قيام الليل هو: قضاء الليل أو جزء منه ولو ساعة في التقرب إلى الله -تعالى- بالصلاة، وتلاوة القرآن الكريم، والذكر، والدعاء، وفضل قيام الليل كبيرٌ جداً، فقد حث الله -تعالى- المسلم على قيامه، ورتب على ذلك الأجر والثواب، ولا يعلم مقدار هذا الأجر إِلّا الله تعالى. ودليل ذلك قوله سبحانه: {تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقيام الليل كما ذُكر لا يقتصر على الصلاة فقط، وإنما يكون بكل ما يُقرب العبد إلى الله عز وجل. بهذا بدأ الدكتور محمد فكيه امام وخطيب مسجد السيدة زينب حديثه حول فضل قيام الليل مؤكدا ان وقت قيام الليل يبدأ من نهاية صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، وأفضل وقت لقيام الليل هو الثلث الأخير؛ وذلك بسبب نزول الله -تعالى- إلى السماء الدنيا، ودليل ذلك الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له"، وهذا النزول يليق بالله تعالى، ولا يعلم كيفيته إِلّا هو سبحانه، فالمسلم يقوم بالليل مما تيسر له، سواء في أول الليل أو وسطه أو أخره، لكن الثلث الأخير هو أفضل الأوقات. وقال ان فضل قيام الليل عظيمٌ عند الله تعالى، ومن يتطلع على فضائل قيام الليل سيهجر النوم والفراش، وسيحرص على قيام الليل طوال العام، ومن هذه الفضائل: وصف الله -تعالى- من يقوم الليل بالتقوى: ودليل ذلك قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ }. فضّل الله -تعالى- من يقوم الليل على من لا يقومه: ودليل ذلك قول الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}. سبب من أسباب دخول الجنة: ودليل ذلك الحديث المروي عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، وأطْعِمُوا الطَّعامَ، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ، تدخُلوا الجنَّةَ بسَلامٍ". قيام الليل من علامات المتقين: ودليل ذلك قول الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}.[] موافقة ساعة الاستجابة إذا قام في الثلث الأخير من الليل: ودليل ذلك الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له". سبب من أسباب رحمة الله تعالى: ودليل ذلك الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "رحمَ اللَّهُ رجلًا قامَ منَ اللَّيلِ فصلَّى وأيقظَ امرأتَهُ، فإن أبت نضحَ في وجهها الماءَ، رحمَ اللَّهُ امرأةً قامت منَ اللَّيلِ وصلَّت وأيقظت زوجَها فإن أبى نضحَت في وجهِهِ الماءَ". وأوضح الدكتور محمد فكيه امام وخطيب مسجد السيدة زينب ان عدد ركعات قيام الليل غير محدد، ودليل ذلك الحديث المروي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: قَامَ رَجُلٌ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ؟ قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فأوْتِرْ بوَاحِدَةٍ"، ووجه الدلالة أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لم يضع حداً لعدد الركعات، وأما صفة الصلاة فمثنى مثنى أي: ركعتين ركعتين، ودليل ذلك الحديث السابق، ويستحب لمن أراد القيام أنّ يفتتح الصلاة بركعتين خفيفتين، ودليل ذلك الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ"، وإذا فات العبد قيام الليل لنوم أو مرض كان بإمكانه أنّ يصلي في النهار ثنتي عشرة ركعة، ودليل ذلك الحديث المروي عن عائشة رضي الله عنها، حيث قالت: "أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِن وَجَعٍ، أَوْ غيرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً"