين والسياسة وأعضاء الأحزاب من الرجال والنساء من الشباب والكبار وهم يخرجون دون أمر من أحد في مسيرات من الأحزاب والنقابات والجامعات والمدارس والبيوت وهم يزحفون نحو مقر الرئاسة يهتفون بسقوط هذا الإعلان، ويرفضون مشروع دستور «الغريانى»؟.. وهل يرى أن كل هؤلاء الرافضين لدستوره على باطل وهو واخوانه فقط على حق؟.. وهل أدْرَكَ معنى هتاف الملايين الذين دوى صوتهم في الميادين يطالبون برحيله بعد شهور قليلة من جلوسه على عرش مصر؟ إن إصرار الدكتور مرسى على دستوره «المرفوض» هو إصرار على تحدى إرادة الشعب الذى يملك بكل تأكيد إمكانية عزله. وما اتخذه الدكتور مرسى من قرارات سابقة وتم التراجع عنها، أفقد منصب الرئيس مصداقيته وهيبته، واستمراره على إصدار قرارات ثم التراجع عنها يهينه شخصياً، ومن الأحرى أن يفكر جيداً قبل أي قرار فيمن حوله من مستشارين يوقعونه في شر أعماله، قبل أن يفكر فيما يصدره من قرارات، لأن هؤلاء المستشارين في الأصل سبب المشكلات. والخروج من الأزمة وحل المشكلة بسيط جداً رغم الأزمة.. فقط على الدكتور مرسى أنْ يُصْدِر قراراً بإرجاء الاستفتاء على الدستور، ووقف تنفيذ الإعلان «الفضيحة»، أو يتراجع هذه المرة، ولتكن آخر مرة.