قالت دار الإفتاء المصرية، إن التَّحَرُّش الجنسي، كل قولٍ أو فعلٍ يُعَدُّ عُرْفًا ذا طابعٍ جنسيٍّ يُنْتَهك به خصوصية الغير؛ موضحة أن التَّحَرُّشَ جريمةٌ مُحَرَّمةٌ شرعًا، وكبيرةٌ مِن الكبائر؛ لما فيه مِن الاستطالة على الحُرُمات والأَعْرَاض؛ وقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود في "سننه"، عن سعيد بن زيد رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ مِنْ أَرْبَى الرِّبَا الِاسْتِطَالَةَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ». وأوضحت الدار، عبر موقعها الرسمي، أن المُتَحَرِّش الذي أَطْلَق سهام شهوته؛ جامعٌ بين منكرين: استراق النظر، وخَرْق الخصوصية به، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ» متفق عليه. وتابعت الدار، أن هذه الفِعْلة القبيحة من شأن المنافقين الذين قال الله فيهم: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ۞ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا ۞ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 60-62]. وأكملت الدار، أن الإمام الفخر الرازي في "مفاتيح الغيب" (25/ 184، ط. دار إحياء التراث العربي): قال [الذي في قلبه مرض: الذي يؤذي المؤمن باتباع نسائه]. وبينت أن الإسلام أعلن الحرب على مَنْ يقترف هذه الجريمة، وتَوعَّد فاعليها بالعقاب الشديد في الدنيا والآخرة؛ وأوجب على أولي الأمر أن يتصدوا لمظاهرها المُشينة بكل حزمٍ وحَسْمٍ، ولذا فقد نَصَّ قانون العقوبات على تجريم هذه الفِعْلة ووضع العقاب الرادع لكل مَنْ تُسَوِّل له نفسُه التلطخَ بهذا العار. واختتم قائلًا: "في سبيل ذلك؛ فإنَّ إلصاقَ جريمة التَّحَرُّش النَّكْرَاء بقَصْر التُّهْمَة على نوع ملابس المرأة وصفته؛ تبريرٌ واهمٌ لا يَصْدُر إلَّا عن ذوي النفوس المريضة والأهواء الدنيئة؛ فحجاب المرأة المسلمة الواجب عليها هو ما يَسْتُر كامل جسدها ما عدا الوجه والكفين دون إسهابٍ في توصيفِ شَكْلِ أو نوعِ الملابس، والمُسْلِمُ في ذلك مأمورٌ بغضِّ البصر عن المحرَّمات في كل الأحوال والظروف؛ دون تسويغٍ شيطانيٍ للوقوع في المحذور المنهي عنه؛ وذلك امتثالًا لقوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: 30-31]". والله سبحانه وتعالى أعلم.