تربطني بالبحر الاحمر علاقة خاصة جدا فهي اقرب محافظة ساحلية الي محافظة قنا مسقط رأسي وبها توجد اكبر نسبة من ابناء قنا بين بقية المحافظات الاخري كما يعمل بها اصدقاء الدراسة ورفاق العمر وبعض اقاربي في شتي المرافق من البترول الي السياحة الي البنوك .. وفي النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي اخترت احد فنادق الغردقة الشهيرة للاحتفال بزفافي وخلال تلك السنوات ازدادت علاقتي قربا الي البحر الاحمر حتي غدت بالنسبة لي قدرا جميلا لا مفر منه حتي شرفني مؤخرا الدكتور السيد البدوي رئيس الوفد باختياري رئيسا لتحرير جريدة وفد البحر الاحمر لتصبح صوت اهالي المحافظة العريقة التي تمتد علي طول ساحل البحر الأحمر من حلايب وشلاتين حتي السويس والمعبرة عن امالهم وطموحاتهم في ظل المتغيرات التي يمر بها الوطن. البحر الأحمر بالنسبة لي هي احد تجليات عبقرية المكان وقصة حب لا تنتهي ابدا.. وهي تبدو في عقلي الباطن كمدينة اسطورية في رواية خيالية كأنها احدي مدن الف ليلة وليلة التي يغلب فيها الخيال علي الواقع والاسطورة علي الحقيقة. فها هي البحر الأحمر التي كانت حتي ثمانينيات القرن الماضي نسيا منسيا بعد ان تجاهلتها كافة حكومات الحزب الوطني، تتحول الي رقم مهم في معادلة الاقتصاد الوطني ويكفي ان نعلم انها تستحوذ علي 67٪ من انتاج البترول ناهيك عن كافة المعادن الاخري الثمينة مثل الذهب الذي اكتشف بكميات كبيرة مؤخرا هذا بخلاف اهميتها السياحية حيث اصبحت منافسا خطيرا لشرم الشيخ لتنوعها الاحيائي والبيولوجي وسحبت منها البساط احيانا واصبحت الوجهة السياحية المفضلة للسياح المصريين والعرب والاجانب وخصوصا الالمان والروس والهولنديين والاسبان وزادت اهمية المحافظة مؤخرا بعد افتتاح ممر التنمية من سوهاج الي البحر الأحمر مباشرة. البحر الاحمر في اعتقادي تمتلك الي جانب اهميتها السياحية العالمية كل المؤهلات لان تصبح مركزا بحريا عالميا مثل سنغافورة لتقديم خدمات الترانزيت والشحن والتفريغ للسفن والمناولة البحرية كما يمكن ان تصبح مركز صيد عالميا لطول الشاطيء علي البحر الاحمر وكل هذا يضاف الي اهميتها كوجهة سياحية عالمية يفضلها الكثير من الاوروبيين لممارسة رياضة الغطس ومشاهدة الاحياء البحرية والاستمتاع بالسياحة العلاجية خصوصا في سفاجا التي تعد مشفي سياحيا بامتياز لعلاج امراض الروماتيزم والصدفية. الغريب انه رغم الامكانيات الهائلة التي تمتلكها البحر الاحمر الا انها تعاني العديد من المشاكل علي رأسها تركيز التنمية السياحية في الغردقة فقط دون باقي مدن المحافظة وسوء حالة الطرق خصوصا داخل المدن اتجاه واحد او خارجها مثل طريق الزعفرانة السويس الذي تحول الي مصيدة للموت واخرها الحادث الاخير الذي راح ضحيته عشرات الاجانب بين قتيل وجريح ناهيك عن تدهور العلاج وارتفاع تكاليفه في بعض الاحيان وعدم وجود مستشفي عالمي بالبحر الاحمر يليق بمكانة المحافظة السياحية وقلة مياه الشرب النقية والصرف الصحي في بعض المدن وافتقاد شبكة موحدة للربط الكهربائي بين مدن المحافظة وتدهور الصيد ووصلة الي ارقام مخيفة حتي اصبح انتاج محافظة البحر الاحمر لا يغطي 1٪ من الانتاج السمكي علي مستوي الجمهورية رغم طول ساحل المحافظة الذي يمتد لمسافة 1080كيلو مترا من حلايب وشلاتين حتي السويس هذا بخلاف مشكلات البطالة التي تدفع بعض الشباب الي الزواج من اجنبيات مسنات وما يترتب علي ذلك من مشكلات عديدة ابرزها فقدان الهوية. البحر الاحمر تقف علي اعتاب التغيير مع انتخابات مجلس الشعب 2010وقد شاهدنا العديد من السلوكيات السيئة التي تدين مرشحي الحزب الوطني خلال الفترة الماضية مثل احتكار المواقع المميزة والميادين المهمة لتعليق الدعاية الانتخابية وشراء اصوات الناخبين ب300 جنيه للصوت الواحد اضافة الي البذخ في الدعاية الانتخابية حتي وصل طول بعض اليفط الي عشرات الامتار وظهور بعض تجار الانتخابات الذين يطلقون الوعود ويتعهدون بحل المشكلات وبعد الانتخابات يختفون تماما.. اهالي البحر الاحمر يحلمون اليوم بالتغيير الحقيقي لا المزيف وبتغيير البرامج والافكار التي يتبناها نواب الحزب الوطني الي افكار وبرامج نواب الوفد والذين يخوضون انتخابات الكرامة علي مقعدي الفئات في الدائرة الجنوبية شاهيناز الدمراني علي كوتة المرأة وياسر عبد الحميد فئات في الدائرة الشمالية. اننا نعلم ان العصبية والقبلية تلعب دورها في العملية الانتخابية حيث يعطي الناخبون اصواتهم لهذا المرشح أو ذاك حسب قبليته ومكانتها الاقتصادية والاجتماعية باعتبار ان نجاح نائب القبلية فيه اعلاء لها وعلو لمكانتها بين القبائل والعائلات الاخري ولكننا نثق ان مصر تمر بمرحلة فارقة في تاريخها وانها علي اعتاب التغيير الكبير وان الناخبين بلغوا سن الفطام السياسي ويحملون بالتغيير الحقيقي لا المزيف وبالاصلاح الشامل لا الجزئي وبالتالي يجب ان يكون انتماؤهم.. للوطن.. لا القبلية.. البحر الأحمر.. لا للعشيرة. نحن هنا لا نقلل من الانتماء القبلي فهو مهم واساسي للترابط الاجتماعي والوجاهة وصلة الرحم ولكن التركيز عليه قد يدفع للعنف احيانا ونعتقد ان المكان الطبيعي للانتماء القبلي هو المناسبات المهمة مثل الافراح وواجبات العزاء والمشكلات الاجتماعية الطارئة التي يقع فيها بعض ابناء القبلية الواحدة ولكن الواجب الوطني والسياسي يحتم تجاوز ذلك عند اختيار نواب البرلمان.. لتعلو المصلحة العامة.. فوق الخاصة.. فالوطن قبل القبيلة!!