مصطفى أمين بهدة الكلمات تحدث مصطفى أمين في كتابه من واحد لعشرة عن رأي زعيم الأمة سعد زغلول في الأقباط، فقد كان يراهم جزء لا يتجزأ من نسيج الأمة المصرية. ولهذا كان فخري بك عبد النور أحد رجال الوفد وقادته على مر التاريخ، وأحد المحاور الهامة في ثورة 1919. كان وطنياً صرفاً وحدث أن زار اللورد كتشنر الصعيد سنة 1913 ليفتتح خزان نجع جمادي وقام فخري عبد النور يخطب بين الجماهير مطالبا بإنهاء الاحتلال الإنجليزي لمصر. يقول ابنه أمين فخري عبد النور، أن سبب تسمية شقيقه باسم سعد لتصادف مولده مع زيارة الزعيم سعد زغلول لمنزلهم. اقرأ أيضًا: مكرم عبيد.. المجاهد الكبير رفيق سعد زغلول في المنفى لعب فخري عبد النور دورا هاما في بدايات حزب الوفد، باعتباره أحد أوائل المنضمين الى الوفد وكان مسئولا عن مديرية جرجا، في صعيد مصر والتي انطلقت منها أول مظاهرة في الصعيد، وشارك في الثورة، وأحبه زعيم الأمة، سعد زغلول بشدة حتى أنه كان يعتمد عليه اعتمادا كبيرا فى كثير من مهام الحزب، وكان يسميه "قاموس الوفد" لذاكرته الحديدية فيما يخص الأشخاص والمواقف والتواريخ. انتخب عضوا بالبرلمان ممثلا لجرجا خلال الفترة من 1924 إلى وفاته داخل البرلمان عام 1942. من فخري ولبيب عبد النور ل"سعد زغلول": نحن معك كان فخري عبد النور وشقيقه لبيب عبدالنور بك عضوين في نادى "رمسيس"، وهو ناد يضم كبار الأقباط وقد زار النادي فخرى عبدالنور فى مساء يوم قابل فيه على شعرواى باشا، وروى للحاضرين فيه ما سمعه من على شعرواي عن الوفد ومقابلة السير ونجت ودار الحديث حول هذه الحركة التي أخذت تثير اهتمام الرأي العام على الرغم من الرقابة والأحكام العرفية. وكان الحاضرون من أعيان الأقباط ومثقفيهم ومفكريهم، فلاحظوا أن أسماء أعضاء الوفد التى ذكرت بعرائض التوكيلات التى توزّع فى البلاد، ليس بينها اسم أحد من الأقباط ورأوا أن هذا لا ينبغي أن يكون، وأنه لابد من استكمال هذا النقص. وقرروا انتداب ثلاثة من الحاضرين للذهاب إلى سعد باشا وعرض هذا الموضوع عليه واختير الثلاثة فعلا وكان فخرى عبدالنور أحدهم، أما الآخران فهما الأستاذ ويصا واصف المحامى وعضو الحزب الوطنى وتوفيق أندراوس من أعيان الأقصر. وطلب الثلاثة تحديد موعد لمقابلة سعد باشا فى بيت الأمة للتحدث معه فى هذا الأمر وتحدد الموعد بالفعل، فذهبوا للقاء سعد، ورأوا حركة التوقيع بتوكيل الوفد قائمة على قدم وساق وعلم الثلاثة من علوبة باشا أن سعد باشا خرج لحضور اجتماع "مجلس إدارة الجامعة المصرية" وأنه سيحضر بعد قليل، فانتظروا حتى حضر وقابلهم، وكان معه على شعراوي باشا ومحمد محمود باشا وأحمد لطفى السيد بك ومحمد على بك ومحمود أبو النصر بك من أعضاء الوفد وقد رحّب بهم سعد باشا ترحيبا كبيرا. وأعرب عن اغتباطه بالفكرة التى حضروا من أجلها ودار الحديث حول اختيار عضو أو أكثر من الأقباط فى الوفد وأكد توفيق أندراوس "أن الوطنية ليست حكرا على المسلمين وحدهم". فسرّ سعد باشا وقبّله على هذه الكلمة، وعاد الأستاذ توفيق فأكد أن العنصرين اللذين تتألف منهما الأمة المسلمين والأقباط يعملان بتفكير واحد، ورأى واحد، فيما يحقق مصلحتهما فى الحصول على الاستقلال وأخيرا. أبلغ الثلاثة سعد باشا أن المثقفين والوجهاء من الأقباط انتدبوهم لإبلاغه أن الحائز للصفات المطلوبة لعضوية الوفد، سواء من حيث الثقافة، أو الثروة، أو الجاه، هو الأستاذ واصف بطرس غالى، ثاني أبناء بطرس غالى باشا، فاغتبط سعد باشا لهذا الاختيار، وأعرب عن ثقته وتقديره لعلمه ومكانته. واستقر الرأي على ترشيح الأستاذ واصف غالى، ثم رأى الوفد بعد ذلك أن يضم سينوت حنا بك العضو فى الجمعية التشريعية، وجورج خياط بك من كبار أعيان أسيوط، فحلفا اليمين مع حمد الباسل باشا فى جلسة واحدة وكان ذلك فى ديسمبر سنة 1918. للأقباط ما لنا من الحقوق.. وعليهم ما علينا من الواجبات وكان مما قاله سعد زغلول، فى هذه اللقاءات، إن للأقباط ما لنا من الحقوق، وعليهم ما علينا من الواجبات، على قدم المساواة. ويكمل فخرى عبدالنور أنهم عندما تركوا سعد وعادوا إلى نادى رمسيس حملوا معهم نسخا من التوكيلات، فانهالت عليها التوقيعات من جميع الوافدين على النادي. ويمضى فخرى عبدالنور في ذكر وقائع هذه الأيام المجيدة لثورة 1919 التى بدأت بانتشار خبر ترحيل سعد وزملائه إلى مالطة، فانفجرت الثورة فى جميع أنحاء البلاد، إلى أن تم الإفراج عن سعد وصحبه، وتقرر سفر الوفد الذى ضم سينوت حنا وجورج خياط، وانضم إليهم فى باريس الأستاذ واصف بطرس غالى حيث كان يقيم منذ عام 1914 وسافر مع الوفد ويصا واصف وعزيز منسى وجورج دوماتى ملحقين ومترجمين لتفوقهم فى اللغة الفرنسية. وحدة الهلال مع الصليب ويمضى فخرى عبدالنور فى متابعة ورصد أحداث الثورة خصوصا بعد أن أصبح عضو اللجنة العليا للوفد الذى تبنى منذ البداية شعار "وحدة الهلال مع الصليب" و"الدين لله والوطن للجميع" وكل ما يذكره الثائر فخرى عبدالنور، فى هذا الاتجاه، يدل دلالة مؤكدة على أن محاولات الاستعمار للتفرقة بين عنصري الأمة قد باءت بالفشل، وذلك بدليل نهوض الطليعة الثقافية للأقباط، ومُبادرتهم بالذهاب إلى سعد زغلول لكى يكونوا طرفا فاعلا فى تحقيق مطالب الأمة. يسجل فخرى عبدالنور المواقف التى وقفها الأقباط فى مدى التسامح الذى امتزج بالوطنية التى اقترنت بالمعنى المدنى للمواطنة التى رواها أحرار ثورة 1919 بدمائهم الزكية التى لم تعرف الفرق بين مسلم وقبطى ولذلك ضمت سجون الاحتلال فى مصر قادة ثورة 1919 من المسلمين والأقباط على السواء، بالقدر الذى صحب سعد فى منفاه الثاني أقرانه الأقباط. المراجع: مذكرات فخرى عبد النور من واحد لعشرة مصطفى أمين