«التنظيم والإدارة» يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف حتى نهاية العام    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    رئيس تجارية القليوبية: التمويل التنموي يحفز الاستثمارات ويعزز تنافسية القطاع الخاص    الأردن: انتهاك مجالنا الجوي محاولة لجرنا إلى صراع إسرائيل وإيران    السعودية: وصول طلائع الحجاج الإيرانيين إلى مطار "عرعر" تمهيدًا لمغادرتهم    أوليس أفضل لاعب بمباراة بايرن ميونخ ضد أوكلاند سيتى فى كأس العالم للأندية    قافلة الصمود تتراجع إلى نقطة آمنة بسرت في ليبيا "حتى إطلاق سراح الموقوفين"    بايرن ميونخ يكتب التاريخ في مونديال الأندية| رقمان جديدان    تحفظ جديد من إدارة الزمالك بشأن صفقات فريق الكرة    مصر لا تنسى تضحيات أبنائها المخلصين| إطلاق مبادرة للأبناء القصّر لشهداء القوات المسلحة والشرطة والمدنيين    تأجيل مؤتمر مهرجان جرش للثقافة والفنون    نجوى كرم تطرح أحدث أغانيها «حالة طوارئ» | فيديو    وجدي زين الدين: إسرائيل تخوض حربًا دينية والهدف الحقيقي من التصعيد هو مصر    طرح البوستر الرسمي ل «مملكة الحرير» بطولة كريم محمود عبد العزيز    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوجيهات رئاسية جديدة تتصدر نشاط السيسي اليوم    صراع مع آلة لا تعرف الرحمة.. «نيويورك تايمز»: الذكاء الاصطناعي يدفع البشر للجنون    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    توتر في الأهلي.. لماذا انفجر بن شرقي بسبب صدام إنتر ميامي؟    التعليم: تدريب مجاني لمعلمي الإنجليزية بالتنسيق مع السفارة الأمريكية -(مستند)    رامي جمال يوجه رسالة لجمهور جدة بعد حفله الأخير    «جزار الوراق» ينكر التعدي على تلميذة: «ردت علىَّ بقلة ذوق فضربتها بس» (خاص)    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    المتحف المصري الكبير يستقبل الزائرين.. وإلغاء قرار الغلق بداية من اليوم    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    رئيس وزراء العراق: نرفض اختراق أجوائنا ونبذل أقصى درجات ضبط النفس    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    طريقة عمل فطيرة السكر باللبن في خطوات بسيطة    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    تعليم الأقصر: غرفة العمليات لم تتلقَ أي شكاوى بشأن امتحاني مادتي التربية الوطنية والدين للثانوية العامة    توتنهام يضم الفرنسي ماتيل تيل بشكل نهائي من بايرن ميونخ    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    استمرار استقبال محصول القمح المحلي للمواقع التخزينية بالشرقية    "طوارئ" بشركات الكهرباء تزامنًا مع امتحانات الثانوية العامة    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    ماراثون الثانوية العامة بدأ.. طلاب الأقصر يتوافدون على اللجان لأداء أول يوم امتحانات    الأهلي أوقفه.. ميسي يتعطل لأول مرة في كأس العالم للأندية    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعليق ساخر من مجدي عبد الغني على مدرب الأهلي قبل مواجهة إنتر ميامي    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف مكي يكتب :معركة أكتوبر: نجاح السلاح وفشل السياسة
نشر في الوفد يوم 16 - 10 - 2012

في السادس من هذا الشهر، احتفل العرب بالذكرى التاسعة والثلاثين لمعركة العبور الخالدة، حيث أسقط الجيشان المصري والسوري إلى الأبد، أسطورة الجيش »الإسرائيلي« الذي لا يقهر . تمكن الجيش المصري من قهر كل العقبات التي تحول دون اقتحام الحاجز المائي المتمثل في قناة السويس، وحطم خط بارليف، ورفع العلم المصري مجدداً، فوق أرض سيناء . وبالمثل عبر الجيش السوري مرتفعات الجولان، وضربت المدفعية السورية قرب بحرية طبريا وسهل الحولة .
ورغم تمكن »الإسرائيليين« في الأيام الأخيرة من الحرب من استعادة زمام المبادرة على الجبهتين، فإن العرب أثبتوا قدرتهم على القتال والمبادرة .
قراءة تطورات الصراع العربي الصهيوني، على مختلف المسارات، وفي المقدمة منها، القضية الفلسطينية، بما في ذلك إجبار الفلسطينيين، على الرحيل عن بيروت بعد غزو »إسرائيل« للبنان صيف العام 1982م، وانتفاضة أطفال الحجارة، وتوقيع اتفاقية أوسلو العام 1993م، لن تكون منطقية وصائبة ما لم توضع في سياق النتائج التي أفرزتها معركة العبور .
فنتائج هذه الحرب، نقلت الخيار الاستراتيجي في الصراع العربي مع الصهاينة، من طابعه الصراعي المسلح، إلى التفاوض السلمي . ولم يكن ذلك مجرد انتقال في آليات وأدوات الصراع ولكنه، وذلك هو الأهم، انتقال في الأهداف وفي الرؤية العربية الرسمية إلى الصراع . فلم يعد الصراع، مع الصهاينة صراع وجود، ولذلك غيبت نتائج التسويات على المشروع النهضوي الذي بشر به قادة مرحلة الانبعاث العربي، منذ منتصف القرن التاسع عشر، واستمر صعوداً حتى نهاية الستينات من القرن المنصرم .
في متابعة مسار ونتائج حرب أكتوبر على الصعيدين، السوقي والسياسي، تحضر بقوة إلى الذهن، مقاربة بين نتائج هذه الحرب ونتائج نكسة يونيو العام 1967م . في حرب يونيو استطاع الكيان الصهيوني، أن يضاعف مساحة الأراضي العربية التي استولى عليها إلى أكثر من ثلاث مرات . استولى على سيناء بالكامل، وقطاع غزة والضفة الغربية ومدينة القدس، ومرتفعات الجولان . ودمرت كامل هياكل الجيوش العربية في دول المواجهة . ورغم النتائج الكارثية لهذه الحرب، فإن العرب خرجوا في القمة العربية التي عقدت بالخرطوم بعد أسابيع قليلة من النكسة، بلاءات ثلاث شهيرة، أكدت رفض المفاوضات والاعتراف والصلح بالكيان الصهيوني . فشل السلاح في هذه المعركة، وانتصرت السياسة . وكان لتبني العرب في ذلك المؤتمر قراءات بدعم دول المواجهة لإزالة آثار العدوان، الدور الأساس في التماسك العربي، وإعادة بناء القوة العسكرية العربية لإزالة آثار العدوان .
في الصورة الأخرى، أثبت المقاتل العربي، قدرته على الإمساك بزمام المبادرة، واقتحام الحصون، وتحرير الأرض وتدمير خطوط العدو وإنجاز انتصارات باهرة، على الجبهتين المصرية والسورية . وقد لعب النفط العربي، لأول مرة في تاريخ الصراع، دوراً تضامنياً وحاسماً، ومع ذلك تراجع دور السلاح، أمام السياسة التي صار لها الدور الأوفى عربياً، بل الأوحد في تقرير مصير المنطقة .
تحقق فصل قوات بين الجيشين المصري و»الإسرائيلي«، على الجبهة المصرية، وتبعه فصل آخر للقوات، مماثل على الجبهة السورية، ثم فصل ثان للقوات على الجبهة المصرية . وقد تم ذلك كله بمسعى حثيث من مستشار الرئيس نيكسون لشؤون الأمن القومي، هنري كيسنجر، الذي عرف برحلاته المكوكية إلى المنطقة، وبخطته لحل أزمة الشرق الأوسط المعروفة، بسياسة الخطوة خطوة، كمرحلة أولى قبل انعقاد مؤتمر دولي للسلام، ترعاه الإدارة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق، ويشارك فيه كل أطراف الصراع . وكان معنى ذلك، أن الإدارة الأمريكية أمست الممسك الوحيد بزمام مفاتيح التسوية بالمنطقة، وأنها كما قال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، تمسك ب 99% من أوراق الحل .
على الصعيد الفلسطيني، يلتقي الرئيس المصري أنور السادات في القاهرة بوفد من منظمة التحرير، يبلغ الوفد أن قطار التسوية سيسير بسرعة، وأن كل متردد للصعود في مقصورته سيفوته اللحاق به . ويعد الرئيس السادات أنه سيكون للفلسطينيين مقعد في المؤتمر الدولي للسلام الذي سيعقد في جنيف لتسوية الصراع العربي الصهيوني . يسيل لعاب بعض القيادات الفلسطينية للمشاركة في المؤتمر الدولي المرتقب، ويعقدون اجتماعات مكثفة، يخلصون بعدها إلى سياسة القبول بالممكن، باعتبار ذلك استجابة منطقية لشعار خذ وطالب، فيبدأ الحديث عن دولة فلسطينية، تقام على الأراضي التي احتلتها »إسرائيل« أثناء حرب 1967م، والتي يتم تحريرها عن طريق القوة المسلحة، أو من خلال مفاوضات سياسية مباشرة مع العدو الصهيوني .
لكن الانتقال الحقيقي، لغلبة السياسة على المقاومة، أخذ مكانه بعد احتلال العاصمة اللبنانية بيروت من قبل الجيش »الإسرائيلي« في صيف ،1982 فقد أحدث ذلك الغزو تغيراً كبيراً في خريطة النضال الفلسطيني، ونقل مركز جاذبيته من الشتات، حيث الحلم الفلسطيني في التحرير، كلياً وشاملاً، للأرض الفلسطينية من البحر إلى البحر، إلى الأراضي التي احتلتها »إسرائيل« في عدوانها على العرب العام ،1967 وتحديداً الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث هدف التحرير يقتصر على استعادة تلك الأراضي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فوقها .
لم يكن الانتقال في أهداف واستراتيجيات منظمة التحرير الفلسطينية، بعد مغادرة قوات المقاومة للعاصمة بيروت، تعبيراً عن إخفاقات عسكرية فلسطينية أمام ضراوة الهجمات »الإسرائيلية« فحسب، بل إن له علاقة مباشرة، بانتقال مركز الجاذبية في الصراع الفلسطيني مع الصهاينة، من المخيمات الفلسطينية بالشتات، إلى الداخل الفلسطيني الذي كان العامل الرئيس فيه تضعضع المشروع النضالي للفلسطينيين بالشتات .
لقد شكلت المخيمات الفلسطينية في الأردن وسوريا ولبنان العمود الفقري للمقاومة الفلسطينية، منذ انطلاقتها في منتصف الستينات من القرن المنصرم . فاللاجئون الفلسطينيون الذين أجبروا على البقاء في الشتات منذ نكبة فلسطين العام 1948م، كانوا هم المعين الذي لم ينضب لحركة المقاومة . وبطبيعة وجودهم خارج حدود فلسطين التاريخية، ونظراً للظروف الموضوعية التي أحاطت بالضفة الغربية وقطاع غزة، لم يكن منطقياً أن تكون تلك المناطق مراكز أساسية للعمل الفلسطيني المقاوم . فالضفة الغربية، لم تكن حتى حرب حزيران العام 1967م، أرضاً محتلة، بل كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية، وقطاع غزة، كذلك لم يكن محتلاً بل كان تحت سيطرة الإدارة المصرية . تغيرت هذه المعادلة رأساً على عقب، وأحدث تغيرات دراماتيكية في خريطة الصراع، وتركت ظلالها قوية عليه، وأدت في نتيجتها إلى غلبة السياسة على المقاومة، هذه الطريحة هي ما سوف نتناوله في حديثنا المقبل بإذن الله .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.