قال إبراهيم البيومي، إمام وخطيب مسجد السيدة زينب، إن الأعمال الصالحة في هذه الأيام كثيرة ومن أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد الي الله في العشر الأوائل من ذي الحجة الاضحية سنة الخليل ابراهيم عليه السلام وشعيرة من شعائر الله التقرُّب إلى الله -تعالى- بها من أعظم العبادات والطاعات، وأجلّها. وتابع البيومي: " ان الله سبحانه وتعالى قال :(ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)،[4] كما أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حرص على الأُضحية، وحثّ عليها المسلمين، أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فإنَّما يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، ومَن ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ). تُعرَّف الأُضحية بأنّها: ما يُذبَح تقرُّباً لله -تعالى- في أيام النَّحر، بشروطٍ وأحكامٍ مخصوصةٍ، وقد شُرِعت في السنة الثانية للهجرة، وثبتت مشروعيّتها في القرآن الكريم بِقَوْل الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، كما ثبتت في السنّة النبويّة؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (ضَحَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بكَبْشينِ أمْلَحَيْنِ أقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُما بيَدِهِ، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَهُ علَى صِفَاحِهِمَا)،إضافة إلى أنّ عدداً من العلماء نقلوا الإجماع على مشروعيّتها، كابن قدامة، وابن المنذر، وابن عبدالبرّ، وشُرِعت الأُضحية؛ إحياءً لسُنّة نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-؛ حين أمرَه الله بذَبح ابنه، فامتثلا لأمر الله -تعالى-، ففداه الله -تعالى- بِذبحٍ عظيمٍ، كما أنّ في الأُضحية شُكراً لله -تعالى- على ما أمَدّ عباده به من النِّعَم. وفي التقرب الي الله تعالي بالأضحية من الفوائد والحكم ما لا يحصي ذكر العلماء منها : أولًا: إحياء سنة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، حينما رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل، ورؤيا الأنبياء حق وصدق؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات ثانيًا: ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت، وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء، والتصدق على الفقراء، وقد مضت السنَّة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى؛ فقد ثبت في الحديث عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من ذبح قبل الصلاة، فليُعِدْ))، فقال رجل: هذا يوم يشتهى فيه اللحم، وذكر هَنَةً من جيرانه - أي لمس حاجة من جيرانه للحم- فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عذره، وقال الرجل: عندي جذعة - أي صغيرة السن - خير من شاتين، فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم في ذبحها، وأخبره أنها لا تَجزي عن أحد بعده ثالثًا: شكرًا لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة: فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تعد ولا تحصى؛ كنعمة البقاء من عام لعام، ونعمة الإيمان، ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، فيتقرَّب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية؛ امتثالًا لأمر الله سبحانه وتعالى حيث قال جل جلاله: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر ومن فضائل الأضحية: الصدقة على فقراء المسلمين؛ روى أحمد والشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن تصدق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه، حتى تكون مثل الجبل)) ومن فضائل الأضحية: صلة الأرحام؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن سرَّه أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصِلْ رحمه)) ومن فضائل الأضحية: التوسعة على الأهل والأولاد؛ روى مسلمٌ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أعطيته مسكينًا، ودينارٌ أعطيته في رقبةٍ، ودينارٌ أعطيته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته على أهلك، قال: الدينار الذي أنفقته على أهلك أعظم أجرًا)) ومن فضائل الأضحية: إدخال السرور الناس ، ولا يزال إدخال السرور على المسلمين وتقديم الفضل لهم دأب الصالحين، كما قيل لابن المنكدر - رحمه الله -: أي العمل أحب إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن، قال: فما بقي مما يستلذ؟ قال: الإفضال على الإخوان وكيف لا؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما روى الطبراني في الأوسط عن عمر رضي الله عنه -: ((أفضل الأعمال: إدخال السرور على المؤمن؛ كسَوْتَ عورته، أو أشبعت جوعته، أو قضيت له حاجةً)) ومن فضائل الأضحية: الاقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، وقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما مر بنا في غير حديث، والله تعالى يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. ومن فضائل الأضحية: تنفيذ أمر الله؛ في قوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]. ومما يطلب من المضحي الذي نوي الأضحية عدم أخذ شيء من شعره أو أو ظفره فقد ثبت في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشَره شيئًا))]. وفي رواية: ((مَن كان له ذبح يذبحه، فإذا أهَلَّ هلال ذي الحجة، فلا يأخذ من شعره وأظفاره شيئًا حتى يضحي))