يسأل الكثير من الناس لماذا رفع الله تعالى سيدنا إدريس مكاناً علياً فأجاب الشيخ عطية صقر رحمه الله رئيس لجنة الفتوى بالازهر الشريف فقال قال المفسرون : إن الرفع فى الآية إما رفع مكان وإما رفع مكانة ، وقد رفع الله إدريس عليه السلام إلى السماء الرابعة كما قال كثير منهم ، وقيل إن الرفع هنا هو رفع منزلة وقدر وشرف . وكل الأنبياء مرفوعة منزلتهم . وسبب الرفع لم يرد به خبر صحيح ، وهى أقوال منسوبة لابن عباس وكعب الأحبار ووهب بن منبه وغيرهم ، منها أنه لما أصابه وهج الشمس تعجب كيف يتحمله الملك الذى يحمل الشمس وسأل ربه أن يخفف عنه ، فلما علم الملك بذلك أراد أن يكافىء إدريس ، فجمع الله بينه وبينه ، وطلب إدريس منه أن يشفع له عند ملك الموت ليؤخر أجله . وقيل طلب منه أن يريه الجنة فرفعه إلى السماء الرابعة فقبض ملك الموت فيها روحه ورفعها إلى الجنة ودفنت جثته فى السماء الرابعة، وقيل غير ذلك . وفى حديث الإسراء جاء فى رواية مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم وجد إدريس فى السماء الرابعة . تحدث القرطبى فى تفسيره "ج 11 ص 119 " عن كلام ابن وهب فى مقابلة ملك الموت لإدريس وإدخاله الجنة وأمر الله له أن يخرج منها، وقال : إنه حى هناك تارة يرتع فى الجنة، وتارة يعبد الله مع الملائكة فى السماء . كما ذكر القرطبى أنه أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبس المخيط ، وأول من نظر فى علم النجوم والحساب وسيرها ، قال بعض المحققين : إنه نشأ ودعا إلى التوحيد فى منطقة أسوان جنوبى مصر . وذكر القسطلانى فى المواهب اللدنية والزرقانى فى شرحها "ج 6 ص 71 " ما نقل عن كعب الأخبار أن إدريس توفى فى السماء الرابعة ولم تكن له تربة فى الأرض ، وقال ابن المنير، اختلف فى إدريس هل رفع إلى السماء بعد موته كغيره من الأنبياء ، أو إنما رفع حيا وهو إلى الآن حى كعيسى ، وكل ذلك من الإسرائيليات والله أعلم بصحتها ولم يثبت رفعه وهو حى من طريق مرفوعة قوية . وجاء فى " مشارق الأنوار للعدوى " ص 14 أن العلماء اختلفوا فى أنه حى فى السماء أم ميت فقال قوم هو ميت ، وقال قوم : هو حى، وقالوا : أربعة من الأنبياء أحياء ، منهم فى الأرض اثنان وهما الخضر وإلياس عليهما السلام ، واثنان فى السماء وهما عيسى وإدريس ، كما ذكره الخازن فى تفسيره . وكل هذه أخبار غير موثقة من قرآن أو حديث صحيح ، ولا يجب علينا أن نؤمن إلا بأن إدريس عليه السلام من الرسل وأن الله رفع منزلته ، وما وراء ذلك من كونه فى السماء الرابعة حيا أو ميتا لا نلزم باعتقاده.