ما أشبه الليلة بالبارحة، التليفزيون المصرى وإعلامه المضلل مازال يتعامل بأسلوب عاش الملك مات الملك، إنه للأسف يضع السم في العسل ويضلل الرأي العام بتركيزه الفج علي تأييد الأجندة المرشدية الإخوانية التي يصدرها الرئيس مرسي بين الحين والآخر، إننا أمام انحدار إعلامي يقوده وزير إخواني لا يعرف أبسط قواعد الإعلام بعرض وجهتي النظر، إنه وزير للإخوان وكل تجربة إعلامية معه تؤكد أنه يتعامل مع التليفزيون المصرى علي أنه عزبة إخوانية أورثها المرشد وأعوانه إلى هؤلاء الإعلاميين. ولا أعرف إلى متى سيظل ممارساً لدور السمع والطاعة لكل من يسيطر علي جهازه كالوزير الذي ينفذ قرار من أجلسه على الكرسى، بداية من صفوت الشريف وأنس الفقي مؤيدى مبارك، وأخيراً المأساة الكبرى مع الوزير الإخواني صلاح عبدالمقصود. إننا ليلة الإعلان الدستوري شاهدنا مجموعة من المذيعين لا يخرجون عن كونهم أبواقا للسلطة يتصلون فقط بكل مؤيدي الرئيس مرسي وكأن تليفونات ماسبيرو أصيبت بعمي الألوان ولا تعرف إلا اللون الإخواني وأستثنى من هذا اللقاء الذي قدمه جمال الشاعر واستضاف فيه المؤيدين والرافضين للديكتاتورية المرسوية. وكان الموقف سجالا بين الطرفين، خاصة أن الكاتب المناضل عبدالحليم قنديل استطاع إيقاف الداعية الإخواني صفوت حجازي، ولكن للأسف أن التليفزيون المصري ركز بشكل فج على نقل وجهة النظر الإخوانية في الشارع وكأن الإعلام المصرى يعمل خادماً للأجندة الإخوانية وليس للشعب المصرى، إننا دافعو الضرائب أصحاب هذا الجهاز الذي يعد سبة في تاريخ الإعلام بوزرائه. ولا أعرف كيف يتحمل هؤلاء وزر ما يفعل مرسي بإعلانه الذي قارب فيه ما فعله بنا الاحتلال الأجنبي الذي للأسف وياللعار لم يجردنا من سيادة القانون مثلما فعل الدكتور محمد مرسى بإعلانه الدستوري الجديد الذي أصبح به سوبر مان ورجلاً فوق القانون وليس رئيساً لكل المصريين ولكن رئيس لجماعة الإخوان المسلمين، لماذا لم يتحدث الإعلام المصري عما فعله الرئيس مرسي بتأليه نفسه وغلق جميع الأبواب أمام الشعب المصري، خاصة القضاء، ولماذا لم يركز علي قانون (حوريني يا طيطة) الذي أعلنه المتحدث الرسمي باسم الرئاسة بأن الجمعية الحالية هي جمعية شرعية رغم أن أساس التشريع المشاركة بالرأى من جميع أطياف الشعب، ولكن الطريف كما هو المعتاد من الإخوان بعدم التركيز علي نقطة السم التي وضعوها في العسل ويتحدثون فقط علي نقطة إعادة المحاكمات في قضايا الشهداء ورموز النظام السابق، رغم أن تلك النقطة وبالأسلوب الإخواني تذكرني بمشهد النهاية في فيلم قصة مدينتين المأخوذ عن رواية تشارلز ديكينز وتلك السيدة التي تساق إلي المقصلة وآخرين من الأبرياء بينما سيدة من عامة الشعب تشغل تريكو وهي تشاهد منتشية حالات الإعدام والشعب يهلل لمزيد من الدماء دون أن يعرف القاتل من الأبرياء! إن طغيان الرئيس محمد مرسي فاق طغيان كل من حكم مصر بداية من الحاكم بأمر الله وانتهاءً بمبارك. وما يقدمه الإعلام الحكومي يعد التفافاً لإعادة حكم الشخص الواحد وسقوط الدولة المصرية وتأييدا لجماعة الإخوان غير الشرعية ومساندة إلغاء شرعية المؤسسات الشرعية. والغريب أن هذا الإعلام لم يحرك ساكناً لهذا التخبط الرئاسى الذي بدا واضحاً بإعلان الدكتور ياسر على في المادة الثانية من الإعلان الدستوري: «الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو 2012 وحتي نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد، تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة، كما لا يجوز التعرض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء وتنقضى جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أي جهة قضائية». ثم عاد الدكتور ياسر على بعد انتهاء تلاوة الإعلان الدستوري عبر الفضائيات والتصريحات الخاصة ليؤكد أن النص السابق لا يعيد البرلمان المُنحل، وبالطبع التليفزيون المصري في سبات عميق ولا يفيق إلا لنصب السيرك الإخواني.. ولا عزاء لمصر وثورتها. وكلنا فداء للمرشد وجماعته.