الأرقام الرسمية: حمام عمومى لكل 230 ألف مواطن فى العاصمة خبير إدارة محلية: الحمام العمومى فكرة استثمارية تحقق 14 مليار جنيه كل عام بحسب آخر الإحصائيات يوجد فى القاهرة ما يقرب من 44 حماماً عمومياً مفتوحاً لاستخدام المواطنين وذلك من أصل 175 دورة مياه تزامناً مع وصول عدد المواطنين إلى 10 ملايين شخص، وطبقاً لهذه الأرقام فنجد فى المتوسط دورة مياه عمومية واحدة لكل ربع مليون مواطن متجول يومياً. كما أعلنت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أن عدد دورات المياه فى المحافظات 1288 دورة مياه فقط. وأكد مواطنون ل«الوفد» فإن مناطق الزحام الشهيرة مثل العتبة وموقف الأقاليم فى المنيب ورمسيس لا يوجد بها حمامات عمومية. ما يجعلهم يقعون تحت رحمة البائعين من أصحاب المحلات والكافتيريات بعدما عجزوا فى البحث عن البديل وهو المساجد، ولكن فى العادة يكون مغلقاً فى أوقات غير الصلاة، ففى رمسيس نجد مسجد الفتح الذى يعد ملاذا للمغتربين يستريحون به ويقضون حاجاتهم ليواصلوا اليوم، وفى ميدان الجيزة حيث الزحام الشديد نجد مسجد الاستقامة، يهرعون إليه المواطنون هرباً من استغلال اصحاب المحلات لهم مقابل استخدام الحمام. على بعد أمتار من محطة المترو العتبة، بدأت «الوفد» رصد حال الشوارع فنجد موقف الأتوبيس، حيث يقبل العشرات من المواطنين للذهاب إلى المناطق المختلفة ويبحث البعض منهم على حمام عمومى، ولكن دون جدوى ما يجبر العشرات من المواطنين على قضاء حاجاتهم أسفل الكبارى وفى أزقة الشوارع الجانبية. وجوه غاضبة.. تحركات غير محسوبة.. وأناس يضعون مناديل على أنوفهم لتجنب الروائح الكريهة التى تنبعث من جوانب موقف الأتوبيس، وبالسؤال عن مصدر تلك الرائحة قال عدد من المواطنين إنه نتيجة «تبول» الركاب على جانبى الموقف لعدم توافر حمام عمومى. «أنا راجل عندى السكر ولو انتظرت فى قضاء الحاجة ممكن تجيلى غيبوبة».. بهذه الجملة استهل شاكر فضل، رجل ستينى مصاب بالسكر منذ عشرة أعوام، وقال إن الطبيب حذره كثيراً من الانتظار حال شعوره بالرغبة فى قضاء الحاجة. وقال «شاكر» إن كثيراً ما يتجول فى منطقة وسط القاهرة بالتحديد شارع 26 يوليو، للتردد على بعض الأطباء، وفى العيادة يحرص على قضاء حاجته قبل المغادرة لعدم وجود حمامات عمومية فى الشوارع، وتابع: «لما بانزل باخد تاكسى لحد مصر الجديدة لأنى مضمنش ممكن أتعب فى أى وقت وأحتاج لحمام.. ومقدرش أعمل حاجة فى الشارع مش خوف من القانون ولكن لاحترام سنى». كما قال فكرى حامد، مريض سكر، إنه تعرض من قبل لغيبوبة سكر حينما كان يتجول لشراء بعض المتطلبات المنزلية من منطقة وسط البلد، وشعر بشكل مفاجئ برغبته فى قضاء الحاجة وظل يبحث كثيراً عن حمام عمومى ولكنه عجز، وأصيب بالغيبوبة. وتابع: «مقدرش أعمل حمام فى الشارع.. ده مش منظر حضارى ولا دى من سلوكياتى وأنا راجل موظف أخاف حد يشوفنى أعمل كده عندى أموت أحسن». والتقط أطراف الحديث، حمادة سالم، طفل، لا يتجاوز عمره ال8 أعوام، وقال إنه لا يستطيع تحمل السير مسافات بعيدة، وهو يشعر بالرغبة الشديدة فى قضاء الحاجة، مقارنة بالشباب. وتابع: «أنا طفل واستحمل إزاى اقعد ساعات لحد ما ألاقى حمام علشان أقضى حاجتى.. أنا بتصرف فى أى مكان علشان صحتى». «أنا حامل وساعات بحس بالموت لما مش بلاقى حمام».. بهذه الجملة استهلت صابرين، سيدة فى الأربعين من عمرها حديثها، وقالت إنها تعتاد الذهاب إلى ميدان التحرير لقضاء العديد من المصالح الحكومية، وتبحث عن الحمام العمومى لقضاء حاجتها ولكن لا تجد. وتابعت: «أنا لما بحتاج حمام بحاول اتعامل مع أى محل تجارى كبير أو كافيتريا أحاول أستخدم الحمام ولو بمقابل». وأشارت «صابرين» إلى أنه حال توافر حمام عمومى لن يكون على المستوى الآدمى للاستخدام، بل عدم استخدامه أفضل للصحة، فحال الدخول لحمام متهالك تفوح منه روائح تشمئز منها الأنوف قد يعرضك لحالة غثيان. كما قال مريض سكر يدعى على حمدى إنه لا يستخدم الحمامات العمومية على الإطلاق حتى حال توافرها لعدم صالحيتها للاستخدام الآدمى، وتابع: «أنا عندى أموت ولا أدخل حمام عمومى.. ده أنا يغمى عليا لو شميت ريحته». ومن منطقة العتبة إلى موقف الأقاليم فى المنيب حيث يقع المسافرون تحت رحمة أصحاب المحلات ليسمحوا لهم بالدخول للحمام الخاص بهم لعدم وجوده فى الخدمات العامة لهم. «شخلل علشان ترتاح».. هكذا شعار أصحاب المحلات فى منطقة المنيب لكى يسمحوا للمسافرين بقضاء حاجتهم داخل الحمامات وقال أحمد عباس أحد المسافرين إنه اعتاد على السفر أسبوعياً لمحافظة سوهاج وفى الموقف يشعر بضرورة قضاء حاجته وظل يتجول كثيراً بناحية الموقف بحثاً عن حمام عمومى ولكنه عجز. وتابع: «دفعت 5 جنيهات نظير دخول الحمام واستعماله براحتى علشان محدش يقولى كل شوية يلا يا فلان». ويشير المسافر إلى ان تذكرة دخول الحمام من جنيهين إلى خمسة جنيهات بحسب ما تريد قضاء الوقت بداخله أو على حسب مستوى نظافة الحمام. وأشار المسافر إلى أنه مثل غيره من المسافرين حاول البحث عن مسجد للهرب من استغلال أصحاب المحلات ولكن هذا من المستحيل إذا شعرت بالأزمة فى أوقات غير الصلاة، فتجد المساجد مغلقة إن وجدت من الأساس فى منطقة السفر. ومن مواقف المواصلات إلى مترو الأنفاق واستكملت «الوفد» جولتها بعدد من المحطات ووجدت الخدمات المقدمة للركاب من توافر حمامات ذات خدمات آدمية نظير دفع جنيهين أو أكثر على حسب «إكرامية» الراكب للفرد الذى يوجد خارج الحمام نظير الخدمة، وذلك ليس فى كل المحطات بل فى البعض منها. قانون «قضاء الحاجة» قال خالد حنفى، عضو مجلس النواب، وعضو اللجنة التشريعية، إن جريمة قضاء الحاجة فى الشوارع «التبول» موجودة بالفعل ضمن نصوص قانون العقوبات المادة 278 التى تنص على أن «كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه». وأشار عضو مجلس النواب إلى أن تلك الجريمة لا تحتاج لمشروع قانون جديد من أجل تغليظ العقوبة، ولكن يحتاج لتطبيقه على أرض الواقع كما هو موجود فى قانون العقوبات ولكن بشروط، منها توافر الحمامات العمومية بشكل كافٍ يسمح للمواطنين بقضاء حاجتهم دون اللجوء لتصرفات غير لائقة حضارياً. ونوه عضو مجلس النواب بأن هناك شروطاً لا بد من توافرها بشأن إنشاء حمام عمومى منها أن تكون المنطقة بها جهات خدمية عديدة يقبل عليها الكثير من المواطنين، كما يمكن إنشاؤها فى الميادين العامة المعروفة ومواقف المواصلات، مشيراً إلى أن ذلك لابد أن يتم تحت إشراف كامل من رؤساء المدن والأحياء بالتنسيق مع الجهات الشرطية لمنع ما يحدث الآن من وجود أناس لا نعلم هويتهم، والمسئولية هنا ليست على عاتق المحليات فقط بل على المواطنين فيجب أن يكون لديهم الوعى الكافى بضرورة توافر «أى دى» على ملابس الفرد الموجود أمام الحمام يثبت أحقيته فى تحصيل الرسوم ومعه ورقة رسوم، غير ذلك يتم تقديم بلاغ للشرطة ضده. الحمامات العمومية «كنز» قال الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية وتطوير العشوائيات، إن إنشاء الحمامات العمومية ليس مسئولية التنمية المحلية فحسب بل هى مسئولية مشتركة للحكومة، وتنفذها الأحياء والوحدات القروية، مشيراً إلى أن وجود الحمامات العامة فى مصر ضعيف جداً حتى فى الأماكن العامة، مثل ميدان التحرير والإسعاف وغيرهما. وأشار إلى أن جريمة قضاء الحاجة «التبول» فى الشوارع تدخل ضمن بنود قانون العقوبات تحت مسمى الفعل الفاضح فى الطريق العام، ولكن من الصعب تطبيقه على المواطنين نظراً لعدم توافر الحمامات العمومية بشكل كافٍ. ونوه «عرفة» بأنه فى مصر 27 محافظة و184 مركزاً و1411 رئيس وحدة قروية، جميعهم مسئولون عن إنشاء الحمامات العمومية، ولكن الميزانية التى يملكونها لا تسمح، مؤكداً أن هناك قرابة 4726 قرية فى المحافظات لا يوجد فيها حمام عمومى واحد، أو فى المراكز. ويكمل أستاذ الإدارة المحلية حديثه، بأن الحكومة لو اعتنت بالفكرة الخاصة بإنشاء الحمامات العمومية فى الميادين التى تشهد زحاماً شديداً وبجوار المنشآت الحكومية والخدمية، لاستطاعت أن تحقق دخلًا لمصر يقدر ب14 مليار جنيه سنوياً، فعدد المصريين تجاوز ال99 مليون نسمة فى الداخل، وفى الخارج 10 ملايين مصرى، وإذا تم تطبيق الفكرة بنجاح يمكن لكل محافظة أن تحقق دخلاً خاصاً بها من خلال فرض رسم قيمته جنيه واحد مقابل استخدام الحمام. وحول مشروع القانون المقدم من النائب ماجد طوبيا بشأن «قضاء الحاجة»، قال «عرفة» إنه يحاول تغليظ العقوبة، ولكن هذا غير متاح، ومن الصعب تطبيقه، بل من المستحيل مع عدم توافر الحمامات العمومية بشكل كافٍ. كما أشار أستاذ الإدارة المحلية إلى أن الدول الخارجية تعتنى بالحمامات العمومية بشكل لا يتخيله عقل، وعلى أعلى مستوى تقدم الخدمات، فهناك حمامات عمومية ليس فقط لقضاء الحاجة بل للاستحمام، وحمامات إلكترونية وغيرها للوقاية من أشعة الشمس، وفى مصر لا نعتنى من الأساس بوجود الحمام العمومى.