يعدّ اتّباع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بما جاء به إحدى الطرق المعينة على حبّ الله -تعالى- والتقرّب منه، واتّباع الرسول يكون في كلّ ما فعله -صلّى الله عليه وسلّم- وقاله، وقد ورد ذلك في قوله -تعالى- على لسان النبيّ -عليه السلام-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)،[2] . فاتّباع الرسول -عليه السلام- سبب عام للتقرب إلى الله -تعالى-، كما أنّ كل العبادات من شأنها أن تقرّب العبد من الله -تعالى-؛ كالصلاة، والحج، والإنفاق في سبيله وغيرها، والقيام بالفرائض بالطريقة الصحيحة يكون على رأس تلك العبادات؛ لقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي ولِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ). وقد كلّف الله -تعالى- عباده بالتوبة والرجوع إليه؛ حال ارتكابهم المعاصي؛ ليقرّبهم منه -سبحانه وتعالى-، كما كلّفهم بالاستقامة في فعل الطاعات والابتعاد عن الذنوب والمعاصي؛ ويمكن للعبد أن يتقرّب إلى الله -تعالى- بالنظر في كتب الترغيب والترهيب، والتمعّن في الآيات التي تنصّ على مصير الطائعين والعاصين في الآخرة، والآيات التي تتحدّث عن قرب الله -تعلاى- من عباده واطّلاعه عليهم، ومعاقبته لمن يخالف أمره منهم، ويحرص المسلم على الصحبة الصالحة التي تعينه على الخير والتقرّب من الله -عزّ وجلّ-، كما ويتحرّى المسلم أوقات الإجابة؛ فيدعو الله -تعالى- بالاستقامة، ولا يستسلم للشيطان حال تكرار الخطأ؛ وإنّما يستمر في التوبة، وقد وصف الله -تعالى- عباده المتّقين برجوعهم له فقال: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)،. وقد وعدهم بالقبول والغفران؛ فقال: (كَتَبَ رَبُّكُم عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُم سوءًا بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِن بَعدِهِ وَأَصلَحَ فَأَنَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ). ويعتبر كمال توحيد الله -تعالى- هو الأساس في كلّ ذلك، ويتحقق بعد الفرائض بأن يحرص المسلم على القيام بالنوافل من صلاة، وصيام، وذكر وتسبيح وكل ما فيه خير، وكل ذلك يساعد على التقرب من الله -تعالى-؛ لما ورد في الحديث القدسي الذي يرويه رسول الله عن الله -تبارك وتعالى- قال: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ)،. فالحديث يبيّن درجات التقرّب إلى الله -تعالى-؛ فالأولى هي القيام بالفرائض، والثانية هي أداء النوافل،[10] ومما يدلّ على محبة الله -تعالى- والقرب منه؛ كثرة ذكره في جميع الأحوال بالقلب واللسان؛ فكثرة الذكر تدلّ على عِظَمِ المحبّة. ويساعد التفكّر في أسماء الله الحسنى على التقرّب منه ومحبّته -تعالى-،[12] كما أنّ إيثار المسلم كل ما يحبّه الله -تعالى- على ما تحبّه نفسه وتهواه دليل على قربه من الله -تعالى-،[13] فيتمعّن المسلم فيما أحسن الله -تعالى- به إليه من النعم الظاهرة والباطنة، ويستسلم بين يديّ الله -تعالى- فيناجيه وينكسر له، ويتلو كلامه ويعظمّه،[14] ويمنع جوارحه من اقتراف المعاصي، أو الاقتراب من الشبهات التي من شأنها أن تضر بإيمانه أو تضعفه، وكل ذلك يقرّب العبد من الله -تعالى-.