قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إنه يجوز شرعًا أخذ مقابل للتنازل عن شقة بالإيجار، لأنه مقابل تنازل للمالك برضا المستأجر عن استمرار حقِّه في الانتفاع بعقد الإيجار الممتد بقوة القانون، بشرط أن لا تكون مدة الانتفاع بالعقد قد تجاوزت تسعين سنة. وأوضح "جمعة"، عبر موقع دار الإفتاء الرسمي، أن عقدُ الإيجار في الشريعة الإسلامية يجب أن يكون مؤقتًا بمدة، ولا يجوز أن يكون من غير أجلٍ محددٍ على التأبيد، فإذا نُص في العقد أنه مؤبَّد بطل، وإذا نُص فيه على مدةٍ محددةٍ يجب الالتزام بها، وإذا صدرت قوانين تمد أجله بشروط معينة فإن لولي الأمر أن يقيد المباح، وتُنزَّلُ حينئذٍ مدة العلاقة الإيجارية منزلة المدة الطويلة التي تمتد إلى خمسين سنة عند بعضهم، وإلى تسعين عند آخرين، والعلاقة بين المؤجر والمستأجر لازمة من طرف المؤجر، جائزة من طرف المستأجر. وعليه: فإن للمستأجر أن يبيع باقي المدة التي بين بدء عقده وبين التسعين سنة المذكورة لصاحب المِلك أو للغير بحسب الحال، وهذا النظر يصحح عقود الإيجار المعمول بها الآن في عصرنا، ولا يُبطِل على الناس جُلَّ عقودهم من ناحية، ولا يعارض ما ارتآه ولي الأمر لتحصيل المصالح الاقتصادية والاجتماعية لاستقرار الأمن في البلاد من ناحية أخرى، والأخير غرض شريف مطلوب في الشريعة، ومرغوب إليه فيها. وبين جمعة، أن ما يؤخذ اليوم مما يسمَّى بالفروغ أو خلو الرجل أو اليد لا مانع منه شرعًا -في تقديري- فللمالك المؤجِّر أن يأخذ من المستأجر مقدارًا مقطوعًا من المال مقابل الخلو أو الفروغ، ويُعدُّ المأخوذ جزءًا معجلًا من الأجرة المشروطة في العقد. وأما ما يدفع في المستقبل شهريًّا أو سنويًّا فهو بالإضافة إلى ما تم تعجيله يعد جزءًا آخر مكملًا من الأجرة مؤجل الوفاء، وأما ما يأخذه المستأجر من الفروغ مقابل تنازله عن اختصاصه بمنفعة العقار المأجور لشخص آخر يحل محله فهو جائزٌ أيضًا؛ إذا كانت مدة الإجارة باقية، وإلا كان غصبًا حرامًا، فقد صرح الشافعية أثناء كلامهم عن صيغة عقد البيع بما يقارب هذا المعنى فقالوا: لا يبعد اشتراط الصيغة في نقل اليد في الاختصاص -أي عند التنازل عن حيازة النجاسات لتسميد الأرض- كأن يقول: رفعت يدي عن هذا الاختصاص، ولا يبعد جواز أخذ العوض عن نقل اليد كما في النزول عن الوظائف.