في لحظة صعبة من المناظرة الرئاسية الثانية، هاجم الرئيس الأمريكي الديمقراطي "باراك أوباما" منافسه الجمهوري "ميت رومني" بسبب انتقاد المرشح الجمهوري لتعامل إدارته مع الهجوم القاتل على القنصلية الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية محاولا تصويره على أنه لا يصلح لمنصب القائد العام الأمريكي. وفي مسعى لكسب الأرض التي فقدها بسبب أدائه الضعيف في مناظرتهما الرئاسية الأولى، حاول أوباما استعادة الزخم لحملته في سباق صعب على البيت الابيض وتصدى لاتهامات منافسة بأنه هون من شأن الهجوم الذي شنه متشددون إسلاميون على القنصلية الامريكية في بنغازي يوم 11 سبتمبر ايلول الماضي في ذكرى هجوم عام 2001 على الولاياتالمتحدة والذي قتل فيه السفير الامريكي كريستوفر ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرون. وبدا رومني الذي هيمن على لقائهما السابق مذهولا بينما شن أوباما هجوما مضادا على منافسه الجمهوري في قضية ليبيا التي تحولت الى قضية محورية في الحملة الانتخابية الأمريكية ولم يبق على الانتخابات سوى ثلاثة أسابيع. وحدثت هذه المواجهة قرب انتهاء المناظرة الرئاسية الثانية التي جرت في جامعة هوفسترا في هامبستيد بنيويورك مساء الثلاثاء وهيمنت عليها في الأغلب قضايا الاقتصاد والوظائف والضرائب . وحاول رومني ومساعدوه استغلال هجوم بنغازي وأيضا الاضطرابات المناهضة للولايات المتحدة في دول أخرى في العالم العربي للنيل من رصيد أوباما فيما يتعلق بالأمن القومي واتهامه بانتهاج سياسة فاشلة في الشرق الأوسط. لكن "أوباما" صال وجال وهاجم "رومني" واتهمه بمحاولة استغلال هجوم بنغازي ومقتل السفير لتسجيل نقاط سياسية. وقال أوباما: "بينما كنا لا نزال نتعامل مع المخاطر التي تهدد دبلوماسيينا أصدر الحاكم رومني بيانا صحفيا محاولا تسجيل نقاط سياسية وهذا ليس من شيم القائد العام" مشيرا الى مسارعة الجمهوريين الى انتقاد رد فعل الإدارة الأمريكية قبل أن تتكشف الأبعاد الكاملة للهجوم. وتشاحن أوباما ورومني بشدة أمام مجموعة من الناخبين لم يحسموا أمرهم بعد حول ما إذا كان الرئيس الأمريكي قد توصل بالسرعة الكافية الى أن هجوم بنغازي هو هجوم إرهابي. وقال أوباما: "وقفت في روز جاردن (حديقة البيت الابيض) وقلت للشعب الامريكي وللعالم اننا سنعرف ما حدث تماما وأن هذا عمل إرهابي". وسارع "رومني" إلى التعبير عن تشككه وتحدى تأكيدات أوباما غير مدرك فيما يبدو بالتصريحات التي أدلى بها الرئيس الامريكي في الصباح التالي لهجوم بنغازي. وقال أوباما لرومني فيما يشبه ضربة قاضية في مناظرتهما التي استمرت 90 دقيقة "عد إلى النص". وقال كاندي كرولي منسق المناظرة موجها حديثه لرومني ومصدقا على أقوال أوباما: "لقد فعل ذلك حقا يا سيدي. لقد وصفه (الهجوم) بأنه عمل إرهابي". ويظهر نص الكلمة التي ألقاها الرئيس الأمريكي في روز جاردن في ذلك اليوم قول أوباما: "لن يهز أي عمل إرهابي عزيمة هذه الأمة العظيمة". لكن بالرغم من هذا التصريح أرجع بعض كبار مساعدي أوباما هجوم بنغازي إلى الاحتجاجات التي نظمت ضد فيلم مسيء للنبي "محمد" قبل أن يعترفوا بعد مرور بعض الوقت أنه هجوم إرهابي. وفي تسجيل آخر يوم 24 سبتمبر لأوباما مع شبكة "إيه.بي.سي"، لم يكن الرئيس حاسما حين سئل عما اذا كان هجوم بنغازي عملا إرهابيا، وقال: "لم يكن مجرد عمل من أعمال الغوغاء" وأشار إلى تحقيق مستمر. وأعلن أوباما يوم الثلاثاء ولأول مرة مسئوليته عن هجوم بنغازي. وقال إنه "مسئول في نهاية الامر" عن سلامة وأمن الأمريكيين الأربعة الذين قتلوا في هجوم الشهر الماضي. وقال أوباما: "أنا الرئيس وأنا المسئول دائما". وحاول "رومني" تفادي الخطأ الذي وقع فيه وتحدث عن التفسيرات المتغيرة التي قدمتها إدارة أوباما عن الحادث ملمحا الى محاولة للتضليل. وقال: "استغرقوا وقتا طويلا للقول إنه عمل إرهابي نفذته جماعة إرهابية". وذكر مسئولون أمريكيون أنه طوال الأشهر التي سبقت هجوم بنغازي حذرت أجهزة المخابرات الأمريكية ومخابرات الحلفاء البيت الأبيض ووزارة الخارجية مرارا من أن المنطقة أصبحت مرتعا خطيرا للجماعات الجهادية المرتبطة مع القاعدة بشكل فضفاض. وبالرغم من هذه التحذيرات والتواجد العلني الجريء للمتشددين الإسلاميين في شتى أنحاء بنغازي نصحت الخارجية الأمريكية السفارات حول العالم بالتصرف بهدوء وبشكل طبيعي في ذكرى هجوم سبتمبر عام 2001 على الولاياتالمتحدة. وأظهرت استطلاعات الرأي أن الأمن القومي من نقاط قوة أوباما خاصة بعد مقتل الزعيم الراحل للقاعدة أسامة بن لادن. وواصل أوباما هجومه على رومني فحاول تصوير منافسه الجمهوري الذي يفتقر للخبرة في السياسة الخارجية وبدا غير واثق خلال ظهوره المحدود على المسرح العالمي بأنه لا يصلح لشغل منصب القائد العام في عالم محفوف بالمخاطر. ورد رومني الهجوم قائلا إن حادثة بنغازي "تشكك في مجمل سياسة الرئيس في الشرق الاوسط." واستطرد: "انظر لما يحدث في سوريا ومصر وليبيا الآن. فكر في المسافة بيننا وبين اسرائيل".