يسأل الكثير من الناس هل إن إزالة النجاسة وتطهير البدن والثوب منها أمر مستحب غير واجب فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله وقال جاء فى تفسير القرطبى"الجامع لأحكام القرآن "ج 8 ص 262 : اختلف العلماء فى إزالة النجاسة من الأبدان والثياب - بعد إجماعهم على التجاوز والعفو عن دم البراغيث ما لم يتفاحش - على ثلاثة أقوال : الأول : أن إزالتها واجبة مفروضة، فلا تجوز صلاة من صلى بثوب نجس عالما كان بذلك أو ساهيا ، وهو قول الشافعى وأحمد ، ورواه ابن وهب عن مالك ، وهو قول أبى الفرج المالكى والطبرى ، إلا أن الطبرى قال : إن كانت النجاسة قدر الدرهم أعاد الصلاة ، وهو قول أبى حنيفة وأبى يوسف فى مراعاة قدر الدرهم ، قياسا على حلقة الدبر . الثانى : أن إزالة النجاسة واجبة بالسنة من الثياب والأبدان ، وجوب سنة وليس بفرض ، قالت بذلك طائفة ، فمن صلى بثوب نجس أعاد الصلاة فى الوقت فإن خرج الوقت فلا شىء عليه ، هذا قول مالك وأصحابه إلا أبا الفرج ورواية ابن وهب عنه ، وقال مالك فى يسير الدم : لا تعاد منه الصلاة فى الوقت ولا بعده . وتعاد من يسير البول والغائط ، ونحو هذا كله من مذهب مالك قول الليث . الثالث : قال ابن القاسم : تجب إزالة النجاسة فى حال الذّكْر دون النسيان ، وهى من مفرداته . والقول الأول أصح ، بدليل أن النبى صلى الله عليه وسلم مر على قبرين فقال "إنهما ليعذبان ، وما يعذبان فى كبير، أما أحدهما فكان يمشى بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله " رواه البخارى ومسلم ، ولا يعذب الإنسان إلا على ترك واجب . وروى أحمد وابن ماجه والحاكم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : "أكثر عذاب القبر من البول " . واحتج من قال بأن إزالتها سنة والصلاة بها صحيحة بخلع النبى نعليه فى الصلاة لما أعلمه جبريل عليه السلام أن فيهما قذرا وأذى كما رواه أبو داود وغيره ، قالوا : ولمَّا لم يعد الرسول صلى الله عليه وسلم ما صلى دل على أن إزالتها سنة وصلاته صحيحة ، ويعيد ما دام فى الوقت ، طلبا للكمال . وجاء فى فقه المذاهب الأربعة أن إزالة النجاسة واجبة عن بدن المصلى وثوبه ومكانه ، إلا ما عفى عنه لتعذر إزالته أو عسر الاحتراز منه ، دفعا للحرج ، أما عن ثوب المصلى فلقوله تعالى : {وثيابك فطهر } المدثر: 4 ، وأما عن البدن فلأن البدن أولى بالطهارة من الثوب المنصوص على طهارته فى الآية . والمالكية لهم قولان مشهوران فى إزالة النجاسة ، أحدهما أنها تجب شرطا فى صحة الصلاة، وثانيهما أنها سنة، وشرط وجوبها أو سنيتها أن يكون ذاكرا للنجاسة قادرا على إزالتها ، فإن صلى أحد بالنجاسة وكان ناسيا أو عاجزا عن إزالتها فصلاته صحيحة على القولين ، ويندب له إعادتها فى الوقت ، أما إن صلى بها عامدا أو جاهلا فصلاته باطلة على القول الأول وصحيحة على القول الثانى، فتجب عليه إعادة الصلاة أبدا ، فى الوقت أو بعده على القول الأول لبطلانها ، ويندب له إعادتها أبدا على القول الثانى . انتهى . 2 - وجاء فى كتاب المغنى لابن قدامة "ج 1 ص 717" . أن الطهارة من النجاسة فى البدن والثوب شرط لصحة الصلاة فى قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعى وأصحاب الرأى [الأحناف ] .