سينوت حنا ضحى بنفسه لإنقاذ حياة "النحاس" من مؤامرة "صدقى" توفيق أندراوس رفض إغراءات الملك فؤاد للتخلى عن زعيم الثورة في سبتمبر من عام 1881 قال خطيب "الثورة العرابية" عبدالله النديم: "إن الحرب بين مصريين وغزاة إنجليز وليست بين مسلمين ومسيحيين"، وما هي إلا سنوات قليلة ليقف الزعيم الوطني سعد زغلول أمام الآلاف في محافظة الإسكندرية ليقول: "أشكر العلماء والقسس الذين أبطلوا باتحادهم فرية كانوا يتخذونها حجة، ففشلوا وأن رجال الدين في الوطن سواء"... والمتابع ل"النضال القبطي" خلال العصر الحديث سيكتشف أن "الدين كان لله.. والوطن اتسعت مظلته للجميع... فلا فرق بين مسلم أو قبطي إلا بالوطنية". "وطنية أقباط مصر".. تجسدت في ثورة 1919، بدعمهم القوي "الزعيم سعد باشا زغلول"، حيث شارك 7 من أقباط مصر المخلصين، في الوفد المصري الذي شكله سعد باشا لعرض قضية استقلال مصر في مؤتمر الصلح بباريس عام 1918. ويصا واصف.. رئيس "النواب".. وعدو "صدقي" كان ويصا واصف أحد داعمي سعد في مشواره الوطني، وقد ترشح لمجلس النواب عن دائرة المطرية رغم أنه من أبناء الصعيد لكن فوزه كان ساحقًا، فقد كانت له روح وطنية جارفة، وفي إحدى دوائر المنيا قال ويصا باعتزاز: "إنني أمثل في البرلمان دائرة لا قبطي فيها غير نائبها". وحينما جاء حزب الوفد للحكم عام 1928 بزعامة مصطفى النحاس، لم يكتف بوزيرين قبطيين في وزارته، بل اختار ويصا واصف رئيسًا لمجلس النواب، وفي عام 1930 تولى إسماعيل صدقي رئاسة الحكومة، وأصدر الملك مرسومًا بتأجيل انعقاد البرلمان، وأمر "صدقي" بإغلاق بوابة المجلس النيابي بالسلاسل، فما كان من "واصف" إلا أن قاد النواب والذين تدفقوا لعقد اجتماعاتهم إلى كسر الأوامر. جورج الخياط.. صاحب فكرة "سحب المدخرات" فيما اشترك "جورج خياط" في المؤتمر القبطي الذي عقد في مارس عام 1911 بأسيوط، وكان من العناصر المعتدلة، ومن دعاة مقاطعة البضائع الإنجليزية وتدعيم بنك مصر، كما نادى بسحب المدخرات المصرية من البنوك الإنجليزية، فحكم عليه بالإعدام في 14 أغسطس عام 1922 مع مرقص حنا وواصف غالي وويصا واصف وحمد الباسل، وعلي الجزار ومراد الشريعي، قبل أن تخفف العقوبة إلى السجن مع غرامة مالية قدرها خمسة آلاف جنيه، وأفرج عنهم في يونيو عام 1923، وحضر الخياط اجتماع "الوفد المصري" الذي عقد في يناير عام 1924 برئاسة "سعد زغلول"، وانضم للوفد في ديسمبر عام 1928. "أندراوس".. وحكاية "عرض فاروق" أما توفيق باشا أندراوس، فقد حاول القصر الملكى أن يثنيه عن الانضمام لوفد سعد، وعرض عليه أحمد حسنين باشا -رئيس الديوان الملكى- رغبة الملك فؤاد في تعيينه سفيرا لمصر بلندن مقابل التخلى عن سعد، فكان رده الرفض بشدة. وعندما نُفي سعد ورفاقه، علم "أندراوس" أن صفية زغلول -أم المصريين- تشكو من نضوب خزينة الوفد، فما كان منه إلا أن باع سبعمائة فدان، ووضع ثمنها تحت تصرفها، وفى رحلة سعد زغلول النيلية إلى الصعيد للحصول على دعم شعبى لمطالب ثورة 1919 استقبله "أندراوس" رغم كل محاولات بدر الدين بك مدير الأمن العام -آنذاك- منعه بقوة، ولم يخش أندراوس قوة "بدر" وأسلحته التي حاولت منع رسو باخرة سعد باشا في الأقصر، فتصدى لهم "أندراوس" واستقبل سعد في قصره عام 1921، فقد كان القصر الوحيد الذي استقبل زعيم الثورة، وهتفت الجماهير "يحيا سعد"، فرد عليهم بل "يحيا توفيق أندراوس". "فخري عبدالنور".. قاموس الوفد بينما كان فخري عبدالنور بك أحد ثلاثة أقباط إلتقوا سعد زغلول في نوفمبر 1918، وجمعوا له التوقيعات بالتوكيل عن الأمة، وأصبح عضوًا بارزًا في حزب الوفد، واشترك في تشكيل المجموعة الثالثة من الوفد بعد اعتقال المجموعتين الأولى والثانية، واعتقلته السلطات البريطانية وسجنته أكثر من مرة بسبب نضاله الوطني. "عبدالنور" قال عنه الكاتب الصحفي مصطفى أمين في مقدمة مذكراته التي حملت عنوان "مذكرات فخري عبدالنور... ثورة 1919 دور سعد زغلول والوفد في الحركة الوطنية": عرفت "فخري بك عبدالنور" منذ كان عمري أربع سنوات.. يدخل ويخرج إلى مكتب سعد زغلول وكأنه يعدو.. بجسمه الضخم وصوته الجهوري، وطربوشه الذي كان دائمًا ينزلق إلى الوراء.. كان بيت الأمة في تلك الأيام أشبه بخلية نحل لا تنتهي، داخلون وخارجون، ذاهبون إلى السجن وخارجون من السجن.. نساء يحملن منشورات.. ورجال يخفون المسدسات.. وجوه مختلفة.. ولكن فخري عبدالنور كان دائمًا الاسم المكرر بين الزائرين.. وكان سعد معجبًا بصراحته وخفة ظله وبقدرته العجيبة على تذكر الأحداث والتواريخ، فكان المجلس مختلفًا في تاريخ معين أو واقعة معينة، صاح سعد هاتوا "مؤرخ الوفد".. أو هاتوا "قاموس الوفد".. أو هاتوا "الوطني الغيور".. وكثيرا ما كان سعد يغلق على فخري "الوقائع السعدية".. نسبة إلى "الوقائع المصرية" التي تصدرها الحكومة المصرية.. وكان إذا نزل سعد من الطابق العلوي من بيت الأمة عقب نومه بعد الظهر، ورأي فخري عبدالنور بين الجموع المنتظرة أمسكه من يده وقال له "تعال اهرج معي".. وكان يصحبه في عربته الحانطور ويطوف معه كوبري قصر النيل ويدور حول نادي الجزيرة ويتجه إلى شارع الأهرام ثم يعود إلى بيت الأمة.. وهذه كانت نزهة سعد اليومية". ويكمل "أمين" -في المقدمة ذاتها- بقوله: التهمت مذكرات فخري عبدالنور التهامًا؛ لأنه استطاع أن يجعلني أعيش فيها طفولتي وشبابي، وأرى نفس الوجوه وأسمع نفس الأصوات وأرى نفس الأحداث وكأنه فيلم "سينيراما" ترى فيه أحداث ثورة 1919 من مختلف جوانبها لا من ناحية واحدة بكل ألوانها وإعلامها الزاهية وصوتها الداوي كالرعد الشديد.. كان يشرح في مذكراته معركة حربية بين جيشين غير متكافئين.. جيش معه السلاح والقوة والجبروت.. وجيش معه الحق والإيمان والطوب.. جيش يمثل أقوى إمبراطورية في العالم.. وجيش آخر يمثل شعبصا صغيرًا.. يكافح ليحطم قيوده وأغلاله.. ثم ترى كيف يتحول الضعفاء إلى أقوياء.. والمسحوقون إلى منتصرين.. وكيف يفر الطغاة الجبابرة المسلحون أمام إجماع صمم على الحرية والحياة.. إن فخري عبدالنور رسم صور هذا الشعب الجبار بالكلمات. مرقص حنا.. "عدو ملنر" ولد مرقص حنا في عام 1872م، وحصل على إجازة الحقوق من جامعة مونبليه بفرنسا، ثم حصل على شهادة في الاقتصاد السياسي من جامعة باريس عام 1891م، وبعد عودته إلى مصر عمل وكيلًا للنائب العام حتى عام 1904 م، ثم استقال من القضاء ليعمل بالمحاماة، وكان ضمن الباعثين للحركة الوطنية، ومن المقربين للزعيم الراحل" مصطفى كامل"(1874-1908م)، ومن دعاة إنشاء الجامعة المصرية، واختير عضوًا بمجلس إدارتها، ولدوره المتميز، منحته الدولة لقب ( البكوية) ولمكانته بين المحامين اختاروه نقيبًا لهم بين(1914 و1918م). مع نهاية الحرب العالمية الأولى في( 11 نوفمبر 1918م)، تم تشكل الوفد المصرى في( 13 نوفمبر 1918م)، حيث تم اختياره في أبريل 1919م عضوًا بلجنة الوفد المركزية، وهى اللجنة التي كان يرأسها "محمود سليمان باشا" وهو من كبار الملاك في الصعيد، وقد لعبت لجنة الوفد المركزية في مصر دور مهمًا، حيث كانت تتولى مقاومة الاحتلال الإنجليزى في الداخل، في نفس الوقت الذي يتولى فيه الوفد العمل في الخارج. شارك "مرقص حنا" الذي أصبح وكيل لجنة الوفد في مصر، مع زملائه وخاصة "عبدالرحمن فهمى" سكرتير اللجنة في مقاطعة لجنة ملنر، واستطاعت اللجنة بالفعل أن تفشل مهمة لجنة "ملنر" التي وصلت إلى مصر في ديسمبر 1919م، وكان رد فعل المصريين جميعا على اللجنة أن الزعيم "سعد زغلول" هو وحده المتحدث باسم الأمة، وبذلك فشلت مناورة سلطات الاحتلال التي أرادت أن تقلل من أهمية حركة جمع التوكيلات التي قامت بها الأمة للوفد ولزعيمها سعد زغلول، وعندما اعتقل "سعد زغلول" ومعه عدد من أعضاء الوفد انضم "مرقص حنا" للوفد في هذه الظروف الصعبة وكان ذلك في( 20 يناير 1922م) وكان آنذاك نقيبًا للمحامين. ترتب على دور مرقص في مقاطعة لجنة ملنر اعتقاله ومعه حمد الباسل، وواصف غالى، وعلى ماهر، ومراد الشريعى وأرسلتهم قوات الاحتلال إلى ثكنات قصر النيل، وقد حكم عليهم بالإعدام، ولكن ألغى الحكم واكتفى بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة مالية، وذلك تحت الضغط الشعبى وصدر قرار الإفراج عنهم يوم (15 مايو 1923م)، وفى يوم ( 23 أغسطس 1923 م) أعلن الوفد عن تشكيل هيئته الكاملة برئاسة سعد زغلول وكان عدد الأعضاء 28 عضوًا وكان هو من بينهم. كان من أهم نتائج ثورة 1919م، صدر تصريح (28 فبراير1922 م) والذي ترتب عليه صدور دستور 1923م، والذي كان من ثماره الانتخابات التي كانت "نزيهة" والتي فاز فيها الوفد بأغلبية ساحقة( 195 مقعدًا) من مقاعد مجلس النواب البالغ عددها ( 214 مقعدًا). وأثناء تشكيل الوزارة اعترض الملك فؤاد على تعيين اثنين من الأقباط وزيرين والوزارة كلها برئيسها سعد "عشرة"، واحتج الملك فؤاد بأن الشارع المصرى، قد لا يرضى عن هذا التشكيل الوزارى، ولكن رد سعد بأنه زعيم الأمة ويعرف نبض الشارع وتولى "مرقص حنا" في الوزارة الشعبية -وزارة سعد زغلول- منصب وزير الأشغال وزميله القبطى الآخر كان واصف بطرس غالى الذي تولى منصب وزير الخارجية، وكانت دعوى الملك أن الشعب معتاد وجود وزير قبطى واحد وليس اثنين وقد استمرت وزارة الشعب من 28 يناير 1924 إلى 24 نوفمبر من نفس العام. لم يكن مرقص حنا محل تقدير المتشددين أمثال سعد زغلول فقط، بل كان محل تقدير المعتدلين كذلك، حيث اختير وزيرًا للمالية في وزارة "عدلى يكن" الثانية من (7 يونيو 1926 21 أبريل 1927م) وهى الوزارة الائتلافية الأولى، طلب سعد زغلول باشا من "عبدالخالق ثروت باشا" تشكيل الوزارة فكانت وزارة ثروت الثانية والتي تولى فيها "مرقص حنا" منصب وزير الخارجية، وكانت هذه الوزارة من الوزارات الائتلافية الوفدية من (25 أبريل عام 1927 16 مارس 1928م). واصف غالي.. وزير ب"الأربعة" "لقد أصبحت البلاد مريضة بدرجة كافية".. العبارة التي قالها "واصف بطرس غالي" لرئيس الوزراء علي ماهر الذي عرض عليه "حقيبة الخارجية" التي تولاها أربع مرات. ولد في حي الفجالة بالقاهرة عام 1878م وهو ابن بطرس باشا غالي، وإثر اغتيال بطرس غالي عام 1910م لجأ "واصف" إلى صديق والده شيخ الشعراء "إسماعيل باشا صبري" لتهدئة الخواطر. ترك واصف غالي العمل في الخاصة الملكية وانصرف إلى الأدب وترجمة الأعمال العربية إلى اللغة الفرنسية وصدرت في كتاب بعنوان "روضة الأزهار" فأقيم له حفل تكريم في فندق شبرد عام 1914م حياه فيه "إسماعيل صبري" بقصيدة رائعة. وقف "واصف بطرس غالي" مع "سعد زغلول" ضد المهادنة ودعاة الاعتداء، وواصف بطرس غالي من الوزراء القلائل الذين انحصر نشاطهم في وزارة معينة، بدأ نشاطه الوزاري وزيرًا للخارجية في الوزارة الشعبية برئاسة "سعد زغلول" 28 يناير – 24 نوفمبر عام 1924 وفي الوزارة الائتلافية "16 مارس – 26 يونيو عام 1928م" وهي الوزارة الأولى لمصطفى النحاس حصل على لقب باشا وتولى وزارة الخارجية.. والمرة الثالثة وزيرا للخارجية في وزارة النحاس باشا "يناير عام 1930 – يونيو 1930".. والمرة الرابعة في وزارة "النحاس" "9 مايو 26- 31 يوليو عام 1937".. والمرة الخامسة وزيرًا للخارجية أيضًا في وزارة "النحاس" أول أغسطس عام 1934". عام 1935 أثار "واصف غالي" قضية فلسطين أمام عصبة الأمم، وفي يناير عام 1950 عينته حكومة الوفد عضوا لمجلس الشيوخ، وعضوا بمجلس إدارة الشركة العالمية قناة السويس، وبعد إقالة حكومة الوفد في 27 يناير 1950 قدم استقالته من عضوية مجلس الشيوخ ورفض عرض على ماهر عليه بأن يتولى وزارة الخارجية في وزارته، وقال عبارته الشهيرة: "لقد أصبحت البلاد مريضة بدرجة كافية"، وتوفي في 10 يناير عام 1958. سينوت حنا.. حامي "النحاس" أما سينوت حنا فقد وقف ضد محاولة "أخنوخ فانوس" لتشكيل حزب طائفي باسم "الحزب المصري"، وفي المؤتمر القبطي الذي عقد بأسيوط في 6 مارس 1911 نسق سينوت جهوده مع أخيه بشري حنا الذي اختير رئيسًا للمؤتمر، للحيلولة دون تغلغل الفتنة الطائفية، وساعدهم في ذلك مطران أسيوط، فرفعوا العلم المصري في المؤتمر، وتصاعدت الدعوة للوحدة الوطنية. وطنية " سينوت " عانقت السماء عند وفاته، ففي يوم 8 يوليو 1930 بمدينة المنصورة، كان سينوت مستقلا سيارة برفقة "مصطفى النحاس باشا"، وشعر بأن هناك خطة دبرتها حكومة إسماعيل صدقي لاغتيال "النحاس باشا"، ولمح سينوت أحد الجنود يسدد الحربة إلى صدر النحاس فتصدى للطعنة القاتلة، وتوفي سينوت حنا في منزله بالجيزة متأثرًا بالجرح. المصادر *جريدة وطنى مقالة للكاتبة ايرين موسى "قصر توفيق باشا أندراوس.. الحيلة تتحدى الاحتلال" * لمعي المطيعي: "موسوعة هذا الرجل من مصر" *موسوعة تاريخ أقباط مصر بقلم المؤرخ / عزت أندراوس -أقباط متحدون.. الدكتور ماجد عزت إسرائيل.. من عظماء الأقباط مرقص حنا (1872 1934م)