أصاب فيروس كورونا المستجد مئات الآلاف من المواطنين فى مختلف دول العالم حتى الآن، ولكن الملاحظة الأبرز فى الإحصائيات الصادرة عن هذا المرض، هو ندرة الإصابات المسجلة للأطفال، ما دعا الكثيرين للتساؤل عن أسباب هذا الأمر. خبراء وأطباء، كشفوا عن أسباب ذلك، مشيرين إلى أن الفيروس يصيب كبار السن بالدرجة الأولى، كما أن المناعة الذاتية للأطفال تحميهم من الإصابة وتعطيهم قدرة على مقاومة الفيروس، فضلا عن احتمالية تعرض الأطفال للعدوى ولكن دون ظهور أعراض والوصول للحالة المرضية. قال الدكتور أيمن السيد سالم، رئيس قسم الصدر بكلية طب قصر العينى، إن 75% من الحالات المصابة بفيروس كورونا أكبر من 40 سنة و25% من 15 إلى 40 سنة. وأضاف سالم، أن نسبة إصابة الأطفال بالفيروس تكاد تقترب من الصفر، لأنه يصيب كبار السن بالدرجة الأولى. وأوضح رئيس قسم الصدر بكلية طب قصر العينى، أن الأطفال لديهم أعلى مقاومة لفيروس كورونا، مشيرا إلى أن الفيروس كائن طفيلى لا يعيش إلا على جسد حيوان أو شخص. ولفت سالم، إلى أنه من الممكن إصابة الأطفال بعدوى الفيروس ولكن أغلبهم لا يصل إلى حالة مرضية مثل كبار السن، ولا يشكو من كحة أو سعال أو حرارة مرتفعة بسبب مقاومته العالية التى تقضى على الفيروس داخله. وتابع سالم: «فيروس كورونا لا ينتقل فى الهواء كما يشاع، ولكنه ينتقل عن طريق العطس أو السعال»، لافتا إلى أن أى شخص لديه أعراض سعال أو عطس وكان بينه وبين أى شخص آخر مسافة متر واحد فإن الأخير لا يمكن إصابته بعدوى الفيروس، لأن هذه مسافة لا تسمح للفيروس بالانتقال. وأوضح سالم، أن الكمامة تمنع إلى حد كبير الإصابة بعدوى فيروس كورونا، حيث إنها تعد بمثابة فلتر يمنع الفيروسات من الانتقال للأشخاص المحيطين بالشخص المصاب. فيما قال الدكتور حسن رجب، إخصائى طب الأطفال وحديثى الولادة، إن تأثر الأطفال بخطر الإصابة بفيروس كورونا محدود للغاية. وأضاف رجب، أن نسبة إصابة الأطفال بالفيروس عالميا لم تتجاوز ال 3% كما أن التقارير العالمية لم ترصد أى حالة وفاة للأطفال الأقل من 12 عاما بسبب المرض. وأوضح رجب، أن الدراسات تشير إلى أن المناعة الذاتية لدى الأطفال قادرة على مقاومة الفيروس، لافتا إلى أن الصين أغلقت مدارسها بعد انتشار المرض ما لعب دورا كبيرا فى الحد من نسب الإصابة، ولذلك ترجع أهمية تعليق الدراسة لحماية الأطفال. وفى دراسة حديثة نشرتها مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، شملت تدقيقا للمرضى الراقدين فى مستشفى جينيتان فى ووهان الصينية، المدينة التى تعد مركز انتشار الوباء، توصلت إلى أن أعمار أكثر من نصف المصابين بالفيروس تتراوح بين ال 40 وال 59 عاما، وأن 10% فقط من المصابين كانوا دون سن التاسعة والثلاثين. وخلص الباحثون إلى أن الإصابات بين صفوف الأطفال كانت نادرة الوقوع، مشيرين إلى أن هناك العديد من النظريات التى تحاول تفسير هذه الظاهرة، ولكن الخبراء فى مجال الصحة العامة عاجزون إلى الآن، عن تفسير سبب قلة الإصابات فى صفوف الأطفال. وقال أستاذ علم الفيروسات فى جامعة ريدينغ الإنجليزية، إيان جونز، فى تصريحات لشبكة بى بى سى البريطانية، إنه لأسباب ليست واضحة لنا بدقة، يبدو أن الأطفال إما تفادوا الإصابة تماما، أو أن إصاباتهم ليست حادة. وقد يعنى ذلك أن الأطفال يصابون بنموذج أخف من المرض، بحيث لا تظهر عليهم أى أعراض، ما يؤدى فى نهاية المطاف إلى تجنب أهلهم التوجه بهم إلى الأطباء أو المستشفيات، وبالتالى إلى عدم تسجيل حالات إصاباتهم. وتتفق مع هذا الرأى، المحاضرة فى كلية لندن الجامعية، ناتالى ماكديرموت، التى قالت إن للأطفال الذين تتجاوز أعمارهم 5 سنوات وللمراهقين أجهزة مناعة محفزة لمقاومة الفيروسات، فقد يصاب هؤلاء بالعدوى ولكن المرض سيكون لديهم أخف وطأة أو قد لا تظهر عليهم أى اعراض نهائيا. وليس هذا أمرا فريدا بالنسبة لانتشار فيروس كورونا الحالى فى الصين، فثمة سوابق، ففى انتشار مرض «سارس» الذى سببه فيروس من نوع كورونا أيضا، فى الصين عام 2003، وأودى بحياة 800 شخص تقريبا كانت نسبة الإصابة بين الأطفال منخفضة أيضا. وفى عام 2007، أعلن مركز السيطرة على الأوبئة الأمريكى أن 135 طفلا أصيبوا بفيروس «سارس»، ولكن لم تسجل أى حالة وفاة بين الأطفال واليافعين.