بالتعاملات المسائية .. تحديث فوري فى سعر الذهب اليوم بمصر    حدث منذ قليل .. استشهاد 7 فلسطينيين جراء قصف الاحتلال خيمة تؤوي نازحين غرب خان يونس    مصرع 3 أشخاص في حادث تحطم طائرة صغيرة بجنوب إفريقيا    وسط استمرار حالة الجمود السياسي.. رئيس كوسوفو تحدد موعدا للانتخابات البلدية    فينجادا يُهدي لاعبي الأهلي خطة إيقاف ميسي (خاص)    بايرن ميونخ يعلن موقف الصفقات الجديدة من كأس العالم للأندية    صور زفاف أمينة خليل وأحمد زعتر في اليونان    بالفيديو.. إقبال كبير على سينمات وسط البلد في آخر أيام عيد الأضحى    مدرب منتخب بولندا يكشف تفاصيل أزمة ليفاندوفسكي    تصفيات كأس العالم.. تشكيل كرواتيا والتشيك الرسمي في مواجهة الليلة    رئيس بعثة الحج: تفويج حجاج القرعة غير المتعجلين من مشعر منى لمكة المكرمة    قرار قضائي بشأن واقعة مصرع طفلة غرقًا داخل ترعة مغطاة في المنيا    موعد أول إجازة رسمية بعد عيد الأضحى المبارك .. تعرف عليها    شيخ الأزهر يعزي أسرة البطل خالد محمد شوقي: ضرب أروع الأمثلة في التضحية    خبير: «المتحف المصرى الكبير» إنجاز عالمى يضم 100 ألف قطعة أثرية    "الجزار" يتفقد مستشفى عين شمس العام ويوجه بتوسيع تشغيل العيادات التخصصية    البابا تواضروس يوجه نصائح طبية لطلاب الثانوية العامة لاجتياز الامتحانات    بعد صراع مع السرطان.. وفاة أدهم صالح لاعب سموحة للتنس    إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب سيارة ميني باص على صحراوي قنا    دوناروما يقود منتخب إيطاليا ضد مولدوفا في تصفيات كأس العالم    محمد البهنساوي يكتب: حج استثنائي فماذا بعد ؟    بطولته ستبقى في سجل الشجعان.. محافظ الدقهلية في عزاء سائق حريق العاشر من رمضان    العثور على 10 جثث لشباب هجرة غير شرعية غرب مطروح    أمين عام الناتو: سنبني تحالفًا أقوى وأكثر عدالة وفتكًا لمواجهة التهديدات المتصاعدة    الزراعة: ذبح 450 أضحية لمؤسسات المجتمع المدني في غرب النوبارية    لتجنب تراكم المديونيات .. ادفع فاتورة الكهرباء أونلاين بدءا من غد 10 يونيو    استعراضات فرقة الطفل تخطف الأنظار على المسرح الروماني بدمياط الجديدة    وزير الصحة يتلقى تقريرا عن متابعة تنفيذ خطة التأمين الطبي للساحل الشمالي خلال الإجازات    روشتة طبية من القومي للبحوث لمريض السكري في رحلة الحج    مدير الصحة العالمية: جدرى القرود لا يزال يشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا    بأنشطة في الأسمرات والخيالة.. قصور الثقافة تواصل برنامج فرحة العيد في المناطق الجديدة الآمنة    «سرايا القدس» تعلن الاستيلاء على مسيّرة للاحتلال في شمال غزة    إصابة 20 شخصا بحالة تسمم نتيجة تناول وجبة بأحد أفراح الدقهلية    مظهر شاهين عن إحياء أحمد سعد حفلًا غنائيًا: "مؤلم عودة البعض عن توبتهم"    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    «التعاون الخليجي» يبحث مع «منظمة الدول الأمريكية» تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري    حارس إسبانيول على أعتاب برشلونة.. وشتيجن في طريقه للخروج    هل الموز على الريق يرفع السكري؟    وكيل الشباب والرياضة بالقليوبية يشهد احتفالات مبادرة «العيد أحلى»    موعد إجازة رأس السنة الهجرية.. تعرف على خريطة الإجازات حتى نهاية 2025    ما حكم صيام الإثنين والخميس إذا وافقا أحد أيام التشريق؟.. عالم أزهري يوضح    آخر موعد لتقديم الأضحية.. وسبب تسمية أيام التشريق    من الشهر المقبل.. تفاصيل زيادة الأجور للموطفين في الحكومة    حزب العدل: انتهينا من قائمة مرشحينا للفردي بانتخابات مجلس الشيوخ    خاص| محامي المؤلفين والملحنين: استغلال "الليلة الكبيرة" في تقديم تريزيجيه غير قانوني    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    الجامعات المصرية تتألق رياضيا.. حصد 11 ميدالية ببطولة العالم للسباحة.. نتائج مميزة في الدورة العربية الثالثة للألعاب الشاطئية.. وانطلاق أول دوري للرياضات الإلكترونية    الأربعاء.. عرض "رفرفة" ضمن التجارب النوعية على مسرح قصر ثقافة الأنفوشي    ارتفاع كميات القمح الموردة لصوامع وشون الشرقية    التحالف الوطنى بالقليوبية يوزع أكثر من 2000 طقم ملابس عيد على الأطفال والأسر    ترامب يتعثر على درج الطائرة الرئاسية.. وروبيو يتبع خطاه    د.عبد الراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "13 " .. حقيقة الموت بين الفلسفة والروحانية الإسلامية    دعاء الخروج من مكة.. أفضل كلمات يقولها الحاج في وداع الكعبة    الصحة: فحص أكثر من 11 مليون مواطن بمبادرة الكشف المبكر عن السرطان    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 9-6-2025 صباحًا للمستهلك    استعدادا لامتحان الثانوية 2025.. جدول الاختبار لطلبة النظام الجديد    الخميس المقبل.. ستاد السلام يستضيف مباراتي الختام في كأس الرابطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق مسافرة
غداً سأفقد ذاكرتي.. وأحلق مع طائرة من ورق!
نشر في الوفد يوم 24 - 10 - 2012

لا أذكر عمري وقتها، حين اشتري أبي كعادته من كل عام خروف العيد، كان هذا الخروف ذا طابع يتسم بالكوميديا «أو هكذا أعتقدنا»، فقد كان يأتي بحركات بهلوانية تضحكنا، وكنا نمسك له بورق الكراريس، فيقفز في الهواء ثم «ينطحه» بقرنيه ويثقبه، فتعلق به الورقة،
ويأخذها ويجري، ونجري خلفه، وليلة العيد، أصيب الخروف بحالة غريبة من الهياج والمأمأة، وكأنه يشعر بمصيره الذي يرتقبه في الغد، وفجأة غافلنا وقطع الحبل الملفوف علي قدمه في تلك الغرفة بسطح البيت، وجري إلي الشرفة وقفز منها قفزة انتحارية هائلة، وسقط علي الأرض بلا حراك، هرب خروفنا من سكين الجزار وقفز قفزته الأخيرة في موت اختياري، وحزنا عليه كثيراً، خاصة أن ظروف أبي لم تسعفه لشراء خروف آخر، تذكرت بالأمس قصة خروفنا، وأنتابتني حالة مقارنة غامضة بين قصة الخروف الذي هرب من الموت إلي الموت، وبما نفعله في أي عيد، فنحن نستقبل العيد في توتر وقلق وتفكير من سندعو ونولم له الولائم، نقضيه في إنفاقات هائلة ترهق كاهل الأسرة، وقد تبقي عبئاً وديناً لأشهر طويلة بعد العيد، بجانب كم الأحزان التي نجترها في لمة العيد، وكأن كل منا يلقي بأشواك آلامه في جعبة الآخر ليفرغ هو منها، فلا يصبح العيد عيداً، وبدلاً من أن نهرب من متاعبنا في العيد إلي الفرحة نهرب إلي الاحزان والمسئوليات الإضافية.
لذا قررت أن يكون هذا العيد مختلفاً، حتي وإن اقتسمت أيامه مع زملائي لدواعي العمل، قررت أن أحصل بمشيئة الله علي هدنة، هدنة تريحكم من قصة الأمس الدامية التي عاشها مسلموا البوسنة والهرسك، ولا يزالون يعيشون علي أصدائها، هدنة أتلمس فيها نسمات هادئة في صباح حقيقية، فلا أحارب زحام الشوارع قرابة الساعتين صباحاً وبعد الظهيرة ذهاباً وإياباً للجريدة، ولا أري مشاجرات علي جانب الطريق بالسنج والمطاوي، أو حادث سيارة من تلك التي أراها كل يوم تقريباً مع دماء علي الطريق، أو أسمع سباب سائق ميكروباص لا يعجبه تمسك إشارة المرور باللون الأحمر فيقطعها في تحد دون إكتراث بعسكري المرور الزاعق خلفه، استراحة سأفقد معها بصورة عمدية ذاكرتي ومسئولياتي وأحلق فيها بخيالي مع طائرة ورق، استراحة سأقضيها مع ابتسامة ورشفة شاي في صباح بلا كدر، لا أسمع فيها خبراً يحرق دمي، ولا اقرأ جريدة توتر أنباؤها أعصابي.
سأدعوكم اليوم في استراحتي للبقاء بالمنزل، لاستنشاق عبير الأسرة ولمتها، لاستلهام الذكريات المبهجة فقط، دعونا لا نخرج اليوم إلي الطريق، دعونا بعد صلاة العيد نوقف سيارتنا الخاصة، ونريح القاهرة وسائر مدن مصر من هذا العادم، يوماً واحداً فقط، تلتقط فيه مصر أنفاسها دون دخان أو دون بعضه، دعونا نجلس معاً اليوم في بيوتنا حتي لو لم يكن هناك مائدة عامرة بالثريد، حتي لو لم يسعنا ما في الجيب لنذبح الأضحية، فالله يأخذ بالنوايا، حتي لو لم يسعنا الرزق أو الحظ لنسافر إلي الأهل في المدن البعيدة بسبب زحام القطارات واختفاء تذاكر السفر، لا تحزنوا ففي التواصل آليات أخري بديلة متطورة تقرب المسافات.
ادعوكم معي إلي إغلاق كل صنابير الأحزان، يوم لا تستمعوا فيه إلي ترهات الساسة وحروبهم العنترية أو الورقية، اغلقوا قنوات التوك شو وبرامج المكلمة، ولا تستمعوا إلي أخبار الحرب وقتل الأخ لأخيه والرئيس لأبناء شعبه من أجل سلطة كرسي زائل، اجعلوا لهذا اليوم طعماً مختلفاً وعبقاً كورد برائحة الربيع، وتناسوا أن الخريف يبعثر أوراق أشجارنا الخضر ليعصف بها الريح، عيشوا هذا اليوم كأنه يوم حب طويل في عالم لا يعرف البغضاء، انزعوا أشواك الغضب من خاصرة الساعات القوا بأحزانكم كلها بعيداً بعيداً، وانتزعوا من قلب المدن الحجرية ضحكة رنانة، ضحكة من القلب لم تزرنا منذ زمن بعيد.. سنعد معاً طعاماً بسيطاً بلا كلفة، ربما نحمله معنا ونسلم أجسادنا للريح.. للهواء، ونستلقي علي الخضرة في أي حديقة عامة، نراقب قفزات الصغار حولنا كعصافير ملونة اكتشفت وجود الريح فتحركت لديها الأجنحة بعفوية، اليوم لا تحكي عن المشكلات المتراكمات ولا تدع غيرك يحشو بها رأسك المشحون، انس، واجعله ينسي ولو ليوم كل أسباب العذاب، لا تستسلم اليوم لحزن وارد أو دفين، لا تجعل نفسك كظلام لا يستقبل الضوء، ولو لليلة.. ليلة واحدة تفرغ فيها النفس والقلب والعقل مما كان، لتصبح اليوم إنساناً جديداً، طفلاً وليداً، يمكنه أن يبدأ الغد من جديد، حتي يحتمل ما هو قادم بعد أن تخلص مما كان.
اليوم ادعوكم لنحلق مع الأحلام، مع طائرات الورق، مع رائحة البحر، مع الابتسام، بعيداً عن الكلام عن لغة اللوم والأنين والعتاب، لنقضي يوماً واحداً بلا كدر، حتي لو طاردتكم أسباب هذا الكدر عرضاً فاهربوا منها، اهربوا إلي الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.