بقلم صادق وعقل متزن وقلب شغوف، يسطر المؤلف باهر دويدار ملحمة وطنية، تؤجج المشاعر وتصحح معلومات مغلوطة لدى العديد من الشباب، من خلال بطل من شهداء الواجب، فقرر التعبير عن حبه لوطنه من خلال البطل الشهيد العقيد أركان حرب أحمد صابر منسى، الذى تعمق فى تفاصيل شخصيته ولمس إنسانيته حتى شعر بالضيق والحزن الشديد بعد انتهائه من كتابة مسلسل «الاختيار» للفنان أمير كرارة الذى يجسد دور منسي. استهل دويدار مسلسله «الاختيار» الذى ينافس به فى الموسم الرمضانى الحالى، برسالة الشهيد منسى الأخيرة، أثناء استشهاده، والذى قال فيها «على العهد يا رجالة وزى ما اتفقنا أتدفن بأفرولى .. الشهيد لا بيتغسل ولا بيتكفن». وهى الرسالة التى أثارت جموع الشعب المصرى، ليفتح الجروح من جديد، وتصدر صورة منسى «السوشيال ميديا» عقب عرض الحلقة الأولى من المسلسل التى لاقت نسبة مشاهدة عالية، وحققت ردود فعل إيجابية. فى البداية، سألته ما سر شغفك بالدراما الوطنية وفكرة الإرهاب قال: عملت فى الأممالمتحده 3 سنوات، وفى ليبيا سنتين، بجانب سنة فى الصومال، وبالتالى فكرة الإرهاب كانت مسيطرة على تفكيرى، خاصة أننى قرأت كثيراً فى هذا الشأن، واستنتجت ما الذى يفعله الإرهاب ليس فى إرهاب المواطنين فحسب؛ وإنما يهدد استقرار الأوطان. وأضاف : كان لدى شغف فى الاطلاع على بعض القصص البوليسية، وتحمست لها كثيرا، لذا فكرت فى عرضها بشكل مختلف وغير روتينى، ومن هنا جاءت فكرة مسلسل «كلبش» بأجزائه الثلاثة، والاختيار. قلت له: العمل يسلط الضوء على شخصية البطل أحمد منسى شهيد الواجب، ما الجوانب التى استعنت بها فى دراسة الشخصية، قال: منسى شخصية ثرية وغنية فهو مفعم بالإنسانيات على الصعيد المهنى والاجتماعى، جلست مع زملائه في الكتيبة والكل شهد بأخلاقه وإنسانيته فى التعامل وجدعنته وحبه للوطن، كلام أقاربه وأصدقائه عنه جعلنى أشعر به كأنى أعرفه من زمان، أحببته كثيراً من كلامهم عنه، صورته كانت لا تفارقنى وأنا أكتب عنه، فهى المرة الأولى التى أذوق فيها ألم الفراق بعد انتهائى من كتابة العمل. وعن المدة التى استغرقها فى كتابة المسلسل قال: استغرق منى العمل أحد عشر شهراً، أبحرت فيها مع شخصية منسى ودرست كافة جوانبها. وأشار إلى أن أعمال السيرة الذاتية مسئولية كبيرة، على الكاتب أن ينقلها للمشاهد بمصداقية شديدة، لأنها شهادة حق سيُحاسب عليها أمام الله. وأكد أن شخصية منسى أثرت عليه بشكل شخصى، موضحاً أنه تعلم منه بعض المبادئ التى بات يطبقها فى حياته، من خلال رحلته القصيرة فى البحث عن مواطن الجمال فى شخصية الشهيد البطل. واسترسل قائلاً: اجتاحتنى مشاعر غريبة ومختلطة بين الحزن والفرح والابتسامة والدموع والفراق والألم، أثناء كتابتى للمسلسل، والملفت ان هذه المشاعر لم تكن لدىَّ وحدى، ففوجئت أنها كانت تجتاح كل فريق العمل، بداية من الجهة المنتجة والمخرج بيتر ميمى وبطل المسلسل أمير كرارة. وتابع: قد يتصور البعض أن مهمتى كمؤلف سهلة، ظناً أننى أكتب نقلاً عن حوادث حقيقية لشهداء الواجب، ولكن هذا ليس صحيحاً، خاصة أننى رجل يحب المذاكرة والبحث والتحرى قبل خوض أى تجربة، ربما يعود ذلك لكونى طبيباً بشرياً فى الأساس والمذاكرة جزء أصيل من عملى، ولأن مسلسل «الاختيار» سيرة ذاتية لأحد أبطال مصر، الذى تصدى للإرهاب وحطم كثيرا من مخططات الإرهابيين قبيل استشهاده، فأحرص قبل كتابة الحلقات على مشاهدة فيديوهات الحوادث المختلفة والاطلاع الدءوب لكل ما يحدث، وربما أتأثر وأنا أكتب، وحدث معى هذا أكثر من مرة، فقد تأثرت بالعملية التى استشهد فيها العقيد أحمد المنسى، وبكيت وأنا أكتب عن اللحظات المؤثرة التى رصدت استشهاده وكيفية إقدامه على الفداء بنفسه دون خوف ولا تردد. ولفت إلى أن العمل مبذول فيه جهد كبير للغاية، حتى يكون عملا شيقا وجاذبا خاليا من المط والتطويل. وحول ردود الأفعال التى تلقاها عقب عرض الحلقة الأولى: سعيد جداً بتفاعل الجمهور مع المسلسل عقب الحلقة الأولى، خاصة الشباب، لأن العمل يخاطبهم ويصحح المعلومات المغلوطة التى يستمدونها من «السوشيال ميديا»، ويؤجج مشاعر الحماس والوطنية تجاه وطنهم. وتابع : الإرهابيون يحاولون التلاعب بأفكار الشباب من خلال تصدير معلومات مغلوطة لهم لا تمت للحقيقة بصلة، تجعلهم تجعلهم ينقلبون على وطنهم وجيشهم، والمسلسل يقدم صورة حية لواقع يعيشه رجال الجيش والشرطة وكيف يضحون بأرواحهم من أجل الحفاظ على أرواح الشعب. واستطرد: تصدر صورة منسى «السوشيال ميديا» هذا هو النجاح الحقيقى، لأن هدفى كان هو جعل «شهداء الواجب» نموذج مثالى يقتدى به، وأنهم دائما سيظلون فى ذاكرتنا أحياء بمواقفهم وشجاعتهم ونبلهم وإن رحلوا عنا بأجسادهم. قلت له: هل ترى أن المسلسل نقطة تحول فى تاريخ الدراما المصرية، خاصة بعد دعوات خبراء الإعلام والمواطنين بتناول قصص شهداء الوجب فى الأعمال الفنية، قال: آمل فى ذلك، أن يكون المسلسل بداية لدراما وطنية ترصد قصص شهداء الواجب، وتصدير نماذج إيجابية للشباب بعيدة عن صورة البلطجى والسرسجي. وعن مدى إرضاء عائلة منسى عن الحلقة الأولى من العمل قال: أعربت منار سليم، زوجة الشهيد، سعادتها بالبرومو التشويقى، وبردود فعل الجمهور عن الحلقة الأولى من المسلسل. وعن أصعب الحلقات التى واجه صعوبة فى كتابتها، قال : مشاهد كثيرة جدًا، وخاصة علاقته بوالده حيث كانت شديدة الخصوصية، وكنت أواجه إشكالية أن كل مشهد له مسئولية حيث إن المنسى شخصية مهمة واستثنائية على كافة الأصعدة، يتأثر به كل من يقرأ عنه».