يبدو أن انهيار الليرة التركية لأدنى مستويات تاريخية سجلتها البلاد خلال الشهر الماضي، وما سبقها من عمليات تراجع متسارعة بدأتها عام 2018، دفعت أنقرة لإعلان حالة الطواريء تجنبا للوصول إلى الخيار الأصعب في سوق النقد، ألا وهو التعويم. ووجدت تركيا أن بناء احتياطات كبيرة من الذهب، قد تدفع نحو استقرار العملة المحلية أمام النقد الأجنبي، وهو ما ظهر في ارتفاع احتياطات تركيا من المعدن الأصفر والذي وصل لمستويات مرتفعة غير مسبوقة خلال العام الجاري. تظهر بيانات مجلس الذهب العالمي أن إجمالي احتياطي تركيا حتى مطلع سبتمبرالجاري، بلغ نحو 602.7 طنا من الذهب، ضمن أصولها الاحتياطية، في وقت سجلت فيه البلاد تراجعات حادة في احتياطي النقد الأجنبي وخلال أغسطس الماضي، أظهرت بيانات سوق الصرف لدى البنك المركزي التركي، أن سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي، سجل تراجعا غير مسبوق وتاريخي للعملة المحلية، إلى متوسط 7.4 ليرة لكل دولار واحد، ما يعني أن البلاد على موعد مع هبوط آخر في العملة المحلية. وتواجه تركيا اليوم، واحدة من أعقد أزماتها النقدية والمالية الناتجة عن تذبذب وفرة الدولار في الأسواق المحلية، الناتجة عن ضعف الثقة بالليرة من جانب المواطنين المحليين، و تراجع مصادر النقد الأجنبي، خاصة عائدات الصادرات والسياحة. وبحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، أقدمت تركيا على شراء 190 طنا من الذهب خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري، وتحويلها إلى احتياطياتها الرسمية، لمواجهة أية تراجعات أكبر في العملة المحلية، التي لا يبدو لها أفق للاستقرار. وما يظهر حجم الأزمة التي وقعت بها تركيا، تشير بيانات مجلس الذهب واطلعت عليها العين الإخبارية، أن احتياطات تركيا من المعدن الأصفر بلغت حتى تاريخ أزمة انهيار عملتها المحلية في أغسطس 2018، نحو 258.6 طنا بدأت بعده بتحويل استثمارات وأصول إلى شراء الذهب. في أغسطس 2019، وقع خلاف دبلوماسي بين الولاياتالمتحدةوتركيا على خلفية احتجاز الأخيرة قس أمريكي بتهمة التجسس، قبل أن تفرج عنه في أكتوبر، من ذات العام، إلا أن انهيار العملة المحلية ظل متواصلا حتى اليوم. وتتحضر الليرة التركية إلى مرحلة هبوط جديدة خلال العام الجاري، عن المستوى المتدني الذي سجلته خلال وقت سابق من مايوالماضي، مع ارتفاع حدة الضغوطات الاقتصادية السلبية التي تشهدها البلاد. وأوردت النسخة التركية لصحيفة "أحوال تركية"، الشهر الماضي، تعقيبا لأكاديميين تركيين يعملان في الشأن الاقتصادي المحلي، قولهما إن العملة التركية ستواصل فقد قيمتها خلال الفترة المقبلة، مع ارتفاع معدلات التضخم، والأسعار في البلاد. ونقلت الصحيفة عن أثر قاراقاش، وغولدم آطاباي، وكلاهما أكاديميان تركيان بدرجة أستاذ، قولهما إن سعر صرف الليرة التركية لم يصل بعد إلى مستوياته الأدنى المتوقعة خلال العام الجاري، وسط توقعات بوصول سعر الصرف إلى 8 ليرات.