100 مليار جنية خسائر مصر بسبب كورونا .. والقادم «أفضل» إجراءات وقائية لعودة الأعمال لطبيعتها لتفادى الإصابة بكورونا قروض تشغيلية ل3 سنوات وإعفاء من دفع الفواتير لمدة 6 أشهر وتشديد الرقابة.. مطالب عاجلة لم يكن «إسماعيل» عامل اليومية بإحدى الشركات الخاصة، أسعد حظاً من أمثاله، فأكثر من 1.5 مليون عامل، تضرروا بعد توقف أعمالهم فى المصانع والشركات والمولات التجارية والمطاعم السياحية، وفقدوا وظائفهم ومصدر رزقهم، بسبب تداعيات كورونا . ولأن العمل والعمال هما أساس احداث التنمية، وهما الركيزة الأساسية لدفع عجلة الإنتاج والتقدم، خرجت مطالب «لاحتواء» أزمة كورونا، تحت شعار «الإبقاء على عجلة الإنتاج»، وذلك على الرغم من تصاعد أعداد حالات الإصابة بفيروس كورونا، إلا أن الشلل الذى أحدثه الفيروس فى مختلف القطاعات التجارية والسياحية، دفع الدولة بكافة أجهزتها ووزارتها للتفكير فى عودة الحياة لطبيعتها، وفق ضوابط مشددة تضمن الحفاظ على سلامة وصحة الجميع، وذلك فى ظل خطة التعايش التى تعتمدها الدولة. وكان نواب البرلمان من ضمن الذين طالبوا بعودة الحياة الاقتصادية مرة أخرى، وإعادة تشغيل بعض القطاعات بنسبة 25٪ مع زيادة طاقتها تدريجياً، وإن كان ذلك ضمن ضوابط وإجراءات معينة، من شأنها مسايرة الإجراءات الاحترازية والوقائية لمجابهة فيروس كورونا، وتحت إشراف الدولة، على أن تتم مضاعفة العقوبات لمن يخالف تلك الاشتراطات، إضافة إلى تأخير حظر التجول ليبدأ من الساعة العاشرة مساءً، بدلاً من الثامنة مساءً. كما طالب مسئولو الغرف التجارية بتوفير قروض تشغيلية لمدة 3 سنوات، وأول قسط يبدأ بعد 6 أشهر من استلام القرض، وإعفاء كل القطاعات من دفع الفواتير الخاصة بالخدمات من الكهرباء والغاز والمياه والتأمينات الاجتماعية لمدة 3 أشهر، لتخفيف الأعباء عن أصحاب تلك النشاطات الإنتاجية والتجارية والسياحية. التفاقم السريع لجائحة كورونا وما يعانيه الاقتصاد حالياً من خسائر توقف الإنتاج تتخطى 100 مليار دولار -«حسب البيانات الرسمية»- تلك أزمة كبرى تقوده إلى حالة من الركود الكامل، خاصة بعد كل ما مر بتلك القطاعات التجارية والسياحية من أزمات اقتصادية متتالية على مدار الشهور الماضية، لكنها لا تزال تحرص على تحمل المسئولية جنباً إلى جنب مع الدولة لعبور تلك الأزمة، وتؤكد عزمها الاحتفاظ بالعمالة وسداد كافة الالتزامات تجاههم لأطول مدة ممكنة، فى مقابل استعداد العاملين التام إذ اقتضت الضرورة تحمل تبعات تخفيض المرتبات للخروج من تلك الأزمة بأقل خسائر ممكنة. وإحدى خطوات المواجهة للقضاء على شبح البطالة هى إعادة تشغيل الأنشطة التجارية والسياحية - حسبما طالب خبراء الاقتصاد والأزمات ورجال البرلمان، مؤكدين أنه قرار صائب، للمحافظة على مصالح التجار والصناعة الوطنية، وبما يحقق التوازن بين دعم العمالة المتضررة بالعودة إلى أعمالهم ودعم الاقتصاد القومى باستمرار عجلة الإنتاج. إسماعيل محمد، «40 عاماً»، «صاحب مشروع خزف وفخار هاند ميد»، قال: ما نريده هو سير العمل دون توقف أو تعطيل لمصالح المواطنين، فأنا مسئول منى 5 أفراد، والدنيا كلها واقفة، وبالتالى فإن توفير قروض ميسرة تسدد على 3 سنوات، وأن يكون سداد القسط الأول بعد 6 أشهر، هو أمر جيد، فى ظل الظروف الصعبة التى نعيشها الآن، وأتمنى تحقيق هذه المطالب رحمة بالأيدى العاملة المتضررة. وأكد عبدالله خالد، «23 عاماً»، أن الحكومة عملت بجدية فى مواجهة كورونا، حيث شددت على اتخاذ إجراءات صارمة لمنع إنتشار الفيروس، والمحافظة على صحة المواطنين وتجتهد فى توقيع الغرامات على المخالفين، ولكننا فى النهاية تضررنا بعد غلق لقمة عيشنا، ونطالب بعودة التشغيل من خلال التعايش مع الأزمة بإجراءات الوقاية والتعقيم، أما عن منحة الرئيس فكانت مهمة وفى وقتها، فهى «نواية تسند الحياة الصعبة». «الإبقاء على عجلة الإنتاج»، هذا ما بدأ به عبد المنعم صقر، «33 عاماً». مؤكداً أن الحياة أصبحت أصعب بلا عمل أو مصدر دخل ثابت، وأرجو النظر إلى أزمتنا المعيشية، والعمل على حلها سريعاً حماية لأسرنا من الجوع والتشرد . أما بالنسبة ل«أحمد»، «العامل بشركة أغذية فرع مدينة نصر»، فكانت أموره مستقرة قبل كورونا، فلم يعرف صاحب 37 عاماً، كيف يدبر مصروفات أسرته بعد إغلاق شركته، وكان يحصل من عمله على دخل شهرى يصل إلى 3 آلاف جنيه، ويقول: نأمل فى عودة العمل فى الشركات والمصانع الإنتاجية والأخذ بالاحتياطات الوقائية وبالكمامات والقفازات لنبنى المستقبل، بدلاً من الاقتراض من هنا وهناك. على صعيد آخر، تقدم النائب سمير البطيخى، عضو مجلس النواب، بطلب لرئيس مجلس الوزراء بشأن إعادة فتح الكافيهات والمقاهى بنسبة تشغيل 25٪، بعد أن عاد العمل مرة أخرى فى بعض المناطق بنفس النسبة تقريباً، على أن يكون ذلك باشتراطات من شأنها التزام هذه المقاهى والكافيهات بالإجراءات الاحترازية والوقائية ضد فيروس كورونا، بحيث يكون هناك أدوات تعقيم تستخدم ومسافات أمان وغيرها من الإجراءات التى أعلنت عنها وزارة الصحة، إضافة إلى فتح المطاعم أيضاً بنسبة 25٪، مع مد ساعات الحظر ليبدأ من 10 مساءً بدلاً من 9 مساءً إلى 6 صباحاً. مؤكداً أن إعادة فتح الكافيهات والمقاهى لن يكون له ضرر، خاصة إذا ما تم ذلك تحت إشراف الأحياء والشرطة السياحية، التى تتابع مدى التزامها بتلك الإجراءات الوقائية ضد الفيروس، على أن تتم معاقبة المخالفين لتلك الإجراءات بإغلاق الكافيه أو المقهى لمدة معينة. أما الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادى، فقال إنه لا بد من الاستفادة من محنة كورونا فى التخلص من كل سلبيات وأخطاء الماضى. وأوضح «الخبير الاقتصادى»: أرحب بعودة العمل تدريجياً للأنشطة التجارية مثل المطاعم والكافيهات والمولات التجارية أو السياحية، ولكن وفق ضوابط رقابية ومواصفات صحية، تضمن صحة وسلامة الجميع. ونوه «الخبير الاقتصادى» بضرورة التنبيه على الموظفين إلى الالتزام باستخدام معدات الوقاية الشخصية «كمامات الوجه، معقم اليدين»، والحرص على التباعد الاجتماعى عبر ترك مسافة لا تقل عن مترين بين الأشخاص، وتوفير نقاط دخول وخروج منفصلة للحفاظ على التباعد بين الموظفين إن أمكن، خاصة أن الإنسان هو محور التنمية وهدفها الأساسى . مضيفاً أن نسبة التشغيل والتباعد تحدد على أساس المساحة والوقت، ووضع ملصقات على واجهة المتاجر توضح عدد الزوار المسموح لهم التواجد فى المتاجر والمحلات الكبرى، مع استمرار الأعمال، وفق أعلى المعايير الصحية، من خلال التعقيم المستمر على مدى 24 ساعة، وإلزام المواطن بارتداء كمامات وقفازات، وتقليل الطاقة الاستيعابية للمصاعد بحيث لا تتخطى نسبة 30٪، وأيضاً تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية للحد من تفشى المرض. وحذر «الخبير الاقتصادى» من فتح ورش جديدة مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة ذات أنشطة خطرة بالمناطق السكنية، مطالباً بتحديد ساعات العمل للورش الحرفية الموجودة حالياً لينتهى عملها فى الخامسة مساءً أسوة بالعديد من دول العالم، مع استكمال مراحل نقلها إلى المدن الصناعية. وشدد الدمرداش على ضرورة وجود رقابة دورية صارمة على عربات الطعام المتنقلة للتأكد من النظافة العامة حولها وداخلها وأن تكون مجهزة أساساً لغرض تقديم الطعام وتوافر الاشتراطات والمواصفات الفنية والصحية ذات الصلة بسلامة الغذاء، مع وجود الشهادات الصحية لكافة المشتغلين، ووجود حاويات لجمع نفاياتها، وعدم إصدار الوحدات المرخصة لأى مشروعات تسبب ضوضاء للمواطنين المحيطين بالمنطقة الموجودة بها. فيما أوضح الدكتور صلاح الدين الدسوقى، رئيس المركز العربى للإدارة والتنمية أن إعادة فتح الأنشطة التجارية والسياحية، مرهون بأمرين هما تطبيق الضوابط الصحية وإجراءات السلامة والنظافة الشخصية للوقاية من الأمراض والأوبئة، وتطبيق القوانين الملزمة ضد المخالفين. وأكد: أنه قرار «صائب»، يتطلب المزيد من الدراسات الكفيلة بالمحافظة على مصالح التجار والصناعة الوطنية، وبما يحقق التوازن بين دعم العمالة المتضررة بالعودة إلى أعمالهم ودعم الاقتصاد القومى باستمرار عجلة الإنتاج. مشيراً إلى أن الخسائر الاقتصادية من توقف الإنتاج تتخطى الآن ال100 مليار دولار، بسبب تداعيات كورونا. وأوضح : أن القطاع غير الرسمى هو منظومة جيدة للتوزيع، لكن غير مستغلة، وطالب بضرورة تنسيق الجهود والتعاون بين وزارة القوى العاملة والمؤسسات المهنية العاملة فى مجال تنمية المجتمع كشريك فعلى إلى جانب الدولة، للارتقاء بقطاع العمالة غير الرسمية، والتعرف على النشاطات التى تمارسها فى سياق مشاريع التنمية، عن طريق إيجاد فرص عمل قصيرة الأجل، ونشر المعرفة، وتعبئة جهود الأفراد لمزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بما يعمق مفهوم التضامن الاجتماعى، ويدر دخلاً إضافياً للاقتصاد المصرى. أما النائب محمد عطا سليم، عضو اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب، فطالب رئيس الوزراء بضرورة فتح كافة الشركات والمصانع والخدمات، والاكتفاء بالتعقيم للعاملين بها، إنقاذاً للطاقات المتعطلة، ولكى تعود الحياة تدريجياً إلى العمل بالمؤسسات والمنشآت التجارية، موضحاً أن العودة للعمل تتطلب من كل مواطن اتباع إجراءات السلامة العامة، سواء بالتعقيم المستمر وعدم تجاهل أى طرق صحية تشكل عامل حماية، وذلك لكيلا ينتشر المرض المعروف بأنه شديد العدوى، ولا نعود للوراء، خاصة أن عدداً كبيراً من النواب والوزراء والشخصيات العامة فى دول أوروبا وأمريكا تمت إصابتهم عندما خالطوا مصابين بكورونا، ومع هذا لم يتم غلق أماكن عملهم . مؤكداً ضرورة الالتزام بالإرشادات الصحية والوقائية، من ارتداء الكمامات والقفازات، ووجود مسافات تباعد بين العاملين، وعدم الزحام فى المكان الواحد، بما يضمن سلامة وصحة الجميع . وقال: «نضطر للتعايش مع الفيروس خلال المرحلة المقبلة، فى ضوء اتباع كافة الإجراءات الصحية اللازمة بصورة دقيقة وحاسمة». لافتاً إلى أن أهمية تطبيق مختلف الإجراءات الاحترازية والوقائية فى جميع المؤسسات بكل حزم، ومد ساعات الحظر ليبدأ من 10 مساءً إلى 6 صباحاً. مضيفاً أننا نأمل فى عودة العمل فى كافة المؤسسات التجارية والسياحية، والاطمئنان على تطبيق مختلف الإجراءات الاحترازية والوقائية المتخذة، التى تستهدف ضمان سلامة وصحة المواطنين، وعدم انتشار الفيروس، وذلك وفقاً لإرشادات منظمة الصحة العالمية فى هذا الأمر، حتى لا تتوقف الحياة، فضلاً عن التعامل مع تداعيات أزمة فيروس «كورونا»، وما سببه من تأثيرات سلبية على قطاعات هامة مثل الطيران والسياحة والآثار، والتى تمثل ركائز أساسية للاقتصاد القومى المصرى. الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، يرى أهمية إعادة النظر فى مثل هذه الأنشطة والخدمات لضمان بقائها واستمرارها، مع وضع ضوابط دقيقة وعقوبات رادعة لمن تسول له نفسه مخالفة الضوابط الصحية. وأكد «أستاذ علم الاجتماع» أهمية أن تبنى الدولة رؤية واضحة المعالم، بدءاً من توفير قروض ميسرة لمدة 3 سنوات لأصحاب المشاريع والمصانع والشركات المتوقفة، وأول قسط يبدأ بعد 6 أشهر من استلام القرض، لكى تستطيع مواصلة أعمالها، ودفع الايجارات وأجور العمالة وغيرها من التكاليف الثابتة، وإعفاء كل القطاعات من دفع الفواتير الخاصة بالخدمات من الكهرباء والغاز والمياه والتأمينات الاجتماعية لمدة 6 أشهر، لتخفيف الأعباء عن أصحاب تلك النشاطات الإنتاجية والتجارية والسياحية، وتنمية مهارات الشباب وحسن الإستفادة منها، وتطوير منظومة الخدمات الاجتماعية لتكون أكثر كفاءة وتمكينا وعدالة، وتطوير الجودة والاعتماد المهنى التقنى للارتقاء بمستوى الأداء والإنتاجية. لافتاً إلى أن هناك الكثير من الأنشطة تعمل فى أماكن يتم تأجيرها، مثل الفنادق والمقاهى والكافيهات والمطاعم والحضانات والمنشآت السياحية، وبسبب الظروف الحالية والإغلاق تكبدوا خسائر أكثر كثيراً من إمكانياتهم وقدرتهم المادية. موضحاً أن حوالى 70٪ من شعب مصر يعانون من انخفاض فى الدخول أو الرواتب، كما أن عدداً كبيراً من الفئات الأولى بالرعاية خاصة الشباب والمرأة المعيلة والأشد احتياجاً كانوا يعملون أكثر من وردية عمل، وبالتالى تأثرت دخولهم المالية فى ظل تدنى مستوى معيشتهم، خاصة أن هذه الأنشطة مصدر رزق لمئات الآلاف من الأسر، الذين أصبحوا بلا أى دخل منذ شهور مضت، والكثير منهم لم يحصلوا على أى دعم أو مساعدات من الدولة، لهذا نطالب الدولة بعودة الأنشطة التجارية، حتى لا يزداد طابور العاطلين والبلطجية داخل المجتمع، وزيادة معدلات الجريمة، وهنا تكون الكارثة الكبرى لأنهم سيلجأون إلى تعويض ما فقدوه من دخول مالية شرعية بمصادر دخل أخرى، سواء كانت غير شرعية أو مجرمة قانونياً ومجتمعياً كالسرقة بالإكراه والنصب.