ملايين من المصريين سوف يقفون ضد بعضهم البعض، والله يستر علي البلد، انقسمت مصرعلي نفسها بعد أن وقفوا جميعاً يوماً ما ليس ببعيد يداً واحداً مع الثورة ومع التغيير ومن أجل مستقبل أفضل لكل مصري! كنا نحلم ونظن أن ثورة 25 يناير سوف تحرر مصر من الفقر والجهل والفساد، كنا نعتقد أن الأوان قد آن ليحصل كل مصري علي الحرية والعدالة، فلم نحصل إلا علي حزب «الحرية والعدالة»! ملايين من المصريين أعطوا أصواتهم للدكتور محمد مرسي في انتخابات رئاسة الجمهورية منهم جيوش من جماعة الإخوان المسلمين، تم تجنيدهم وتجييشهم بأوامر من الجماعة ومنهم من أعطوا أصواتهم لزيد ليس حباً في زيد، وإنما كراهية في عبيد، وهناك من أعطوا أصواتهم بحب أو بسبب شنطة أرز وزيت وسكر! وسمعنا من ينادي بإعطاء الإخوان فرصة لنري كيف سيحكمون مصر وكيف سيحققون الحرية والعدالة، لكن الأحداث المؤسفة توالت ومازالت تتوالي وكلها تقول إنه لم تحدث أي حرية أو أي عدالة! بدأ نظام الإخوان محاولات شرسة لإحكام القبضة الحديدية علي كل مفاصل ومرافق ومؤسسات مصر، حاولوا ولا يزالون السيطرة علي الإعلام وعلي مجلسي الشعب والشوري، حاولوا ولا يزالون وضع رجالهم وأنصارهم في كل مكان، وظهر مصطلح «أخونة الدولة» ولم نكن قد سمعنا أبداً عنه من قبل. الفتنة التي حدثت وتهدد مصر أن الإخوان ظنوا أنهم وحدهم شعب مصر، وأرادوا فرض أفكارهم وإرادتهم علي ملايين المصريين من غير الإخوان، وهي فكرة غبية ومستحيلة التحقيق، لأن الإخوان عمرهم ثمانين سنة، والمصريون عمرهم يرجع إلي آلاف السنوات، والإخوان ليسوا الإسلام لأن الإسلام أقدم منهم بكثير. وكثير من المصريين بعد انتخابات الرئاسة تقبلوا فكرة وجود الإخوان وإمكانية التعامل معهم كحزب حاكم، لكن أعداد الإخوان الحقيقيين لم يكونوا من خارجهم بل من داخل الجماعة نفسها. لم يشعر المواطن المصري بالتعاطف أوالحب مع اللحية، التي ظهرت في الحكومة وفي الجرائد وعلي شاشات التليفزيون بدأ القلق والخوف يتسربان إلي نفوس الناس، من كلام وتصرفات الإخوان ومحاولاتهم المستميتة لعمل دستور مصر بأفكارهم ومعتقداتهم، ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير، بالإعلان الدستوري الذي أعلنه رئيس الجمهورية، وأعطي فيه لنفسه حصانة ليست إلا للأنبياء، وتجعله فوق القانون ولا يمكن محاسبة أقواله أو أفعاله! وسوف تكون جريمة كبيرة إذا حدث تصادم بين الرافضين والمؤيدين في تظاهرات اليوم وإذا سالت دماء أي مصري، إخوانياً كان أم غير إخواني، فسوف تكون هذه الدماء في رقبة رئيس الجمهورية، ومرشد جماعة الإخوان وآخرين معهم أيضاً. شعب مصر لا يستحق أن يصل إلي هذا الحال البائس، ولو انفجرت الأحداث اليوم وتقاتل المصريون ضد بعضهم البعض، سوف يروح منهم ضحايا قد يموت البعض ويصاب البعض. لكن القيادات والمحرضين.. سوف يكونون في أمان.. وتمام التمام! ربنا يأخذهم جميعاً.