أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن فرص حل أزمة سد النهضة لا تزال متاحة قبل أن تنزلق الأمور إلى مرحلة يصعب معها العودة للتفاوض مرة أخرى. وقال نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية - في مقال له بعنوان "رسائل إلى إثيوبيا حول أزمة السدّ وفرص الحلّ" نشره المركز اليوم - "إذا كانت إثيوبيا تعتقد بأنه لا مجال أمام كل من مصر والسودان سوى القبول بسياسة الأمر الواقع في قضية سد النهضة، والتسليم المطلق بكافة المطالب الإثيوبية فهو اعتقاد خاطئ تمامًا". وأضاف اللواء محمد إبراهيم في مقاله: "لقد أصبح من الواضح أن المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا التي تم استئنافها مؤخرًا حول أزمة السد، بناء على مقترح من دولة السودان الشقيق، واستمرت خلال الفترة من التاسع حتى السابع عشر من يونيو الجاري؛ قد وصلت إلى طريق مسدود. وبالرغم من ذلك، ليس من المستبعد أن يتم استئناف العملية التفاوضية في أي وقت، خاصة في ظل وجود العديد من الوسطاء (الولاياتالمتحدة، البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي، جنوب إفريقيا، مجلس الأمن). وأعتقد أن أيًّا من هذه الأطراف سيحاول أن يتحرك خلال المرحلة القادمة من أجل التوصل إلى اتفاق لا يزال في متناول اليد حتى الآن. وتابع: "أحاول في هذا المقال الابتعاد عن الخوض في النتائج التفصيلية الفنية للمفاوضات التي أصبحت واضحة للجميع. كما سأتجنب الحديث عن السياسة والجغرافيا والتاريخ من أجل أن أركز على توجيه مجموعة من الرسائل المتنوعة إلى المسئولين الإثيوبيين وإلى الشعب الإثيوبي. وسوف أستند في هذه الرسائل إلى عنصرين؛ أولهما: مجمل السياسات المصرية، سواء تجاه إثيوبيا أو تجاه المفاوضات. وثانيهما: كافة المواقف التي سبق وأن وافقت أو تعهدت بها إثيوبيا خلال المراحل السابقة، ومدى التزامها بذلك من عدمه. ثم أتوجه في النهاية بثمانية أسئلة أرى أن هناك ضرورة لتوجيهها للمسئولين الإثيوبيين في هذا التوقيت. واستطرد إبراهيم قائلا: "في البداية، أطالب المسئولين الإثيوبيين بأن يتوقفوا كثيرًا للتعمق في أهم محدّدات السياسة المصرية المعلنة منذ بداية الأزمة وحتى الآن، والتي لم تتغير في أية مرحلة من المراحل لأنها نابعة من قناعات كاملة". واستعرض اللواء محمد إبراهيم - في مقاله - تلك المحددات، مؤكدا أن مصر لم تُعارِض مطلقًا السياسة الإثيوبية في دعم التنمية الاقتصادية وبناء السد وتوليد الطاقة بشرط عدم الإضرار بالمصالح المائية المصرية. وأشار إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي توجّه بنفسه إلى البرلمان الإثيوبي وألقى خطابًا تاريخيًّا في 25 مارس 2015، أي بعد يومين من توقيع إعلان المبادئ، حيث ركز - خلال الخطاب - على مبدأ التعاون والتفاهم المشترك، مؤكدًا أن الفرصة سانحة حتى يسجل التاريخ أن أحدًا لم يقصر من أجل ضمان حقوق الشعبين المصري والإثيوبي وبناء الركائز لمستقبل أفضل للأبناء والأحفاد (وهنا من واجبي أن أطالب القادة الإثيوبيين بإعادة قراءة هذا الخطاب مرة أخرى بتمهل، والوقوف على محتواه وتفهم الرسائل الإيجابية التي تضمنها). وأوضح أن مصر لم ترفض في أي وقت أن تسلك طريق التفاوض من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة رغم كافة العقبات التي شهدتها المفاوضات والتي كانت كفيلة بأن تقضي على العملية التفاوضية في أي وقت. ونوه بأن مصر لم تلجأ إلى طلب الوساطة الدولية من فراغ أو بدون مبررات قوية، بل اضطرت للجوء لهذه الوساطة والمطالبة بها من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2109، أي بعد أن استغرق التفاوض ثماني سنوات متواصلة دون نتائج. ولفت إلى أن مصر لم تتحدث طوال الوقت إلا عن حلول سياسية لأزمة السد من منطلق القناعة الكاملة لدى القيادة السياسية بأن المسار السياسي هو المسار الأنسب للحل.. ولا يجب أن تنسى إثيوبيا أن الرئيس السيسي عندما تولّى رئاسة الاتحاد الإفريقي كان اهتمامه الأساسي هو إرساء مبدأ إنهاء الصراعات الإفريقية بالطرق السلمية، وجذب الاستثمارات العالمية من أجل تنمية القارة الإفريقية. وقال اللواء محمد إبراهيم إن مصر تجاوبت مع العديد من المطالب الإثيوبية خلال العملية التفاوضية من منطلق واحد فقط هو حرصها الشديد على إنجاح المفاوضات (القبول بالتفاوض على مبدأ تقليل الآثار الضارة للسد.