إن صلة الرحم ليست نافلة فى حياة المسلم، بل هى فرض لازم، أوجبه الله عز وجل على اختلاف درجات حقوق الأرحام باختلاف درجات قرابتهم واختلاف أحوالهم. وصلة الرحم تبارك العمر وتزكيه، أما قطيعة الرحم فتلطخ حياة الإنسان وتصيبه بالعار وتصب عليه سخط الجبار وتهوى بصاحبها فى قاع النار. قال تعالى : فهل عسيتم إن توليتهم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فصمهم وأعمى أبصارهم (محمد 22 - 23) فقد جمع الله لقاطع الرحم عقوبات ثلاث سديدة ألا وهى: لعنهم الله ثم أصمهم ثم أعمى أبصارهم. إن معصية قطع صلة الأرحام لم يأذن بها الله شرعًا، مثلها مثل غيرها من المعاصى التى يرتكبها بنو الإنسان، بل إن صاحبها يحرم من رحمة الله، لأنه حرم رحمته من أوجب الله عليه أن يرحمهم من ذوى رحمه، ويقطعه الله لأنه قطع الرحم التى حرّم الله عليه أن يقطعها وأوجب عليه أن يصلها. إن هذه المعصية سبب فى أن يُحرم صاحبها الهدى والاستضاءة بالحق، ويحرم نعمة إصابة الحق ومعرفته واتباعه، وهذا يبين لنا خطورة هذه المعصية. وهذا كله يؤكد أن صلة الرحم ليست حقًا للموصول فقط، بل هى حق للواصل أيضًا كما أنها حق واجب عليه، لأنه متضرر إن لم يفعل،ومنتفع إن فعل. وصلة الارحام لله طاعة لا تتجزأ فيمن يقدر صلة الرحم لله حق قدرها، والصلة أنواع قد تكون بالمال أو الجاه أو النصيحة أو الرأى والمشورة والزيارة والدعاء والشكر، وصلة الرحم ليست عملاً يعمله الإنسان مكافأة أو ينتظر جزاءه، كلا بل هى عمل لله يبذله لكل من يستحقه شرعًا.