إنّ للكعبة المشرفة في وضعها الذي هي عليه أربعة أركانٍ، وهي: الركن الغربي، والركن الشمالي، والركن اليماني، وركن الحجر الأسود الذي يعدّ في الحقيقة حجرٌ نزل من الجنة، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (نزلَ الحجرُ الأسوَدُ من الجنةِ، وهُوَ أشَدُّ بياضاً من اللبَنِ، فسَوَّدَتْهُ خَطايا بنِي آدَمَ)،[4]. وقد شُرع في الإسلام تقبيل الحجر الأسود، واستلامه، وأخبر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن فضل ذلك؛ فالحجر الأسود سيُبعث يوم القيامة مبصراً ناطقاً، فيشهد على من استلمه بحقّ، ودليل ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (واللهِ ليبعثنَّه اللهُ يومَ القيامةِ، له عينانِ يبصرُ بهما، ولسانٌ ينطقُ به، يشهدُ علَى مَنْ استلمَه بحقٍّ)،[5] وجاء أيضاً في فضل استلامه والمسح عليه، بأنّ ذلك يحطّ الخطايا عن الإنسان، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ مسحَ الحجرِ الأسودِ، و الركنَ اليمانيِّ، يَحُطَّانِ الخطايا حطّاً). ويظهر ممّا ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّ تقبيل الحجر الأسود واستلامه، والإشارة إليه، والتكبير سنةٌ نبويةٌ، فإذا شقّ ذلك على العبد وصعُب عليه؛ فلا حرج عليه بتركها، والسنة في ذلك أن يفعله المسلم أثناء الطواف بالكعبة المشرفة، وبين الطواف والسعي بين الصفا والمروة، إمّا إن كان ذلك يسبّب الأذى للناس، ويؤدي إلى مزاحمة المسلمين بعضهم بعضاً؛ فلا يكون ذلك مشروعاً حينها، بل يكون ترك ذلك أولى، خاصةً في حقّ النساء؛ وذلك لأنّ استلام الحجر الأسود وتقبيله سنةٌ، أمّا إيذاء الناس ففعلٌ محرّمٌ، فلا يرتكب الإنسان الفعل المحرّم والفعل المسنون في آنٍ واحدٍ.